كيف أنفق نادي تشلسي الانكليزي مليار يورو وما زال يحقق أرباحاً؟

في غفلة من الزمن، وبعيداً عن أعين الحساد، ما زال نادي تشلسي الانكليزي تحت ادارته الأمريكية الجديدة، ينفق بلا حساب على ضم لاعبين جدد، في حالة أذهلت متابعي كرة القدم، لتبرز الأسئلة: كيف يمكنه أن يفعل ذلك بدون خسائر؟ وكيف يمكنه البقاء ضمن قانون العدل المالي الذي يشدد عليه الاتحاد الاوروبي لكرة القدم (يويفا) ورابطة الدرجة الممتازة الانكليزية؟ وكيف يدعي انه ما زال يحقق أرباحاً؟

وفي حين كانت كل الاعين تركز على ما يحدث في الكرة السعودية، حيث أذهلت صفقات ضم النجوم العالميين بمبالغ ورواتب خيالية جميع المتابعين، كانت صفقات تشلسي على مدى سنة واحدة من تملك ادارة تود بويلي، تلامس مليار يورو على 24 صفقة، توزعت على النوافذ الثلاث، بواقع 8 صفقات في كل نافذة، رغم ان «البلوز» ما زال يبحث عن المزيد من المواهب قبل أيام من غلق سوق النافذة الحالية، علماً أنه يقوم بكل هذا وهو واثق الخطى لا يخشى أي تهديد أو عقوبة، فهل لأنه فعلاً يقوم بكل شيء بصورة قانونية؟

صحيح أن تشلسي باع مواهب بأكثر من 250 مليون يورو هذا الموسم، وهي ستساعد في سد الفجوة مع متطلبات قانون العدل المالي الجديد، الذي يبدأ هذا الموسم بتحديد شروط بألا ينفق كل ناد أكثر من 90% من مداخيله على الصفقات الجديدة من بدل انتقال ورواتب وعمولات وكلاء لاعبين، قبل ان تتقلص النسبة الى 80% الموسم المقبل، وبعدها تصبح 70%، لكن تشلسي يعتبر نفسه انه يقوم بكل شيء بصورة قانونية لأنه استغل ثغرة في هذا القانون تنص على توزيع المبلغ المدفوع في ضم لاعب على مدة العقد الممنوح للاعب، فمثلا دفع لضم كايسيدو 100 مليون، لكن لأنه منحه عقداً لعشر سنوات، فانه يقسم المبلغ على هذا المدة، فيسجل في مصاريفه فقط 10 ملايين، وليس المبلغ الذي دفعه لبرايتون، في حين أن المبالغ التي يحصل عليها من بيع أي لاعب من أكاديميته، فانها تسجل كاملة كمداخيل، على غرار بيع مايسون ماونت الى مانشستر يونايتد فانه سجل مبلغ 65 مليوناً كاملا ضمن مداخيله، وليس المبلغ الذي حصل عليه من يونايتد، وغالبا ما يكون قسطا أولياً، قد يكون ثلث المبلغ على أن يدفع الباقي لاحقاً. طبعاً اليويفا فطن لهذه الحيلة متأخراً وأعلن أن المدة القصوى لعقد لاعب يجب ألا تتجاوز 5 سنوات، لكن تشلسي بامكانه القول انه لم يصل الى حد تحقيق خسائر بهذه الطريقة، بل حقق أرباحاً بسبب منح كل اللاعبين الجدد عقودا لسنوات طويلة، وتخلى عن 15 لاعباً ما بين بيع كامل او اعارة او اخلاء سبيل بانتهاء العقد، ما عنى أيضاً تقليص الرواتب بصورة ملحوظة.
وفي حين أن تشلسي صرف خلال 12 شهراً أكثر من كل ما أنفقته أندية دوري الدرجة الاولى الاسبانية (الليغا) مجتمعة، على لاعبين جدد، وقريباً مما أنفقته أندية البوندسليغا الألمانية، فانه صرف أكثر من ضعفين ونصف الضعف من مانشستر يونايتد، وهو النادي الثاني الاكثر صرفاً في سوق الانتقالات.

تشلسي يعلم أنه لن يشارك في أي مسابقة أوروبية هذا الموسم، وأيضاً يعلم أن عليه التأهل الى دوري الابطال بالتحديد، اذا أراد ان يبقي نفسه بعيدا عن خطر العقوبات وبعيداً عن متاهات قانون العدل المالي، أي ان المغامرة مضاعفة، لكن هناك اعتقاداً سائداً بان بويلي وبيهداد اقبالي وادارتهما على دراية بأن انفاق تشلسي تخطى الخطوط الحمر، رغم ان المحاسبة ستكون بعد 3 سنوات، أي ان الانفاق البذخ اليوم سيعدله بيعاً لعدد من النجوم في العامين المقبلين، ما يعني ان على المداخيل أن تتفوق بقيمتها على المصاريف، وبالتالي غامرت ادارة النادي اللندني بانفاق غير مسبوق في خطوة لضمان تشكيل فريق مليء بالمواهب الشابة تحت ادارة مدرب مشهود له بصقل المواهب الخام (ماوريسيو بوتشيتينو)، من دون الحاجة للجوء الى سوق الانتقالات بصورة مكثفة على عكس النوافذ الثلاث السابقة.

وفي هذه الاثناء، هناك أيضاً اعتقاد بان ادارة بويلي تراهن على ورقة رابحة أخرى، وهي انه عندما يأتي وقت المحاسبة من اليويفا ورابطة الدرجة الممتازة فانه سيعتبر ان العقوبات التي فرضتها الحكومة البريطانية على النادي خلال فترة معاقبة المالك السابق رومان أبراموفيتش أفقدت النادي مداخيل يصعب سردها، وبالتالي سيطلب استثناء من اي عقوبات عن فترة السنوات الثلاث الماضية، والتي شهدت الموسم الماضي انفاقاً تخطى 600 مليون يورو من دون أي مداخيل كبيرة. وحتى هناك من يقول ان الادارة الحالية لا تمانع بعقوبة حرمان او دفع غرامة كبيرة في مقابل ضمان تشكيل فريق قوي سيضمن المنافسة على كل الألقاب في المستقبل.

ما بين عبقرية تشلسي في عقد الصفقات والتحايل على قانون العدل المالي وما بين سذاجة الادارة في أخذ الكثير من القرارات تبقى الحقيقة أن «البلوز» سيكون لديه فريق رهيب والوقت فقط هو الكفيل لتأكيد هذا التوقع.