
ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، مجزرة جديدة بحق المواطنين الذين كانوا يحاولون الحصول على مساعدات في محافظة رفح، جنوبي قطاع غزة، مبرّراً الأمر بأنه استهدف "مشتبهين" خرجوا عن المسار المحدد. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 27 شهيداً على الأقل سقطوا في استهداف الاحتلال المواطنين الذين ينتظرون المساعدات في المنطقة المخصصة لتوزيعها في "منطقة العلم" بمحافظة رفح فجراً، فضلاً عن سقوط عشرات الجرحى، بينهم ذوو إصابات خطيرة جداً.
وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد ذكرت في وقت سابق أن أكثر من 15 فلسطينياً استشهدوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال انتظارهم في غرب رفح المساعدات التي توزعها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة إسرائيلياً وأميركياً. واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، صباح اليوم، بإطلاق النار على فلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في مدينة رفح، محاولاً تبرير ذلك بأن إطلاق النار استهدف "مشتبهين" خرجوا عن المسار المحدد.
وزعم بيان جيش الاحتلال أنه "في وقت سابق من اليوم، وأثناء توجه الجماهير الفلسطينية على الطرقات في طريقهم إلى مجمعات توزيع المساعدات الإنسانية على بعد نصف كيلومتر عن المجمّع، رصدت قوات الجيش عدداً من المشتبه فيهم الذين تحركوا نحو القوات متجاوزين الطرقات المعروفة، حيث نفذت القوات عملية إطلاق نار بغية الإبعاد، وعندما لم يبتعدوا، نفذت عملية إطلاق نار أخرى بالقرب من عدد من المشتبه فيهم الذين واصلوا التقدم نحو القوات. وردت تقارير عن وقوع إصابات، وتفاصيل الحادث قيد الفحص".
وأضاف البيان أن جيش الاحتلال "يسمح للشركة الأميركية (مؤسسة غزة الإنسانية) بالعمل بشكل مستقل لتوزيع المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة ومنع وقوعها بأيادي حماس... حيث لا تمنع قوات الجيش وصول السكان إلى مجمعات توزيع المساعدات الإنسانية. إطلاق النار نفذ على بعد نصف كيلومتر من المجمع ونحو عدد محدود جداً من المشتبه فيهم اقتربوا من القوات بشكل عرّضها للخطر"، بحسب زعم الجيش.
"حماس": لتحرّك فوري لوقف الآلية الإسرائيلية الأميركية لتوزيع المساعدات
وتعليقاً على المجزرة، أكدت حركة حماس أنها "تشكّل جريمة إبادة جماعية متعمّدة، تضاف إلى سجل الاحتلال الأسود"، لافتة إلى أن "استهداف الجياع في لحظة بحث عن القوت، يكشف طبيعة هذا العدو الفاشي الذي يستخدم الجوع والقصف سلاحين للقتل والتهجير، ضمن مخطّط ممنهج لتفريغ غزة من سكانها". وأضافت: "تأتي هذه الجريمة ضمن ما يُعرف بـ"الآلية الإسرائيلية الأميركية" لتوزيع المساعدات، والتي تحوّلت إلى مصائد موت وإذلال، هدفها ليس الإغاثة، بل كسر كرامة شعبنا، وتحويل حياة المحاصرين إلى جحيم، بما يخدم مشاريع التهجير القسري".
وأضافت: "إنّ هذه الآلية المهينة للكرامة الإنسانية، تفرض على أهلنا المخاطرة بحياتهم مقابل طرد غذائي، ما يجعلها جريمة مركّبة من التجويع الممنهج والقتل المتعمّد"، مطالبةً الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات الإغاثة الدولية، بـ"التحرّك الفوري لوقف العمل بهذه الآلية القاتلة، وفتح ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف دولي، بعيداً عن تحكّم الاحتلال، والضغط الجادّ لوقف العدوان فوراً وإنقاذ ما تبقّى من شعبنا المحاصر".
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: مراكز المساعدات مصائد موت جماعي
من جانبه، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي يحوّل مراكز توزيع "المساعدات الأميركية - الإسرائيلية" إلى مصائد موت جماعي وفخاخ دموية، معلناً ارتفاع حصيلة الضحايا المُجوَّعين إلى 102 شهيد و490 مصاباً خلال 8 أيام فقط. وأضاف: "في جريمة مروّعة متكررة قصداً، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، مجزرة جديدة قرب مركز "المساعدات الأميركي - الإسرائيلي" في محافظة رفح، أسفرت عن استشهاد 27 مدنياً مُجوّعاً، وإصابة أكثر من 90 آخرين بجراح متفاوتة". وتابع: "بذلك، ترتفع حصيلة ضحايا هذه "المراكز" إلى 102 شهيد و490 مصاباً منذ الشروع في تشغيلها في مناطق رفح وجسر وادي غزة بتاريخ 27 مايو/أيار 2025، في إطار مشروع مشبوه يُدار بإشراف الاحتلال "الإسرائيلي" ويُروّج له تحت مسمى "الاستجابة الإنسانية"، بينما يُمارَس فيه القتل على الملأ وعلى الهواء مباشرة، وتُرتكب فيه جرائم إبادة جماعية ممنهجة".
وشدد على أن "تكرار المجازر في مراكز التوزيع يومياً، وفي وضح النهار، وبأرقام صادمة من الشهداء والمصابين، يكشف للعالم أن ما يجري هو استخدام متعمّد للمساعدات أداةً للقتل والتطهير الجماعي، وهو ما يرقى لجريمة إبادة بموجب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948"، مطالباً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمات حقوق الإنسان، بتحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية، والتحرك الفوري والضغط بكل الوسائل المتاحة لفتح المعابر الرسمية دون تدخل أو شروط من الاحتلال، وتأمين إيصال المساعدات الإنسانية من خلال مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المحايدة، بعيداً عن هذا النموذج "الإسرائيلي" الأميركي القاتل.
حركة المجاهدين: الممرات الآمنة أصبحت ساحات إعدام
وفي السياق، قالت حركة المجاهدين الفلسطينية، في بيان، إن "مجازر المساعدات في رفح جريمة أميركية صهيونية تنم عن سياسة ممنهجة للتنكيل بشعبنا، وممارسة أبشع أنواع القهر والظلم بحقه"، ودانت بشدة "التواطؤ والصمت الدولي على استمرار سياسة التجويع والحصار الخانق، ومواصلة جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والتي كانت آخرها المجزرة الصهيونية البشعة بحق المجوعين والمحاصرين أثناء توجههم لاستلام مساعدات في منطقة المواصي في رفح"، مشيرة إلى أن "هذه المجزرة الجديدة تؤكد أن ما يُسمّى بالممرات الآمنة أصبحت مصيدة موت وساحات إعدام وتنكيل جديدة لشعبنا من قبل الاحتلال الصهيوني وداعميه".
والأحد، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد وجريح، بعدما استهدفت فلسطينيين احتشدوا في محيط مركز توزيع المساعدات بالمنطقة العازلة في رفح. وأفادت وزارة الصحة في غزة بأن أكثر من 200 شهيد وجريح وصلوا إلى مستشفيات القطاع، بينهم 31 شهيداً وعشرات الإصابات الخطيرة. وأضافت في بيان مقتضب: "كل شهيد وصل إلى المستشفيات تبين تعرضه لطلق ناري واحد فقط في الرأس أو الصدر".