Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السياسة الإفريقية لمصر الجديدة

السياسة الإفريقية إذا اعتبرنا أنَّ مصر، تحت رئاسة محمد مرسي، هي جمهورية جديدة، وأنَّنا بالتالي بصدد رسم سياسات جديدة في كافة المجالات: الداخلية والخارجية، والسياسة العربية، السياسة بالنسبة لقضية فلسطين، السياسات الاقتصادية... إلخ، ويأتي من ضمنها، بالطبع إنْ لم يكن على رأسها، السياسة الإفريقية لمصر الجديدة- نقول: إنَّ السياسة الإفريقية لمصر هامة جدًّا على أكثر من مستوى:

أولا: لأنَّ حياة مصر ترتبط بإفريقيا شكلًا ومضمونًا؛ فمياه النيل التي تشكل شريان الحياة الرئيس لمصر تأتي من إفريقيا، من النيل الأزرق بنسبة 80%،ومن النيل الأبيض بنسبة 20%؛ أي أنَّ علاقاتنا بدول الحوض التي تبلغ حوالي 9 دول هي علاقات حيوية جدًّا وهامة جدًّا، وعلاقاتنا بدول آخرى قريبة من دول الحوض ذات علاقات بدول الحوض هي الآخرى هامة جدًّا، وعلاقاتنا بالسودان شمالًا وجنوبًا هي الأهم في هذا الصدد، وخاصة، بالنسبة للسودان الشمالي الذي يمر به كلٌّ من النيل الأبيض والنيل الأزرق معًا؛ أي 100% من مياه النيل.

فضلًا عن أنَّ العلاقة مع السودان– خصر مصر الجنوبي– هي علاقة حيوية لأمن مصر، والعرب، ودول البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، وهي أمور باتت معلومة بالضرورة.

وهكذا، فإنَّنا ندعو أنْ تكون سياسة مصر الجديدة بالنسبة للسودان سياسة شجاعة وواقعية معًا؛ فالسودان بدون مصر دولة بلا مقومات، ومصر بدون السودان دولة ناقصة المقومات.

ومن ثَمَّ فإنَّ وحدة مصر والسودان هي فريضة شرعية، وفريضة سياسية، وفريضة جغرافية، وفريضة استراتيجية، وبصرف النظر عن الإيمان بالوحدة الإسلامية التي تحتم وحدة مصر والسودان، والإيمان بالوحدة العربية التي تحتم نفس الشيء- فإنَّه لو كانت مصر أو السودان غير مسلمة أو غير عربية فإنَّ وحدة البلدين يظل ضرورة وفريضة ولا بديل له.

يجب على السياسة المصرية الجديدة أنْ تسعى بوضوح وسرعة وحسم إلى وحدة مصر والسودان، وبدون تحقيق ذلك فإنَّه لا مستقبل لمصر ولا السودان، سوف تتفكك السودان وتضعف مصر، وربما نعطش ونجوع.

في إطار السياسة الإفريقية لمصر الجديدة فإنَّه يجب حماية منابع النيل وتأمينها، ولعل هذا كان ديدن كل الحكومات المصرية منذ الفراعنة وحتى محمد علي والخديوي إسماعيل، إلا حسني مبارك بسبب إهماله أو "غبائه" أو عمالته هو الذي أدى إلى إضعاف موقف مصر إفريقيا، ومن ثَمَّ وجود مخاطر حقيقية على حصة مصر من ماء النيل.

يجب بالطبع تحسين العلاقات مع دول الحوض والدول المرتبطة بدول الحوض، يجب التصدي لمؤامرات إسرائيل وأمريكا وفرنسا في هذا الصدد، لكن قبل هذا وبعده يجب الإمساك بأوراق قوية للضغط أو التلويح بالضغط؛ سأضرب على ذلك مثلًا:

بالنسبة لإثيوبيا- مثلًا- فإنَّ 53% من مساحة إثيوبيا تسمى إقليم أوجادين، ومعظم الأمطار التي تأتي إلى النيل تسقط على هذا الإقليم، وهذا الإقليم يسكنه صوماليون عرب مسلمون سُنَّة- مثل الصوماليين عمومًا- وهم يسعون إلى العودة إلى الوطن الأم "الصومال"، وهناك حركة لتحرير هذا الإقليم، ومن ثَمَّ فإنَّ دعم هذا المطلب بأكثر من طريقة، حتى ولو على المستوى الشعبي المصري والعربي- يعطي مصر ورقة قوية تستطيع أنْ تلوح بها في علاقاتها مع إفريقيا.

وكذلك فإنَّ توحيد الصومال تحت حكومة مستقرة يعني أنَّ الصوماليين سيسعون للحصول على حقوقهم التاريخية في مناطق موجودة بإثيوبيا أو كينيا أو أوغندا، وكلها أوراق مصرية عربية إسلامية بامتياز يجب على الدكتور محمد مرسي وإدارته أنْ يفهموا هذه الجغرافيا السياسية والثقافية والدينية في منابع النيل، وأنْ يتميزوا بالخيال والشجاعة وسرعة العمل، وإلا فإنَّنا سنظل أسرى لحسن أداء النظام الإثيوبي أو تفضله وعدم تفضله علينا، وإذا لم يستطع الآن أنْ يعاكسنا استطاع غدًا.

ومن ثَمَّ فإنَّ حسْن العلاقات مع إثيوبيا ليست حلًّا وحده، بل امتلاك أوراق قوية نملك بالفعل منها الكثير على مستوى التركيبة السكانية والعرقية والدينية لإثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل.
سياسة | المصدر: الإسلام اليوم | تاريخ النشر : الخميس 02 اغسطس 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com