Akhbar Alsabah اخبار الصباح

أبو يحيى المصري.. واحد من الناس!

أحمد الشرقاوي علمتني مهنة الكتابة أن أتفحص الملامح، وأن أقرأ لغة الجسد وتعبيرات الوجوه قبل لغة الكلام.. ومنطق اللسان.
فالوجه تعبير عن مكنون الصدر.. عن خلجات الضمير.. عن نبض القلب.

وجه أبو يحيى المصري كتاب مفتوح، تستطيع من خلاله أن تقرأ الرجل بكل سهولة ويسر وبساطة.. لديه ابتسامة لا تفارقه تخفي خلفها مسحة حزن عميقة، بركان من الغضب المكتوم الذي يجاهد لكي يخفيه عن المحيطين به.. من تحت نظارته الطبية تلمح بريق عينيه يشع مودة وترحابا وتساهم لحيته الخفيفة وملابسه البسيطة الأنيقة في رسم صورة تقترب من قلب من يعرفه لأول مرة.
عندما تتحدث معه، تكتشف طاقة غضب هائلة داخله تجاه الأوضاع الكارثية الحالية لمصر والمصريين.

ورغم أنه يعيش في الخليج منذ سنوات، فإن مصر تعيش فيه بكل متاعبها ومشاكلها وآلام المخاض الطويلة التي تعاني منها منذ عقود. عرفته عندما كنت ذاهبا إلى صديقي المهندس محمود عثمان في مقر شركته، بحضور المهندس أحمد عبدالسلام، ولم أكن أعرف العنوان بدقة، فاتصلت بهما، فقال أحدهما إن المهندس (حمدي عبدالعاطي) سوف يرشدك، وبدأت الحديث معه، فإذا به يعرف صوتي دون أن يخبره أحد عمن سيتحدث إليه، وإذا به يميز صوتي من خلال أحاديثي التلفزيونية والإذاعية.. واكتشفت أنه المدير العام للشركة وهو شريك فيها. كان انطباعي الأول عنه أنه ذكي ولماح، ولما وصلت للمكان بدأ حديثا مسترسلا في موضوعات شتى.. اكتشفت حينها أن لسانه أيضا لا يخفي ما يفكر فيه، فهو ينطلق بعفوية واسترسال ليقول كل شيء في نفسه. وهو ما اعتبرته من علامات طيب السريرة وصفاء النية والطوية.

أبو يحيى المصري الشهير بالمهندس حمدي عبدالعاطي من أبناء محافظة المنوفية.. من شبين الكوم ويبلغ من العمر 56 عاما وتخرج في كلية الهندسة من جامعة المنوفية وخدم في الجيش المصري كضابط احتياط، واحترف مجال الأعمال وعمل في العديد من الشركات وقام بتأسيس العديد من المشروعات الناجحة خصوصا في منطقة الخليج.

ولكن هذه الزاوية لم تكن الأهم بالنسبة لي - رغم أهميتها- فالرجل نموذج للمواطن المصري المهموم بقضايا بلده وأمته.. يتابع بدقة تفاصيل الحياة في مصر وتفاصيل نضال المصريين من أجل الحرية والكرامة خصوصا بعد إطاحة العسكر في يوليو 2013 ببريق الأمل، في وصول هذا النضال الطويل من المصريين إلى مرفأ آمن، يتم من خلاله حل معضلة التداول السلمي للسلطة، باحترام إرادة الشعب والاحتكام إلى صناديق الانتخابات لا صناديق الذخيرة.

أبو يحيى المصري نموذج صادق لملايين المصريين المتفائلين بحذر من أحداث الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011، لكنه يؤكد أن براكين الغضب التي تعتمل في صدره موجودة في صدور ملايين آخرين، وأن تلك البراكين المشتعلة في مصر تنتظر فقط شرارة الانطلاق.

من المرات القليلة التي اختلفت فيها معه كانت قضية "الشرارة".. لأنني ببساطة أعتبر أن قلوب المظلومين ليست "براميل بارود" تحتاج لشرارة كي تنفجر. برميل البارود بارد.. ساكن.. هادئ، ينتظر من يفجره، لكن نفوس المصريين المضطهدين والمظلومين براكين حية.. ساخنة.. هادرة، لا تنتظر "عود ثقاب" لكي تنفجر لأنها هي من تحدد وقت انفجارها الطبيعي، وإن غداً لناظره قريب.
سياسة | المصدر: العرب القطرية - أحمد الشرقاوي | تاريخ النشر : السبت 23 يناير 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com