Akhbar Alsabah اخبار الصباح

عجز ضخم لصندوق التقاعد في الجزائر

صندوق التقاعد في الجزائر يتعمق العجز المالي لصندوق التقاعد في الجزائر، بعد أن تضاعف بأكثر من 8 مرات في عشر سنوات وسط مخاوف من ضياع مستحقات نحو 3.9 ملايين شخص.

وكشفت الموازنة التكميلية للعام الجاري 2022، عن تسجيل صندوق التقاعد عجزاً يفوق 720 مليار دينار (حوالي 5.2 مليارات دولار) مقابل 680 مليار دينار العام الماضي، ما دفع الحكومة لاقتراض 500 مليار دينار من الصندوق الجزائري للاستثمار، للعام الثالث على التوالي، لسد العجز.

واضطرت الحكومة لاقتراض مبلغ مماثل العام الماضي لضمان معاشات المتقاعدين، مع اللجوء لحلّ آخر لأول مرة وهو ضخ 3% من الجباية النفطية التي تشهد انتعاشاً مع تعافي عائدات النفط، في صندوق التقاعد وهو ما يمثل 64 مليار دينار، فيما يبقى تمويل العجز المتبقي والمقدر بحوالي 156 مليار دينار مجهولاً حتى الآن.
3.9 ملايين مستفيد من صندوق التقاعد

وحسب البيانات الصادرة عن صندوق التقاعد، التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن عدد المستفيدين من استحقاقات التقاعد يبلغ نحو 3.9 ملايين شخص، في حين يبلغ عدد حالات التقاعد الجديدة سنوياً 50 ألف شخص.

وحسب الأرقام فإنّ نفقات صندوق التقاعد تبلغ 1.22 تريليون دينار سنوياً (حوالي 9 مليارات دولار) مقابل إيرادات لا تتعدى 500 مليار دينار سنوياً.

وكانت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي قد رفعت في مايو/ أيار الماضي، معاشات التقاعد بمعدل يتراوح من 3% إلى 10% وذلك بالاعتماد على مبلغ المعاش، بأثر رجعي يعود إلى نفس الشهر من العام الماضي 2021، بتكلفة بلغ إجماليها 40 مليار دينار، فيما جاءت الزيادات هذه المرة لصالح ذوي المعاشات الضعيفة، عكس ما طُبّق سابقاً من زيادات موحَّدة لكل المعاشات.

ويقول عمار صغوان، عضو لجنة الشؤون المالية والميزانية في البرلمان إن الحلول التي تقدمها الحكومة لتغطية جزء من عجز صندوق التقاعد مجرد حلول وقتية، إذ لا يمكن أن يجري الاقتراض من صندوق استثماري كل سنة لصالح صندوق آخر غير استثماري أي أن القرض ينفق لتغطية المعاشات"، مضيفا: "كيف سيجري تسديد القرض وما هو الأجل الزمني؟ مع الإحاطة بأن صندوق الاستثمار أقرض صندوق المعاشات قرابة 1.5 تريليون دينار".

ويتابع صغوان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الدعم عبر الاقتراض من صندوق الاستثمار أو الاقتطاع من جباية النفط ليس سوى حل ترقيعي وتأجيل للأزمة، فهذه الأمور لن تنقذ الصندوق الوطني للتقاعد من مشكلاته المالية المزمنة، لا سيما عند الأخذ بعين الاعتبار التركيبة الديموغرافية في البلاد، والتبعية الكبيرة للريع النفطي الذي يعد المغذي الرئيسي للصندوق، ولن تستمر تلك الحلول مع انهيار أسعار النفط في المستقبل".

تعديل نظام التقاعد

وكانت الحكومة قد أقرت تعديلاً على نظام التقاعد سنة 2017، لخفض كتلة المعاشات، بإلغاء التقاعد المُسبق الذي يعطي لأي شخص عمل في المجموع 32 عاماً، حق التقاعد من دون انتظار السن القانونية لذلك، والمحدد بستين عاماً، وأبقت الحكومة على شرط بلوغ العامل سن 60 سنة بالنسبة للرجال و55 سنة للمرأة على الأقل، لكي يستفيد من التقاعد، في حين يمكن للعامل أن يضيف 5 سنوات أخرى بموافقة صاحب العمل.

كما خصَّصت الحكومة، بموجب موازنة سنة 2018، ضريبة تقدّر بنسبة 1% على المنتجات المستوردة التي يعاد بيعها، لفائدة صندوق التقاعد، وإن كان ذلك غير كافٍ، نتيجة للتدفّق الهائل للعمال الذين بلغوا سنّ التقاعد القانونية والتقاعد المبكر لعمال آخرين منذ سنة 1995، ومن جهة أخرى نتيجة لقلة عدد الموظفين المساهمين في هذا الصندوق، وفق النقابي والمختص في قانون العمل نور الدين بوضربة.

ويقول بوضربة لـ"العربي الجديد" إن "أزمة صندوق التقاعد ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكم نتائج سوء التسيير والاعتماد المفرط على عائدات النفط، وما زاد تعقد الوضع هو ارتفاع البطالة في عامي 2020 و2021 جراء جائحة فيروس كورونا، ما يعني تراجع الاقتطاعات من أجور العمال".

ويضيف أن "اللافت هو تلقي مسؤولين جزائريين لمعاشاتهم من صندوق الإطارات الممول من صندوق التقاعد، وهذا إجحاف في حق العمال، لأن نسب الاشتراك تكون غير متساوية من حيث السنوات، فمثلا الوزير بعد 10 سنوات عمل يحق له تقاضي معاش 100% وهو نفس الحق للنواب، فيما يضطر العامل لبلوغ سن 60 سنة لتلقي معاش كامل".

بالإضافة إلى المشاكل المالية التي يعانيها صندوق التقاعد، فإنه يشهد شغورا في منصب المدير، حيث يسير الصندوق من وزارة العمل منذ إقالة مدير الصندوق السابق قبل أكثر من سنة، ولم يجر تعيين مدير جديد له، و"هذا يترجم غياب نظرة حكومية واضحة لصندوق مهم"، وفق الخبير الاقتصادي جمال نور الدين.

ويقول نور الدين لـ "العربي الجديد" إنّ "الصندوق يحتاج كذلك إلى مراجعة شاملة في قوانين الشغل، من خلال تشديد الرقابة على الاقتصاد الموازي الذي لا يصرح بعماله ولا يدفع اشتراكات في صندوق الضمان الاجتماعي (التغطية الصحية) الذي يحول جزءاً من الاقتطاعات إلى صندوق التقاعد، وبالتالي نحتاج اليوم إلى مراجعة سوق التشغيل في الجزائر".

وتظهر البيانات الرسمية أنّ العجز المالي لصندوق التقاعد قفز بنسبة 853.6% منذ عام 2013، إذ سجل حينها 75.5 مليار دينار، ليواصل ارتفاعه المتتالي منذ ذلك العام.
إقتصاد | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأحد 25 سبتمبر 2022
أحدث الأخبار (إقتصاد)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com