
ورد في رسالة نُشرت في وقت متأخر، مساء أمس الاثنين، أن حكومة هولندا قالت إنها ستستدعي السفير الإسرائيلي في البلاد للتنديد بالوضع "الذي لا يحتمل ولا يمكن الدفاع عنه" في غزة، وأنها فرضت حظراً على وزيرين في الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة يمنعهما من دخول البلاد. ولن يُسمح للوزيرين في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بدخول هولندا التي تتهمهما بالتحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين والدعوة إلى "تطهير عرقي" في قطاع غزة.
ويأتي القرار الهولندي في أعقاب خطوات مماثلة اتخذتها بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج الشهر الماضي. وقالت الحكومة الهولندية إنها تؤيد توصية الاتحاد الأوروبي بالحد من وصول إسرائيل إلى برنامجها الرئيسي لتمويل الأبحاث، وأضافت أنها ستضغط من أجل فرض عقوبات تجارية أوروبية إذا تبين أن إسرائيل تنتهك اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن زيادة إمدادات المساعدات.
وقال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف في منشور على "إكس"، أمس الاثنين، إنه عقد اجتماعاً مع نواب رئيس الوزراء، ووزيري الخارجية والدفاع، "لمناقشة الوضع الكارثي في غزة". وأضاف: "هدف الحكومة واضحٌ وضوح الشمس: يجب منح سكان غزة وصولاً فورياً وآمناً وغير مقيد للمساعدات الإنسانية. إذا قرر الاتحاد الأوروبي غداً أن إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات ذات الصلة بهذا الشأن، فإن هولندا تدعم خطة تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج الأبحاث الأوروبي "هورايزون". وإذا ثبت ذلك، فستضغط هولندا غداً في بروكسل أيضاً من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الأوروبية، على سبيل المثال في مجال التجارة".
وكان رئيس وزراء هولندا قد وعد الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بأنه لن يدعم فرض عقوبات تجارية على إسرائيل، لكن تغريدته الأخيرة، دفعت الأخير إلى مهاجمته، في مواجهة غير مسبوقة بين رئيس إسرائيلي ورئيس حكومة تُعتبر صديقة لدولة الاحتلال.
وأدرجت هولندا للمرة الأولى، إسرائيل، خلال شهر يوليو/تموز الحالي، على قائمة الدول التي تشكّل تهديداً لأمن البلاد، في تصنيف أُعلن عنه أول من أمس الأحد، وجاء مفاجئاً نظراً لأنه يصدر في وقت لا تزال فيه الحكومة الهولندية، التي تعدّ من الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، تعمل بوصفها حكومة تصريف أعمال.
وأظهرت هولندا، خلال الآونة الأخيرة، تدرجاً في الموقف المنتقد لإسرائيل، على خلفية استمرار حرب الإبادة الجماعية على غزة، وسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال ضدّ الغزّيين. وفيما لم تنضم هولندا إلى الدول الأوروبية التي أعلنت أو ستعلن اعترافها بدولة فلسطين، وآخرها فرنسا، إلا أن تياراً قوياً داخل الدولة، وشعبياً، بدا ضاغطاً خلال الفترة الأخيرة، ما حدا بالحكومة، التي تتخذ للمفارقة موقفاً متطرفاً ضد الهجرة، وتعدّ بعض أجنحتها معادية للمسلمين، إلى بدء اتخاذ خطوات تراها ضرورية لزيادة الضغط على تل أبيب، رغم التحالف الوثيق بين الطرفين.
وبالإضافة إلى البعد الإنساني وتبعات حرب الإبادة في غزة، فإن الموقف الهولندي المتحول يعود إلى ما ترى فيه أمستردام تمادياً من دولة الاحتلال لترهيب مواطنين هولنديين، والضغط واستخدام أسلوب التخويف تجاه بعض سياسيي البلاد، وهو موقف يُنظر إليه بشكل واسع أيضاً على أنه "سيادي"، و"صحوة" متأخرة لمراجعة العلاقة ربما بين هولندا ودولة الاحتلال التي طالما استخدمت تاريخياً هذا البلد، منصة، للضغط وتحشيد السياسيين في أوروبا عموماً.