"مفيش.. مش قادر أديك.. إيه المشكلة أن يُظلم جيل أو جيلين من أجل تحسين ظروف الأجيال القادمة" هكذا بدأ قائد الانقلاب مخاطبة المصريين في أول لقاءاته بعد هزلية سطوه على كرسي الحكم ليكشف عن ملامح عهد جديد من الاستبداد والاستعباد، كما كانت دعوات التقشف وربط الأحزمة على البطون والسير على الأقدام ودعوة المصريين في الخارج للتبرع بشهر من رواتبهم هي أبرز دعواته في الأيام الأولى؛ حيث تبخرت في لحظات وعود "أد الدنيا"، ولكن عملا بمبدأ "احنا شعب وانتو شعب" والذي أرساه الانقلاب العسكري كانت دعوات التقشف والزهد وتقسيم رغيف الخبز مقصورة فقط على المطحونين والفقراء، فيما ينعم جنرالات العسكر بكل وسائل الرفاهية.
وكان من المفارقات الغريبة التي أثارت حفيظة المصريين وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي أنه بعد خطاب قائد الانقلاب الذي وجه فيه الدعوة للمصريين بالتبرع والتقشف تحرك إلى زهراء مدينة نصر لافتتاح نادي وفندق القوات المسلحة الذي أقامته إدارة الأشغال العسكرية والمقام على مساحة نحو 35 فدانًا وبتكلفة ملايين الجنيهات، هذا النادي يضم مجمعًا متكاملاً للملاعب الرياضية، يشتمل على ملعب لكرة القدم وتراك على مساحة 15 ألف متر مربع، وملعبين للكرة الخماسية على مساحة 2750 مترًا مربعًا، وملعبين للتنس بمساحة 1400 متر مربع تم تجهيزها وفقًا لأرقى المواصفات القياسية. وبالتوازي انتشرت صورة للسيسي يجلس إلى جانب وزير داخلية الانقلاب وكبار المسؤولين على مائدة عليها أفخر أنواع الطعام.
وكان قد سبقها إنفاق المليارات في هزلية الانتخابات الرئاسية؛ حيث تم إهدار 1.2 مليار جنيه أي نحو 168 مليون دولار بحسب تقدير وزارة مالية الانقلاب والتي اعترفت بأن التكلفة ارتفعت عما كان مقدرًا لها بـ800 مليون جنيه؛ أي 112 مليون دولار، وذلك بسبب تمديد الاقتراع يومًا إضافيًا.
ورغم أن التكلفة التي أعلنتها وزارة مالية الانقلاب تبدو باهظة فإن خبراء الاقتصاد أكدوا أن تصريحات المسئولين بوزارة المالية تتنافى بشكل فج مع الحقيقة، وأن حجم ما تم إهداره من أموال أضعاف هذه الأرقام المُعلنة.
تزيين الشوارع
بعد أحكام مسرحية الانتخابات وإعلان فوز قائد الانقلاب بالسطو على كرسي الحكم بأغلبية ساحقة استعدت قيادة الانقلاب لإهدار ملايين جديدة لحفل التنصيب؛ حيث تم إنفاق 500 مليون جنيه من أجل تزيين وتجميل شوارع القاهرة لتنصيب السيسي، وتشمل التكلفة عمليات التنظيف والتجميل للشوارع والميادين ومكافآت قوات الشرطة والقوات المسلحة التي تؤمن الحفل، كما بلغت تكلفة رفع كفاءة الطرق والشوارع المؤدية إلى ميدان قصر القبة فى هذا اليوم فقط 10 ملايين جنيه.
ماراثون الدراجات
بعد إهداره مليارات الجنيهات لتنصيبه خرج علينا في سباق الدراجات الذى أقامه قائد الانقلاب وحضره أهله وعشيرته من الفنانين والرياضيين والوزراء والجنود وبلغت تكلفته 8 ملايين جنيه بخلاف ما تسبب فيه الماراثون من تعطيل للعمل وإغلاق للشوارع والمحلات وتضييق على المواطنين، وكان السيسي يهدف من الماراثون لدعوة المواطنين للتقشف واستخدام "العجلة" أو المشي للذهاب إلى أعمالهم، أملاً في توفير المحروقات.
مؤتمر بيع مصر
وفي سياق متصل بلغت تكلفة المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شهر مارس الماضي بمدينة شرم الشيخ 100 مليون جنيه من أموال الشعب لإنفاقها على تجهيز الفنادق والوجبات والتنزه للحاضرين في المؤتمر, وبالرغم من مرور عدة شهور على انطلاق المؤتمر الاقتصادي لم تري له أي نتائج ملموسة على أرض الواقع رغم الحملة الصاخبة التي قادها الانقلابيون وإعلامهم المضلل في قدرته على إحداث طفرة كبرى في إنعاش الاقتصاد المصري ما جعل المصريين يعتبرونه فنكوش جديدًا من مشروعات قائد الانقلاب الوهمية.