Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تحشيد عسكري أميركي وحرب نفسية لإسقاط نظام مادورو

حرب لإسقاط نظام مادورو يرسم التحشيد العسكري الأميركي في منطقة الكاريبي، وهو الأكبر منذ عقود، إلى جانب تصريحات المسؤولين الأميركيين بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، الذي قال أخيراً إنّ أيام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو "معدودة"، فيما لم يستبعد التدخل العسكري داخل فنزويلا، ما يمكن وصفه بالمسار المتدرج الذي يهدف إلى إسقاط مادورو ونظامه، ولا سيّما أن تسريبات الإعلام الأميركي تواصل الحديث عن أن "حملة المخدرات" قد تؤدي في نهاية المطاف إلى إطاحته.
لكنّ بموازاة هدف إسقاط مادورو الذي يتولى السلطة منذ عام 2013، فإن ذلك لم يمنع واشنطن من فتح نافذة للحل الدبلوماسي، وهو ما تُرجم بأحاديث للرئيس الأميركي نفسه عن الانفتاح على الحوار المباشر مع الرئيس الفنزويلي، لكن من دون استبعاد أن يكون هذا الأمر مجرد "خدعة"، أو أقله تمريراً للوقت حتّى تنفيذ المخطط الرئيسي، في مسار اعتاد أن يمارسه ترامب في سياسته الخارجية، منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام الحالي.

حملة ضغط ضد كاراكاس

بدأت الحملة ضد السلطة في فنزويلا منذ أغسطس/ آب الماضي، حين أصدر ترامب أمراً تنفيذياً يقضي باستخدام الجيش لـ"مكافحة عصابات المخدرات" في أميركا اللاتينية، واتهام مادورو، بدعم "الإرهاب المخدراتي"، وسط محاصرة فنزويلا عسكرياً وسياسياً، ولا سيمّا من خلال الحشد العسكري في جزر بورتو ريكو (الخاضعة للسيادة الأميركية) في الكاريبي، والمناورات في ترينيداد وتوباغو الحليفة شرق فنزويلا، مقابل تهديد ضمني لكولومبيا غرباً، التي اتهم رئيسها غوستافو بيترو وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في تصريحات صحافية أول من أمس السبت، بالتخطيط سراً لإيداعه السجن، وبالتعاون مع المعارضة الكولومبية. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي استبعدت الولايات المتحدة كولومبيا من قائمة "الدول المُعتمَدة" الحليفة في مكافحة المخدرات، بعد أن اعتبرتها فاشلة في هذا المجال. وفي الشهر نفسه بدأ الجيش الأميركي يحشد قواته في منطقة البحر الكاريبي، وشنّ منذ ذلك الحين ما مجموعه 21 غارة على سفن ادّعى أنها محملة بالمخدرات، ما أسفر عن مقتل 83 شخصاً.

وتستخدم واشنطن أساليب ضغط متنوعة في مسار الوصول إلى تحقيق هدف إسقاط مادورو. من بين هذه الأساليب، الحرب النفسية، وما يمكن تسميته بإثارة القلاقل الداخلية عبر ترويج بعض وسائل الإعلام للمعارضة الفنزويلية. وقد كان للخطوات الأميركية أثرٌ على هذه المعارضة، خصوصاً أن زعيمتها، ماريا كورينا ماتشادو، المؤيدة لترامب (أعلنت أنها تهدي جائزة نوبل التي حازت عليها العام الحالي لترامب)، قالت في فيديو مصور الأسبوع الماضي، إن بلادها تقف "على أعتاب عهد جديد" من دون مادورو، وأضافت ماتشادو المتوارية عن الأنظار منذ طعنها في نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أن "إساءة استخدام السلطة من النظام توشك على نهايتها"، متعهدة بإجراء انتخابات "آمنة ومن دون تلاعب" في مرحلة ما بعد مادورو.

ووسط تعزيز عسكري أميركي واسع النطاق في المنطقة ومناورات بالذخيرة الحية، تناقش إدارة ترامب استخدام الحرب النفسية ضد كاراكاس، بما يشمل، وفق وسائل إعلام أميركية، إلقاء منشورات على كاراكاس تحتوي على معلومات بشأن مكافأة قدرها 50 مليون دولار للمساعدة في اعتقال مادورو وإدانته، فالولايات المتحدة واحدة من دول عدّة لا تعترف بمادورو رئيساً. مع العلم أن وزيرة العدل الأميركية بام بوندي، كانت قد أعلنت عن هذه المكافأة، في أغسطس الماضي، بعد أن رصدت إدارة ترامب الأولى في عام 2020 مكافأة أولية قدرها 15 مليون دولار لاعتقال مادورو في إطار قضية تهريب مخدرات، قبل رفعها لاحقاً إلى 25 مليون دولار.

كما تبرز في الآونة الأخيرة مساعٍ لأنصار ترامب من أجل إحياء نظرية مؤامرة "سرقة انتخابات 2020" التي خسرها أمام جو بايدن، وسط تركيز على دور مزعوم لفنزويلا، من دون استبعاد أن يقوّي ذلك أيضاً مبرّرات إدارة ترامب في حال قررت التحرك العسكري ضد فنزويلا، إلى جانب إسقاط مادورو. وفي السياق كشفت صحيفة ذا غارديان البريطانية، يوم الجمعة الماضي، أن محققين فيدراليين أميركيين يجرون مقابلات مع أشخاص عدّة يطرحون ادعاءات لا أساس لها بأن فنزويلا ساعدت في سرقة انتخابات 2020 من ترامب، موضحة أن اثنين من مؤيدي نظرية المؤامرة أخطرا مراراً المدعي العام الأميركي لمنطقة بورتو ريكو، جنوب شرقي ولاية فلوريدا، دبليو ستيفن مولدرو، بهذا الادعاء. كذلك أجريت تحقيقات مع أشخاص يدفعون بهذه النظرية نفسها في تامبا بفلوريدا، بما يشمل النظر في عمليات فنزويلا لتهريب المخدرات وغسل الأموال. بالمقابل رفض مكتب المدعي العام في تامبا وكذلك مولدرو التعليق.

في المقابل، فإنّ فنزويلا التي تقول إنّ ترامب يسعى إلى إسقاط مادورو والاستيلاء على نفطها، تؤكد أن المواطنين والجيش سيقاومون أي محاولة من هذا القبيل، فيما برز خلال اليومين الماضيين، قلق دول أوروبية تحتفظ بمواقع استراتيجية في الكاريبي، وبدأت وفق تسريبات، الحد من تبادل المعلومات الاستخبارية مع واشنطن. وقال وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز، إنّ بلاده ردت على جميع التهديدات الأميركية الأخيرة، دون تحديد طبيعة هذا الرد، وأضاف في تصريحات لقناة "في تي في" المحلية، أول من أمس السبت، أن واشنطن تلجأ إلى القوة العسكرية لفرض "مصالحها" على فنزويلا. وتابع: "لسنا عبيداً لأيّ إمبراطورية، وفنزويلا ردت وما زالت على جميع التهديدات الأميركية وهي مرفوعة الرأس"، منتقداً المناورات العسكرية الأميركية في ترينيداد وتوباغو، القريبة من سواحل فنزويلا، نهاية الشهر الماضي. في سياق متصل، قال مادورو، في تصريحات صحافية، أول من أمس، إنّ واشنطن تعيد وتكرر "خطاباً بائداً تحاول من خلاله تصويري دكتاتوراً".

هدف إسقاط مادورو
ورغم إبداء ترامب ومادورو، خلال الأسبوع الماضي، استعدادهما للحوار المباشر بشأن هذا التصعيد، نقلت وكالة رويترز، مساء أول من أمس، عن أربعة مسؤولين أميركيين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، قولهم إنّ الولايات المتحدة تستعد لإطلاق مرحلة جديدة من العمليات المتعلقة بفنزويلا في الأيام المقبلة، فيما لم يتسنّ للوكالة تحديد توقيتها أو نطاقها بدقة. وذكرت المصادر أن هذه العمليات ستكون على الأرجح الجزء الأول من تحرك جديد ضد كاراكاس، وأن الخيارات قيد الدراسة تشمل محاولة إسقاط مادورو نفسه.

علماً أن مسؤولَين أميركيَين أقرا بوجود محادثات بين كاراكاس وواشنطن، ولفتت "رويترز" إلى أن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، لم يستبعد أول من أمس، أي شيء في ما يتعلق بفنزويلا، موضحاً شرط عدم الكشف عن هويته أن "ترامب مستعد لاستخدام كل عنصر من عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى بلادنا وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة".

وكانت شبكة سي أن أن الأميركية، قد ذكرت نهاية الشهر الماضي، أن بعض مسؤولي إدارة ترامب يضغطون من أجل تغيير النظام في فنزويلا، ويقولون إنّ حملة المخدرات قد تؤدي إلى إسقاط مادورو. ويرون كذلك أنه "يمكن تحقيق ذلك من خلال الضغط على المحيطين بالرئيس الفنزويلي، الذين استفادوا من مصادر الدخل غير المشروعة للعصابات، ما قد يؤدي إلى تضييق الخناق عليهم لدرجة تدفعهم إلى التفكير في سبل إطاحته". في غضون ذلك أوردت وسائل إعلام أميركية، من بينها صحيفة واشنطن بوست وشبكة سي بي أس نيوز، أول من أمس، أن مسؤولين في إدارة ترامب ناقشوا إمكانية إسقاط منشورات على كاراكاس في إطار سعيها لإضعاف نظام الرئيس الفنزويلي، ونقلت عن مسؤولين أميركيين مطلعين لم تسمّهم، أنّ هذه العملية التي تأتي في إطار "الحرب النفسية" قد تنفذ في عيد ميلاد مادورو الـ63، يوم الأحد (بتوقيت كاراكاس). وبحسب، "واشنطن بوست"، فإنه من المتوقع أن تحتوي المنشورات على معلومات بشأن مكافأة قدرها 50 مليون دولار للمساعدة في اعتقال مادورو وإدانته.
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الاثنين 24 نوفمبر 2025
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com