فى مقال جامع للكاتب الصحفى سليم عزوز تم نشره اليوم على موقع "عربى 21" كتب فيه مستنكراً محاولات مطبلتيه كل الأنظمة من الإعلام الحكومى وغيرهم من أصحاب المصالح فى فرض الأكاذيب على الشعب المصرى.
ورصد عزوز عدة ظواهر من أيام المخلوع حسنى مبارك وهى "طشة الملوخية" فقد تكررت فى عهده وبعد الثورة وقبل الانقلاب على الرئيس محمد مرسى وفى عهد قائد الانقلاب أيضًا عبدالفتاح السيسى رابطًا بين كل ذالك وبين طشت الملوخية.
وقال عزوز فى بداية مقالة "أين ينام السيسى"، لم نكد نعرف عدد ساعات نوم عبد الفتاح السيسي في اليوم، حتى فوجئنا بأن أحدا لا يعرف أين ينام السيسي؟!
وأضاف عزوز: صحفية تتبوأ منصب مدير تحرير جريدة: "المساء" الرسمية، يبدو أنها قريبة من الرجل أخبرتنا في مداخلة تلفزيونية لها، بأنه لا ينام أكثر من ساعتين في اليوم. علما بأنه الحد الأدنى لعدد ساعات النوم لمن في سنه ليستعيد لياقته، ينبغي ألا تقل عن ست ساعات في اليوم الواحد، ولكن وكما قالت كوكب الشرق "أم كلثوم": "فما أطال النوم عمرا"!.
شغلني ما قالته الصحفية، وفكرت في الكتابة عنه، قبل أن أفاجأ بما نشر في مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، من أن أحدا لا يعرف أين يبيت عبد الفتاح السيسي؟. وكما قالت الصحيفة أن السيسي يخالف البروتوكول ويبيت في مكان غير معلوم، خوفا من التهديدات الأمنية، بعد أن زرع قنبلة بالقرب من القصر الرئاسي!.
وأوضح عزوز أنه هكذا تبين أن عبد الفتاح السيسي، لا ينام "في الطَل"، وفي العراء، لتتمكن مديرة تحرير جريدة "المساء" من أن تحيط علما بساعات نومه، وإن كانت لم تخبرنا إن كان ينام الساعتين نوما متقطعا، أم مستقرا، وهل غفوة القيلولة محسوبة منهما، أم إنه لا ينام في هذه الفترة التي ينصح بها الأطباء، ولو بإغلاق العينين لخمس دقائق دون نوم!.
من الواضح أن الصحفية المذكورة بما قالت، وبعد أن تبين أن أحدا لا يعرف أين يبيت السيسي، أنها تتقرب إليه بالنوافل، ولتخبر المصريين بالعذاب والضنى الذي يعيش فيه السيسي تضحية منه لحكمنا، ولتذكرنا بمقال "طشة الملوخية" الشهير!.
فقد كان فيمن قبلكم صحفي يدعى "ممتاز القط"، جرى تعيينه رئيسا لتحرير جريدة "أخبار اليوم"، في اختيار مثل مفاجأة، لأنه لم يكن من الصحفيين المعروفين في هذه المؤسسة الصحفية العريقة. واجتهد ليثبت أهليته لهذا المنصب، فكتب عن التضحيات الجسام التي يقدمها "حسني مبارك" مقابل أن يتنازل ويحكمنا؛ فهو محروم من الذهاب لدور السينما، ومحروم من أن يمشي في الشارع، ومحروم من "طشة الملوخية". فأضحك بما كتب الثكالى، ولم يوضح أسباب هذا الحرمان من "طشة الملوخية"، وهل لأن حكمنا يستدعي أن يظل الرئيس بصحة جيدة، بما يفرضه عليه هذا البعد عن "الطعام المسبك"، وأن يأكل "ني في ني"؟!.
وطرح عزوز سؤالا وهوا لماذا "طشة الملوخية" بالذات، التي ضرب بها مثلا، وأنواع الطعام التي يشملها المنع الطبي، كثيرة؟.. لكن بمرور الوقت عرفنا ما تمثله "الملوخية" للمصريين!.
رجل الأعمال نجيب ساويرس عندما هرب إلى باريس مدعيا اضطهاد الحكم الإخواني له لأنه من الأقليات، قال لتأكيد مدى معاناته في الغربة إن ابنه اشتاق للملوخية، وذلك للدلالة على وطنية الفتى الذي كان يستطيع أن يكون جزءا من الثقافة الغربية؛ لأنه مولود وفي فمه ملعقة من الذهب، لكنه تمسك بمصريته، فاستبد به الشوق للملوخية!.
ساويرس كان يؤكد أنه وابنه المحروم من الملوخية، يدفعان ثمن موقفه المعارض للحكم الديني، ولم يهتم الحكم الإخواني بإعلان الحقيقة للرأي العام، بما يمثل إضافة للخيبة الثقيلة لهذا الحكم في إدارة المعارك، وترك ساويرس يقوم بدور السياسي المضطهد، وعندما علمنا سبب الأزمة، كان الحكم الاخواني يرتكب خيبة جديدة بإرسال مندوب من الرئاسة لمطار القاهرة ليستقبل نجيب ساويرس في صالة كبار الزوار في أثناء عودته الميمونة، ليعب نجله الملوخية عبا!.
القصة وما فيها أن الأزمة لم تكن بسبب المواقف السياسية لرجل الأعمال المذكور من الحكم الديني، وإضاعة هوية مصر، ولكن لأنه تمت مطالبته بسداد 11 مليار ضرائب مستحقة عليه، وعندما توصلوا معه لتسوية عاد إلى مصر بلد الملوخية!.
واستطرد عزوز قوله: ومؤخرا، أصدرت وزيرة في حكومة السيسي بيانا بمناسبة إجازة العيد؛ ولأنها ظنت أنها تنتمي إلى زمن كان الوزير فيه من طبقة النبلاء، ليصبح تواضعها مما يحسب لها، وحياتها الخاصة تمثل اهتماما لدى العامة، فذكرت في بيانها أنها "ست بيت ماهرة"، وأن زوجها يحب "الملوخية بالأرانب".
عندما قالت هذا أيقنت أن المذكورة من زمن ولى، فقد كانت "الموضة" قبل ربع قرن عند استضافة فنان أو فنانة تلفزيونيا ويتم سؤاله عن أكلته المفضلة؟ فقد كانت الإجابة الموحدة هي "الملوخية بالأرانب"، ولأن نفسي كانت تفزع من أكل الأرانب، فقد كنت دائما أسأل عن العظمة في هذا؟!
وتحدث أيضًا عن وزيرة محلب قائلاً أن سلوك الوزيرة، ذكرنا بما فعله الدكتور هشام قنديل عندما اختاره الرئيس محمد مرسي رئيسا للحكومة، وقد نشرت الصحف صوره وهو يتسوق بنفسه ويمشي في الشوارع المحيطة بمنزله بالملابس الرياضية؛ لإثبات التصاقه بالشعب وهو ما كتبت أنتقده، تماما كما قمت بهجاء رئيس الحكومة في عهد المجلس العسكري الدكتور عصام شرف، عندما ذهب ليثبت تواضعه فاصطحب عائلته إلى مطعم "فول وفلافل" ليتناول إفطاره في حضور كاميرات التلفزيون والصحفيين ومصوري الصحف!.
كان رأيي أننا تجاوزنا بالثورة مرحلة الوزير القادم من كوكب المريخ، والإثبات القسري للتواضع يدخل في باب البروباجندا، لاسيما وأن من تم اختيارهم كانوا "غلابة" فعلا، وإنما ما يعنينا الآن هو مدى أهلية الشخص للمنصب، وقدرته على الإنجاز، ومدى انحيازه للثورة.
لا بأس، إن كان ما ذكرته مديرة تحرير جريدة "المساء" من أن السيسي لا ينام سوى ساعتين في اليوم هو على منوال مقال "طشة الملوخية" المحروم منها مبارك، لأنني لا أعتقد أن سهر أي مسؤول الليالي مما يمثل إنجازا عند التقييم، فنحن نريد رئيسا يأخذ كفايته من النوم، ويحصل على إجازته الأسبوعية والسنوية، والإجازات المرضية والاعتيادية، لينجز إنجازا ملموسا، وهو ما نفتقده في قائد الانقلاب، فمن أحبط به عمله، لن يسرع به سهره!.
المهم هنا، أن هذا الإعلان من مديرة تحرير "المساء" يمثل تطاولا على مقام الرئاسة؛ لأنه يدخل في جانب منه لمحاولة "ادعاء القرب"، وإلا فما معنى أن تعرف أن السيسي لا ينام إلا ساعتين في اليوم، وبحسب الصحيفة الأمريكية لا يعرف أحد أين يبيت؟!.. ليبقى السؤال الأهم: أليس من حق المصريين الذين عرفوا أين يقيم عبد الناصر، والسادات، ومبارك، ومرسي، بل وعدلي منصور، أن يعرفوا أين يقيم السيسي، حتى لا تطفو على سطح الذاكرة أغنية العندليب: "وحبيبة قلبك يا ولدي ليس لها عنوان"؟!
إخفاء مكان إقامة السيسي هو بسبب الهاجس الأمني، وقد ذكرت الصحيفة الأمريكية أن المصريين يقولون إن السيسي تعرض لمحاولتي اغتيال، وفي الواقع أن المصريين لم يقولوا هذا، ولكن السيسي هو ما أعلنه بنفسه عندما ترشح رئيسا، وتركنا حيارى لا نعرف الجهة التي كانت تقف وراء محاولة اغتياله، وهل أصيب أم إن "العين أصابته ورب العرش نجاه"، وهل تم القبض على الجناة، أم إنهم لاذوا بالفرار!.
هذا الخوف لا يبدده أن يعود السيسي لفيلم "ركوب الدراجات"، والإعلان عن أنه استغل الهدوء بسبب مباراة كرة القدم بين الأهلي والزمالك وسار في شوارع مصر الجديدة، للتأكيد أن شعبيته الجارفة وراء شعوره بالأمان، لدرجة الخروج للشارع، فكلنا نعلم أن هذا عمل من أعمال الدراما الهندية!.
وما نعلمه أيضا أن الرجل على يقين من أن شعبيته لا تؤهله للشعور بالأمن، أو الإحساس بأنه نتاج إرادة المصريين؛ لذا فإنه يدير نظامه بالقبضة الحديدية، ويزعج النظام أن يشير طفل بعلامة رابعة، أو أن يكتب كاتب مقالا ضد سياساته!
واختمم عزوز قولة لقد شاهده العالم، في زيارته لرجال الجيش بسيناء، وكيف أن حراسه غير معروفي الهوية يصوبون فوهات بنادقهم في اتجاههم، في مشهد غير مسبوق، ولم يحدث من الرئيس المدني الدكتور محمد مرسي الذي لا ينتمي للمؤسسة العسكرية.
إنه الخوف يحكم مصر.