
أفادت قناة تابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" في اليمن بأن سلاح الجو السعودي شن غارات على مواقع لما تسمى "قوات النخبة الحضرمية" التابعة للمجلس في وادي نحب في حضرموت جنوبي اليمن. كما بثت "قناة عدن المستقلة" مشاهد على إكس، قالت إنها تظهر "قصف الطيران السعودي لمواقع النخبة الحضرمية في وادي نحب في حضرموت".
يأتي ذلك، بعد ليلة دامية عاشتها مناطق في المحافظة الواقعة شرقي اليمن، على خلفية المواجهات التي لا تزال متواصلة بين القبائل الحضرمية وقوات المجلس. في المقابل لم يصدر أي إعلان سعودي رسمي يؤكد أو ينفي شن الغارات، فيما أكدت الخارجية السعودية في بيان أمس الخميس أن التحركات التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، تمت "بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف".
وقال الصحافي الحضرمي عبد الجبار باجبير في منشورات له على فيسبوك وإكس إن سلاح الجو السعودي شن عدة غارات صباح اليوم استهدفت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في مناطق وادي نحب وغيل بايمين ومعسكر قوات الدعم الأمني التابعة للانتقالي، وهي مناطق انتشار حلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت، مشيرا إلى مشاهدة طلعات جوية مكثفة فوق الشريط الساحلي لمدينة الشحر ومناطق خرد في إطار ضغوط عسكرية تهدف إلى دفع تلك القوات للتراجع عن مواقعها.
وكشفت مصادر حضرمية لـ"العربي الجديد" أن هذه التطورات جاءت بعد اندلاع اشتباكات في المنطقة جراء شن قوات الانتقالي حملة عسكرية تستهدف حلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت، والمسلحين القبليين، في محاولة للسيطرة على مناطق ما تسمى الهضبة في غيل بايمين معقل رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش. وربطت المصادر بين التدخل الجوي وإيقاف تقدم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تعرضت لخسائر مساء أمس على يد قوات حماية حضرموت وعناصر حلف القبائل، ودفعت بتعزيزات كبيرة من ميناء الضبة في الشحر، ومن مدينة المكلا عاصمة المحافظة.
وقال المسؤول الإعلامي لحلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت صبري سالمين بن مخاشن، (موجود خارج اليمن) في منشور على إكس إن دوي انفجارات ضخمة سمع في وادي نحب غيل، مضيفا أن الطيران السعودي يواصل قصف المواقع المستحدثة لما سماها "مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي القبلية والعسكرية والدينية الإرهابية" في مناطق هضبة حضرموت. وفي منشور ثان، تحدث المسؤول عما وصفه بـ"هروب جماعي" لـ"مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي"، عقب تعرّضها لقصف جوي سعودي في هضبة حضرموت، وذلك بعد "اعتدائها على معاقل حلف قبائل حضرموت و قوات حماية حضرموت". وذكر أن "الضربات أسفرت عن انهيار صفوف المليشيات وفرار عناصرها".
في المقابل، ذكرت قناة "عدن المستقلة" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أنّ قوات المجلس تمكّنت من السيطرة على مناطق خلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت في وادي نحب وغيل بايمين، وتمكّنت من أسر العديد، فيما كشفت عن مقتل عدد من عناصر المجلس خلال هذه المواجهات. وذكرت مصادر في حضرموت لـ"العربي الجديد" أنّ المواجهات التي بدأت عصر أمس، لا تزال مستمرة حتى اللحظة، في مناطق غيص حرد وجبال مديرية الشحر وفي غيل بايمين، وسط تحليق مستمر للطيران الحربي السعودي، في مناطق المواجهات.
الإمارات ترحب بجهود السعودية في اليمن
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الإماراتية اليوم الجمعة إن الإمارات رحبت بالجهود التي تبذلها السعودية لدعم الأمن والاستقرار في اليمن، مضيفة أنها تظل ملتزمة بدعم الاستقرار في البلاد. ورحبت أبوظبي، في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات، بـ"الجهود الأخوية التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة لدعم الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وثمنت دورها في خدمة مصالح الشعب اليمني وتحقيق تطلعاته المشروعة نحو الاستقرار والازدهار". كما أكدت الإمارات "التزامها بدعم كل ما يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في اليمن، بما ينعكس إيجابا على أمن المنطقة وازدهارها". غير أن بيان الإمارات لم يتضمن أي موقف من تحركات "المجلس الانتقالي الجنوبي" في حضرموت والمهرة.
بيان عُماني بشأن حضرموت والمهرة
قالت وزارة الخارجية العُمانية إنها "تتابع باهتمام التطورات التي تشهدُها محافظتا المهرة وحضرموت، وتُثمّن الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية الشقيقة مع الأطراف المعنية للتوصل إلى حلول سلمية لمعالجة الوضع في المحافظتَين"، ودعت سلطنة عُمان إلى "العمل على تجنّب التصعيد، والعودة إلى المسار السياسي، والدخول في حوار سياسي شامل يضم أطياف الشعب اليمني الشقيق كافّة للتفاهم على ما فيه خير ومستقبل بلادهم".
وطالبت السعودية، أمس الخميس، المجلس الانتقالي الجنوبي بسحب قواته "بشكل عاجل" من محافظتين سيطر عليهما هذا الشهر، منددة بتصرفه "الأحادي". وكان المجلس المدعوم من الإمارات والمنضوي في إطار الحكومة، سيطر على أجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية لا سيما حضرموت والمهرة. وقال إن العملية تهدف إلى طرد الإسلاميين ووقف عمليات التهريب لصالح الحوثيين، والذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى.
وشكل بيان الخارجية السعودية، مع ما حمله من "إنذار ضمني" وتحذير من عواقب لا تحمد عقباها، أبرز موقف سعودي علني تجاه المجلس منذ بدء الأزمة الحالية في اليمن والتي تفجرت مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول الحالي. وتزامن البيان مع توالي المواقف من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي والحكومة اليمنية، وعدد واسع من الأحزاب والمكونات السياسية، إضافة إلى بيانات محلية، تعكس جميعها قلقاً متزايداً من تداعيات خطوات "الانتقالي الجنوبي"، المطالب بالانفصال، على وحدة القرار الوطني ومسار التسوية السياسية في البلاد.
وفيما وصف مراقبون البيان السعودي بأنه "إخلاء ذمة"، ولا سيما بعد تحذيره من عواقب لا تحمد عقباها، اعتبر آخرون أنه يعكس ضيق الخيارات السعودية في التعامل مع المستجدات. وكان واضحاً حرص البيان على تأكيد أن التنسيق مع الإمارات، الداعم الرئيس لـ"الانتقالي"، يشكل عاملاً محورياً في جهود احتواء التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة أوسع.