ماسبيرو.. فور أن ينطق أحدهم بهذا الاسم يعبر أذهان الشعب المصرى خاصة أقباطه، شريط مصور من المشاهد البشعة وأصوات الصراخ والبكاء والعويل لأبشع مجزرة شهدتها المرحلة الانتقالية فى مصر، وتحديدا يوم الأحد الدامى 9 أكتوبر الماضى، عندما خرج الأقباط فى مسيرة حاشدة من شبرا إلى مبنى ماسبيرو تعبيرا عن غضبهم لهدم سكان من قرية المريناب بمحافظة أسوان كنيسة بدعوى أنها غير مرخصة، ورفضا لتصريحات محافظ أسوان التى اعتبروها مسيئة، وانتهت بمقتل حوالى 35 شخصا أغلبهم من الأقباط بعد مواجهات بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزى.
ورغم وضوح الصور ومقاطع الفيديو التى تشير إلى دهس الدبابات والمدرعات للمتظاهرين الأقباط، إلا أن حالة الغضب والسخط ارتفعت بشدة بعد أن نفى المجلس العسكرى دهس المتظاهرين أو إطلاق النار عليهم، وحملها لـ«جهات معينة تود زرع الفتنة»، وشاركوا فى معظم الفعاليات الثورية بعد المجزرة ضد المجلس العسكرى وعدم سقوط النظام المخلوع فعليا وللتصدى لمحاولات إجهاض الثورة.
لكن بعد 8 شهور من وقوع المجزرة التى لم تسفر التحقيقات فيها عن أى شىء، أعلن العديد من أقباط شبرا وباقى الجمهورية تأييدهم وانتخابهم للمرشح الرئاسى، أحمد شفيق، رغم أنه كان آخر رئيس وزراء للنظام المخلوع الذى تظاهروا مطالبين بإسقاطه. وهو الاختيار الذى أثار علامات استفهام كثيرة، واتهموهم بنسيان وبيع دم مينا دانيال وغيره من شهداء مجزرة ماسبيرو.
«إحنا منسيناش دم مينا دانيال ولا إخواتنا إللى ماتوا دهسا فى ماسبيرو»، يقولها جورج كامل، بحدة تعبيرا منه على رفض اتهامهم بالتفريط فى حق شهدائهم.
كامل الذى يقف ضمن المئات فى أحد طوابير اللجان فى روض الفرج أكد أن «اختيار الدولة المدنية هو الحل الوحيد لضمان عدم اضطهادنا فى حالة فوز مرشح إسلامى يعتبر الأقباط ليسوا أبناء وطن، بل سيتم إجبارهم على دفع الجزية». مشددا على أنه حتى لو فاز شفيق «مش هنسيب حق إخواتنا».
وهو الأمر الذى اتفقت معه كاترين سميح بأن انتخابهم لشفيق «مش هيخلينا نتنازل عن حق شهداء ماسبيرو وهناخد حقنا من كل من تسبب فى تلك الجريمة حتى لو كانوا أعضاء المجلس العسكرى أنفسهم». ورفضت سميح اتهام أقباط شبرا وباقى محافظات مصر بأنهم «باعوا الثورة» وقالت «إحنا نزلنا فى الميادين عشان شهداء الثورة قبل مجزرة ماسبيرو، وهنفضل نطالب بحق شهداء مصر لكن قواعد اللعبة الانتخابية بتقول إنك تختار المرشح اللى ممكن تحصل معاه على مكاسب أكتر وده مش هيتم مع مرشح إسلامى بيعتبر الأقباط ضيوف فى البلد مش جزء أصيل منها».
ورغم تخوف الأقباط من وصول تيار الإسلام السياسى إلى كرسى الحكم التى ترجموها فى صناديق الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية بالتصويت الكثيف لشفيق، إلا أن بعض الأقباط رفضوا بشكل قاطع انتخاب أى مرشح فلول من المحسوبين على النظام المخلوع.
«رغم إن مواقف وإنجازات الإخوان لا تشجع على انتخابهم بس عمرى ما هدى صوتى لفلول»، يعلنها علاء مايكل، الذى لم يمر على وجود الحبر الفسفورى فى يده سوى دقائق بعد خروجه من المجمع الانتخابى فى «كلية هندسة شبرا».
مايكل اعتبر مخاوف بعض الأقباط من تهميشهم فى حال وصول التيار الدينى لمقعد الرئاسة ليست فى محلها «حتى لو اختلفنا مع الإخوان فى إدارتهم السياسية لبعض الأمور ورغبتهم فى الوصول للمناصب العليا فى البلاد لتعويض حرمان السنوات الماضية فى عهد نظام مبارك لا يلغى أبدا فكرة انحيازهم للثورة وقت الجد»، و«إحنا معملناش ثورة عشان نحيى النظام القديم تانى بإيدينا بعد أن سالت دماء مئات الثوار لإسقاط نظام مبارك الفاسد».