Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تسطيح الوعي في العالم العربي

أحمد منصور تلعب الثقافة والمعرفة دورا مهما في تعميق معرفة الانسان بما يدور حوله من أحداث وقدرته على تقييمها ومن ثم اتخاذ القرارات المناسبة للتعامل معها ، ولأن المعرفة تعمق الوعي لدى الناس وتلعب الدور الرئيس في ضبط إيقاع حركة المجتمع والعلاقة بين الحاكم والمحكوم فإنها عادة ما تكون محور المعركة بين الحكام المتسلطين و الشعوب المقهورة ، ومن ثم فإن تسطيح الوعي وتجفيف منابع المعرفة يبقى السلاح الأهم في معركة الحرية والعدالة والمساواة التي تكافح الشعوب المقهورة من أجل تحقيقها ، ولنا أن نتخيل مساحة الوعي لدى الشعوب العربية في ظل تفشي الأمية والفقر بين النسبة الأكبر منها وهو ما يمكن الأنظمة من الهيمنة على الجانب الأكبر من هذه الشعوب ، ويجعل الشعوب تنساق بسبب ضعف المعرفة أو انعدامها وراء ما يقدم لها من معلومات ضحلة أو معرفة مسطحة تقودها إلى حيث يقودها من يحكمها ، من ثم فإن زيادة الوعي وتعميق المعرفة لدى الناس هي التي يمكن أن تخلق منهم جيلا يفهم أبعاد ما يجري ويستطيع أن يطالب بحقوقه وأن يحقق حريته وأن يقر العدالة والمساواة في المجتمعات .

والطريق إلى تحقيق ذلك يحتاج أولا إلى رغبة وإرادة من الشعوب ، ومصلحين يتقدمون الصفوف بشجاعة ويزيدون الوعي لدى الناس بدأب لأن المعرفة مثل الحرية لا تمنح وإنما تنتزع ، و الشعوب الحية تعرف كيف تنتزع حريتها وكيف تعمق معرفتها وكيف تفرض رأيها وتشارك الحكام في تقرير مصيرها ، ولهذا نجد أغلب البشرية بشكل عام تميل نحو الخنوع وعدم الرغبة في المغالبة والحصول على الحقوق من خلال التدافع وأغلب المصلحين يريدون أن يكونوا رجال الحاكم حتى يحصلوا على الامتيازات والعطايا والهبات ويتجنبوا الدخول في المواجهات والمتاهات وتكاليف الاصلاح الباهظة .

ولأن سنن الله الربانية تمنح للمؤمن وغير المؤمن طالما أخذ بالأسباب فإن هذا من العوامل الأساسية في تقدم الأمم غير المسلمة في هذا الزمان حيث أخذ هؤلاء بالأسباب بينما تراخى المسلمون وتراجعوا ، فإذا رأيت أمة خانعة فاعلم أن شعبها لديه نقص هائل في المعرفة وتسطيح هائل في الوعي وأنظمة حكم تمارس القمع والكبت ولا تسمح بالمعرفة أو الحريات ، وإذا رأيت أمة تقود فاعلم أنها تقود بالمعرفة أولا ثم بحيوية شعوبها ووعيها والعدالة النسبية في مجتمعاتها .

ومن أسباب تراجع المعرفة في العالم العربي وتسطيح الوعي غياب المصلحين الشجعان الذين يطرحون آراءهم بجرأة ويقودون الشعوب إلى المعرفة ويتقدمون الصفوف حاملين مشاعل المعرفة يحاربون تسطيح الوعي ويوقظون الضمائر ويرسمون الطريق للناس فإذا ظهر هؤلاء في الأمة فاعلم أنها قد بدأت طريقها نحو التحرر من ربقة الجهل والظلم والاستبداد ، أما إذا غاب هؤلاء أو تواروا أو آثروا ما عند الحاكم على ماعند الله فاعلم أن الطريق لازال طويلا .
سياسة | المصدر: أحمد منصور | تاريخ النشر : الثلاثاء 11 اكتوبر 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com