Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الجوع يفتك بغزة والأسعار ترتفع 500%

الجوع يفتك بغزة أغلق محتجون غاضبون أسواق قطاع غزة في اليومَين الأخيرَين، احتجاجاً على الارتفاعات الكبيرة وغير المسبوقة في أسعار السلع الأساسية، التي باتت نادرة الوجود في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الشاحنات التجارية والمساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار الماضي. وتشهد أسواق غزة نقصاً حاداً في المواد الغذائية وسط شكاوى متصاعدة من السكان الذين باتوا عاجزين عن توفير احتياجاتهم الأساسية، في ظل قفزات متتالية في الأسعار وتوقف شبه كامل لحركة البيع والشراء.

وتعود أزمة الندرة وارتفاع الأسعار إلى مواصلة الاحتلال منع إدخال البضائع منذ قرابة 5 أشهر، إذ أُغلِقت المعابر التجارية واقتصر توزيع السلع على كميات محدودة يجري توفيرها عبر بعض المراكز التابعة للمساعدات الأميركية التي تعتبر "مصائد موت" بسبب مقتل المئات منذ افتتاحها قبل شهرين ونصف الشهر.

يذكر أنّ إسرائيل أغلقت منذ مطلع يوليو الجاري جميع مراكز التوزيع، وأبقت على نقطة رفح فحسب، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الندرة في الأسواق واشتعال الأسعار على نحوٍ غير مسبوق. مجاعة فعلية أعرب المواطن إبراهيم قداس من شمال غزة، عن تذمره الشديد من غياب السلع كلياً والارتفاع الجنونيّ في أسعار ما تبقّى منها، مشيراً إلى أن "المجاعة باتت واقعية بعدما استنفدنا كل ما لدينا من طعام ومال خلال الشهور الأخيرة".

وقال قداس في حديث لـ"العربي الجديد": "الأسعار تشهد قفزات مجنونة، لكن الآن حتّى تلك السلع الغالية لم تعد موجودة مع إغلاق الأسواق، وهذا ما أدى إلى انتشار البيع سراً بأسعار باهظة لا يمكن احتمالها، لم نعد قادرين على شراء أي شيء وهذا الوضع دخل بنا في مجاعة كاملة".

وشهدت نهاية الأسبوع الماضي احتجاجات شعبية عارمة في معظم أسواق القطاع، أجبر خلالها المواطنون الغاضبون الباعة على إغلاق محالهم التجارية، تعبيراً عن سخطهم من الغلاء الفاحش.

في حين، قال المواطن أحمد عبد العال، وهو أحد المشاركين في إغلاق سوق النصيرات: "لم يعد بإمكان المواطن البسيط شراء السلع بسبب ارتفاع الأسعار، فالأفضل هو الإغلاق حتى يشعر الجميع بحجم الكارثة، ويصل صوتنا إلى العالم الصامت بينما تمارس إسرائيل سياسة التجويع بحقنا".

وأكد عبد العال في حديث لـ"العربي الجديد" أن السلع المتوفرة لا يقدر على شرائها إلا فئة محدودة من السكان، ما يعزز الفجوة الاجتماعية ويدفع نحو تفاقم المجاعة، مشيراً إلى أن قرار إغلاق الأسواق لم يكن سهلاً، لكنّه جاء بعد أن "طفح الكيل" على حد تعبيره.

وأضاف: "نحن لا نغلق محال الرزق عبثاً، ولكن ماذا بقي لنا؟ الأسعار خيالية والسلع الأساسية غير موجودة وأطفالنا ينامون بلا طعام، أردنا بهذه الخطوة أن نبعث رسالة للعالم بأن غزة تحتضر اقتصادياً وإنسانياً، لعل أحداً يتحرك قبل أن نفقد المزيد من الأرواح بسبب الجوع".

وذكر بائع الحلويات في سوق دير البلح وسط القطاع، محمود أبو ليلة، أن أسعار بضائعه مرتبطة مباشرةً بتكاليف الإنتاج، وأهمها السكر الذي شهد ارتفاعاً كبيراً من 220 شيكلاً إلى 410 شواكل في أسبوع واحد فقط، وهو ما ضاعف من أسعار الحلويات.

وقال أبو ليلة في حديث لـ"العربي الجديد": "ارتفاع التكاليف هو ما يدفعنا لرفع الأسعار، ومع ذلك لا يقوى على الشراء سوى عدد محدود من الناس"، مشيراً إلى أن إغلاق الأسواق ليس الحل بل يجب محاسبة التجار الذين يرفعون الأسعار دون مبرّر حقيقي. آثار كارثية من جانبه، أكد الأكاديمي والمختصّ في الشأن الاقتصادي سمير أبو مدللة، أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لحالة الندرة في السلع، ضمن سياسة التجويع التي تنتهجها سلطات الاحتلال بالتوازي مع حرب الإبادة القائمة منذ قرابة العامين.

وقال أبو مدللة في حديث لـ"العربي الجديد" إن المجاعة أصبحت حقيقة بسبب منع إدخال السلع الأساسية منذ مطلع مارس، ما أدى إلى ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار تجاوزت في المتوسط 500%، ووصلت إلى أضعاف مضاعفة على بعض السلع الأساسية". وأوضح أن القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن 800 شاحنة يومياً لتلبية احتياجات السكان، بينما لا تسمح إسرائيل بدخول أكثر من 5% من تلك الكمية، ما أدى إلى تشوّه اقتصادي في الأسواق وزاد من سوء التغذية وانعدام العدالة في توزيع السلع.

وأضاف أبو مدللة: "ارتفع سعر كيلو الطحين إلى 170 شيكلاً، بزيادة 240% خلال أسبوع فقط، بينما وصل سعر كيلو الأرز إلى 110 شوٰاكل، بارتفاع 175%، في وقت كان السعر الطبيعي لهذه السلع قبل الحرب بضعة شواكل فقط". و

بيّن أن استمرار إغلاق الأسواق سيؤدي إلى نتائج عكسية، أبرزها تنشيط السوق السوداء أكثر، وزيادة الضغط على المواطنين الذين يضطرون للبحث عن السلع الأساسية بأي ثمن، في ظل انعدام البدائل. وأفادت وزارة الصحة في غزة، الجمعة، في بيان بأن: "أعداداً غير مسبوقة من المواطنين المجوّعين من الأعمار كافّة تصل إلى أقسام الطوارئ في حالة إجهاد وإعياء شديدَين"، محذرة من أن "المئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون عرضة للموت المحتم، نتيجة الجوع وتخطي قدرة أجسادهم على الصمود".
إقتصاد | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأحد 20 يوليو 2025
أحدث الأخبار (إقتصاد)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com