Akhbar Alsabah اخبار الصباح

احذروا سقوط البراميل على الحراك الثورى

الحراك الثورى شهدت البلاد حراك شعبيًا كبيرًا خلال الفترة التى تبعت بيع الجزيرتين للملكة العربية السعودية، حيث اشتركت جميع الطوائف دون تنسيق أو انذار بل خرج الجميع للدفاع عن الأرض والعرض التى فرط فيها العسكر للكفيل.

الكاتب حاتم أبو زيد، كشف عن مخططات الانقلاب التى تبعت تظاهرات الأرض فى 15 أبريل وسبقت خروج الحراك يوم الخامس والعشرين من نفس الشهرحتى نجحت فى اخماده عقب الاحتفال بعيد العمال بدلاً من اشتعاله مرة آخرى، ولولا أحداث نقابة الصحفيين التى تتجه إلى الإخماد الآن لمر الأمر وامتثل الجميع للأمر الواقع، مما يعنى شئ واحد فقط وهو أن التصعيد من الأساس جاء من طرف سلطات الانقلاب دون غيرها.

وقال الكاتب فى مقاله الذى نشر بموقع "عربى 21"، أن الحراك قد اختفى من العاصمة لأن قيادات التيارات الإسلامى كانت تنتظر من الآخرين الإعلان عن النزول والتصعيد بالعاصمة، لأن حينها ستتوقف يد الداخلية عن تصفية مؤيدى الشرعية كما تفعل، وستكتفى بالغاز والاعتقال، مشيرًا إلى أن التظاهرات التى لا يتصدرها الإسلاميون سيتابعها الرئيس الأمريكى وربما يتحدث عنها الأمين العام للأمم المتحدة، وستخرج التحذيرات الدولية بعدم ارتكاب مجازر تجاه الثوار وبالتالى سيضمن المتظاهرون قدرًا ن الأمن النسبى، حسب الكاتب.

واضاف الكاتب قائلاً" باختصار لم تجد قيادات التيار الإسلامي من تختبئ خلفه، فمن أجل ذلك تراجعت خطوة للوراء، واكتفت بالحراك النمطي بعيدا عن العاصمة".

وتابع الكاتب فى حديثه عن التيارات المدنية الآخرى قائلاً أنهم أيضًا تراجعوا خطوتين للوراء ولم تصعد، إذ لا رموز لديها، فرموزها حرقت جميعها، وآخرها كان المرشح السابق للرئاسة الذي حصل على بضعة آلاف صوت، والذي صرف الحراك المفاجئ بدلا من أن يستغله، واختفى في يوم الحراك الثاني. ومن ثم تلفتت يمنة ويسرى فلم تجد لها قيادة تلمعها لتعلو فوق أكتاف الجماهير وتضحياتها. فالإعلان عن النزول للتظاهر والتصعيد سيلقي بالثورة في حال نجاحها في حجر الإسلاميين.

وأوضح الكاتب، أن هذه النمطية هى ما تجعل الحراك الثورى متوقف فى مكانه يعلو مرة لترتفع فيه الآمال، ليهبط بعدها مرة آخرى ولا تقترب من طريق الحسم، وأي تغيير سيكون بيد الأطراف والقوى الدولية والإقليمية لأغراضها وأهدافها، والحراك والجماهير وقود لا أكثر.

وأشار الكاتب إلى أن هناك اعتراف ضمني من الطرفين بالوصاية الخارجية، وعدم القدرة على الحسم وتغيير الصورة منفردا، التيار المسمى بالمدني لا إشكال لديه.

وقارن قائلاً، أما التيار الإسلامي، فعلى الرغم من قوته الجماهيرية واستعدادها للتضحية، يعلم أنه غير مقبول دوليا أو إقليميا، ولذا قيادته تخشى الحسم بعيدا عن الرغبة الدولية والإقليمية حتى لا تأتيها الإجابة: حلب، وأخواتها السابقة أو اللاحقة.

تلك هي الحقيقية التي ربما لن تصرح بها الأطراف، وتقدم بدلا منها حديثا عن انتهاء حالة الاستقطاب، وعودة روح يناير، والتقدم الثوري وأن الصراع يحسم بالنقاط، ووعي الشباب وضرورة قيادته للحراك، وغير ذلك.

وخير من هذا حديث المصارحة؛ كما فعل أسعد بن زرارة رضي الله عنه يوم العقبة، حين أراد الأنصار مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوته للهجرة للمدينة، وإقامة الدولة. فقال: رويدا أهل يثرب، إن إخراجه اليوم (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) مفارقة للعرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم، وقتل خياركم، فخذوه وأجركم على الله، وإما تخافون من أنفسكم خيفة، فذروه هو أعذر لكم عند الله.

وأشار الكاتب إلى أن الحل السياسي كان ضروريا، وقد أدى دوره واستنفذ أغراضه ووصل لهدفه. فقد أعلن الحل السياسي عن فقد الأنظمة القائمة لأي مشروعية، من رضا جماهيري، أو انتماء وطني، أو مواجهة لأعداء الأمة، أو حفظ للأرض أو الثروات، أو إنجاز لمشروع حضاري، ومن ثم فقدت هذه الأنظمة أي مبرر أخلاقي لبقائها، وباتت تخير الشعوب بين العبودية والقتل.

مضيفًا أن الاستمرار في الحل السياسي إن لم يكن عودة للوراء، فهو جري في المكان في أفضل الأحوال، ومنح مشروعية مجانية لأنظمة لا أخلاقية. وأمام إصرار الأنظمة على البقاء واستمرار دعم المنظومة الدولية لها، لم يبق إلا الحل الثوري.

وخاطب الكاتب النخبة الإسلامية قائلاً، فإن كانت القيادة تخشى على الجماهير من مصير حلب أو الرقة، وهذا ليس عيبا، فلتخبر الجماهير بالحقيقة لتختار طريقها. فإن كانت الأنظمة اللا أخلاقية تخيرهم بين أن تحكمهم أو تقتلهم، فقد تختار الجماهير أن تحيا في ديارها كريمة، أو تحيا عند ربها كريمة. وعلى أي حال كان الأمر سيكون هو خيارها عن بصيرة.

وأوضح وليس المراد بالحل الثوري تكرار التجارب الفاشلة التي مرت بها تلك الحلول، فقد انتهت تجربة طالبان تحت القصف الجوي، ويتم اليوم إجهاض التجربة السورية تحت القصف الجوى أيضا، وتنظيم الدولة ليس بأحسن حالا منهما، فقد تم طرده من عين العرب (كوباني) تحت وقع أكثر من 15 ألف طلعة جوية لم تبق بها حجرا على حجرا. وهكذا، إذا توقف القصف الجوي تمدد، وإذا نشط انكمش. وما يسيطر عليه من أرض ليس ذا قيمة استراتيجية، بل هو محصور فيما يشبه معسكر الاعتقال.

وحتى خارج هذه التجارب، فقد اختفى الجيش العراقي النظامي بدباباته وصورايخه وآلياته في أقل من شهر تحت القصف الجوي والصاروخي.

واختتم الكاتب قاله قائلاً، لا تنتظر من أحد أن يمدك بمضادات للدروع أو الطائرات، فقد أخبركم أسعد بن زرارة أن هذا فيه: مفارقة للعرب كافة. فاعتبر بمن سبقك، حتى لا تكون عبرة لغيرك، وانزع شوكك بيدك.

التجارب الناجحة جاءت في حركة جماهير واعية شكلت حاضنة شعبية، لم تترك نهبا للبطش يعصف بها كيف شاء، ولم تترك السماء حكرا على الخصوم، وإنما شاركتهم، فحققت قدرا من التوازن أبقاها حتى الآن.
سياسة | المصدر: جريدة الشعب | تاريخ النشر : السبت 07 مايو 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com