Akhbar Alsabah اخبار الصباح

شباب ألمانيا يثقون بالإسلام أكثر من الكنيسة الكاثوليكية

شباب ألمانيا يثقون بالإسلام أثار “ترتيب الثقة” الذي يعدّه معهد فورسا لصالح مجلّة شتيرن ووسائل RTL وn-tv جدلاً واسعاً في ألمانيا. فبينما جاء “الإسلام” في ذيل قائمة “المؤسسات ذات الطابع الديني أو الفكري” من حيث الثقة العامة، ظهرت مفارقة لافتة لدى الفئة العمرية الأصغر.

فوفق الاستطلاع، لا يتجاوز من يعبّرون عن “ثقة كبيرة أو كبيرة جداً” بالإسلام 7% على مستوى عموم المشاركين، لكن النسبة ترتفع إلى 17% لدى من تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، وهي أعلى من الثقة بالكنيسة الكاثوليكية والتي تمثلت بنسبة (13%) داخل الفئة نفسها.

وبحسب صحيفة تسايت الألمانية، فإن هذه الأرقام لا يمكن قراءتها بمعزل عن التحولات الدينية والاجتماعية في البلاد: صعود واضح للّامبالاة الدينية لدى قطاعات واسعة، وتراجع مكانة الكنائس بعد سنوات من الفضائح والأزمات الداخلية، مقابل حضور يومي للإسلام في حياة كثير من الشباب داخل المدارس والجامعات وأماكن العمل. لكن الأهم، أن الاستطلاع، حتى وهو يقيس “مفهوم الثقة”، لا يجيب وحده عن سؤال أعمق: هل نحن أمام انفتاح على الإسلام كدين، أم أمام إعادة تعريف الشباب لمفهوم “المؤسسة” والثقة فيها؟ أم أنه مجرد انعكاس لتراجع مكانة الكنيسة أكثر مما هو صعود لمكانة الإسلام؟

الاستطلاع أُنجز بين 3 و12 كانون الأول/ ديسمبر 2025 على عيّنة بلغت 4025 شخصاً، بهامش خطأ إحصائي معلن يقارب ±1.5 نقطة مئوية، وهو ما يمنح النتائج صفة تمثيلية وفق الجهة الناشرة.

ويُظهر “ترتيب الثقة” أيضاً صعوداً لافتاً في الثقة بالبابا إلى 28%، فيما نالت الكنيسة الكاثوليكية كمؤسسة 14% على مستوى المجتمع ككل، بينما سجّل “المجلس المركزي لليهود” أعلى درجات الثقة بين المؤسسات الواردة في التصنيف (35%).

تحول التوجه لدى الشباب
وفي حوار مع “القدس العربي”، يرى رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عبدالصمد اليزيدي، أن هذه الأرقام تحمل في طياتها مؤشرا جديدا ودلالات عميقة حول تحوّل الوعي والمواقف لدى الجيل الجديد. وبحسب اليزيدي، فإن هذا التقدّم النسبي في ثقة الشباب تجاه الإسلام لا يُعد فقط مكسبًا رمزيًا، بل يُحمّل مسلمي ألمانيا ومؤسساتهم مسؤولية مضاعفة في مواصلة الحضور الإيجابي، وتقديم خطاب يعكس روح الإسلام في بعدها الإنساني والأخلاقي، ويعزز ثقافة المواطنة، والاندماج الإيجابي، والمساهمة الفاعلة في خدمة الصالح العام.

ورغم أن نسبة الثقة بالإسلام على مستوى المجتمع الألماني العام لا تزال متدنية (7% فقط)، إلا أن هذا التقدّم في أوساط الشباب يعكس تحوّلًا نوعيًا في إدراكهم، ويبعث على التأمل والتفاؤل. فالإسلام لم يعد في نظر كثير من الشباب تلك الصورة النمطية البعيدة التي تروّج لها بعض وسائل الإعلام، بل أصبح واقعًا معاشًا ومكونًا طبيعيًا من نسيج الحياة اليومية: زميل دراسة، جار، طبيب، معلم… إنسان قريب لا “آخر” غريب، بحسب رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.

لماذا يثق الشباب بالإسلام أكثر؟
تبين الدراسة أن هناك تراجعا في الثقة بالكنائس التقليدية: الاستطلاع نفسه يظهر ارتفاع الثقة بالبابا ليو الرابع عشر إلى 28% (زيادة 12% عن العام الماضي)، لكن الكنيسة الكاثوليكية تبقى عند 14% فقط. فضائح التحرش الجنسي، الأزمات الداخلية، والابتعاد عن قضايا العصر مثل حقوق المثليين، كلها عوامل أدت إلى انحسار الثقة، خاصة لدى الجيل الشاب الذي يرى في المؤسسات الدينية سلطات متخلفة.

أيضا فإن إعادة تعريف التدين شكل عاملا مهما في الدراسة التي نشرتها مجلة شتيرن الألمانية. فالشباب الألمان يميزون بين الدين كقيمة شخصية والمؤسسة كجهاز سلطوي. هذا يفسر لماذا ترتفع اللامبالاة الدينية عموماً، مع انفتاح على أشكال روحية غير تقليدية، بما في ذلك الإسلام كرمز للتنوع. ثالثاً، التأثير اليومي: في المدارس والجامعات، حيث يتعامل الشباب مع مسلمين كجزء من روتينهم، مما يحطم الصور النمطية. لكن هذا لا يعني غياب الجدل.

الإسلام في ألمانيا… كتلة سكانية كبيرة ومتنوعة
خارج الإحصاءات الرسمية، توثق منظمة “CLAIM” (تحالف ضد الإسلاموفوبيا) واقعاً أشد قسوة لحال المسلمين في ألمانيا، حيث سجل عام 2024، 3080 حادثة، بما في ذلك شتائم، تمييز، واعتداءات جسدية، بمعدل أكثر من 8 حوادث يومياً، غالبيتها طالت نساء مسلمات في الفضاء العام أو التعليم، وشملت أكثر من 70 هجوماً على مساجد.

أما “مكتب مكافحة التمييز الاتحادي” فقد تلقى في 2024 رقما قياسيا بلغ 11,405 طلب استشارة حول التمييز، بما في ذلك حالات رفض وظائف بسبب الحجاب أو المظهر الإسلامي.

هذه الأرقام تكشف فجوة: بينما يزداد الاندماج، يرتفع العنف بسبب الخطاب السياسي اليميني والإعلامي الذي يربط الإسلام بالإرهاب. الفجوة الأكبر في الإبلاغ: كثير من الضحايا يتجنبون الشرطة خوفاً أو بسبب عدم الثقة.

رغم أن الحديث العام كثيراً ما يختزل الإسلام في عناوين الأمن والهجرة، فإن المسلمين في ألمانيا يشكلون اليوم إحدى أكبر الجماعات الدينية في البلاد. إذ تقدّر “المؤتمر الإسلامي الألماني” التابع لوزارة الداخلية عدد المسلمين بحوالي 5.5 ملايين شخص، أي نحو 6.6% من السكان، مع الإشارة إلى أن قرابة 3 ملايين يحملون الجنسية الألمانية.
إسلامنا | المصدر: القدس العربي | تاريخ النشر : الجمعة 26 ديسمبر 2025
أحدث الأخبار (إسلامنا)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com