Akhbar Alsabah اخبار الصباح

"كمينتس" يهدد منازل القدس بالهدم

منازل القدس يخشى المقدسيون أن تؤدي التعديلات التي أعقبت مصادقة الحكومة الصهيونية على ما يسمى بقانون "كمينتس"، قبل بضع سنوات، إلى مزيد من عمليات الهدم لأعداد كبيرة من منازلهم، بسبب ما يفرضه هذا القانون من تقييد لعمل القضاة في استصدار قرارات تمديد تمنع هدم منازلهم.

وقد أوجد هذا الأمر حالة من الحراك الشعبي الذي يقوده المتضررون من عمليات الهدم، والذي بدأ يتصاعد لمواجهة عمليات الهدم، خصوصاً في بلدة جبل المكبر جنوب القدس المحتلة.

ويحذر الناشط الحقوقي رائد بشير، في حديث مع "العربي الجديد"، من المخاطر التي تحيط بمئات منازل الفلسطينيين في القدس المحتلة، خلال العام الحالي، أكثر من نصفها في بلدة جبل المكبر، لصالح شق الشارع الاستيطاني المعروف بـ"الشارع الأميركي".

يأتي هذا التحذير في وقت سجل فيه يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، هدم 34 منزلاً ومنشأة في القدس المحتلة، وفق معطيات عدة مراكز حقوقية، من أبرزها مركز معلومات وادي حلوة، وبيتسيلم، ووحدة العلاقات العامة في محافظة القدس، وهو عدد كبير من المنازل والمنشآت يهدم في شهر واحد فقط.

هدم عدد كبير من المنازل بعد "كمينتس"

ويؤكد بشير أن هذا العدد الكبير من المنازل، التي هدمت في غضون شهر واحد، إضافة لما يتهدد المئات الأخرى من الهدم في القدس، جاء بعد أن صادقت حكومة الاحتلال على قانون "كمينتس" أواخر العام 2017 (تعديل رقم 116 لقانون التنظيم والبناء).

ووضع القانون شروطاً تعجيزية لتمديد أوامر الهدم للمنازل غير المرخصة، ما سرّع في غضون السنوات الخمس الماضية من هدم آلاف المنازل في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. وبدأت آثار كارثية لهذا القانون بالتجلي، مع تزايد كبير في هدم المنازل والمنشآت، وباتت المخططات والنتائج في القدس واضحة.

واستناداً إلى قوائم الملفات المنظورة في محكمة الشؤون المحلية الصهيونية (محكمة بلدية الاحتلال في القدس)، والتي سترفض التمديدات بحكم نصوص هذا القانون، من المتوقع أن تشهد الشهور المقبلة أرقاماً قياسية مذهلة للهدم، تتراوح بين 500 و600 منزل ومنشأة، ثم تتضاعف الأرقام خلال السنوات المقبلة.

التعديل لتنفيذ سياسة تهويد القدس

يقول بشير إن "هذا التعديل، الذي أجري في العام 2017، كان هدفه بامتياز هدم أكبر عدد ممكن من المنازل تحت ذريعة البناء غير المرخص وغير القانوني، لكنه في الواقع يهدف إلى تنفيذ سياسة التهويد الدائمة للقدس، وبالتالي تم وضعه لغايات سياسية".

ووفقاً للتعديل الأخير على هذا القانون، فإن كل مواطن تعرض للمخالفة من قبل محكمة الشؤون البلدية في القدس، سواء كان في أرض خضراء (يمنع البناء عليها)، أو أرض مصنفة سكنية، يجب عليه استصدار رخصة، وإذا لم يستصدرها تتولى البلدية هدمها.

بمعنى أنه لو أن مواطناً تعرض لمخالفة بناء من دون ترخيص، أو استعمال للبناء دون ترخيص، وصدر قرار بحقه في العام 2019 مثلاً، فقد جرت العادة أن يمنح مدة سنة لتمديد أمر منع الهدم أو الحصول على ترخيص، لكن بعد انقضاء ذلك العام سيكون من الاستحالة الحصول على تمديد أمر منع الهدم، ما يهدد بهدم منازل أعداد كبيرة جداً من المقدسيين.

جبل المكبر: الاستهداف الأكبر

على الرغم من أن الهدم يطاول معظم منازل البلدات والأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة، إلا أن بلدة جبل المكبر تحظى بنصيب الأسد من عمليات الهدم المتوقعة والوشيكة.

ويرتبط واقع هذه البلدة، الواقعة إلى الجنوب من القدس القديمة، إلى وضع سلطات الاحتلال عدة مشاريع هيكلية وتنظيمية غرضها ترحيل الأهالي، من أبرزها مشروع ما يعرف بـ"الشارع الأميركي".

وتحدد الخريطة المقترحة لـ"الشارع الأميركي"، الممتد من مفترق عين اللوزة وحتى مفترق الشيخ سعد في القدس، تقسيم الأرض إلى قطع جديدة، وتحديد الاستخدامات للتقسيم الجديد للمنطقة للطرق والمباني العامة، وللمساحات العامة الطبيعية. كما تحدد قطع للاستخدامات المدنية، وتحديد نسبة البناء على الأرض وتحديد ارتفاع المباني ما بين 6 و8 طوابق فوق مستوى "الشارع الأميركي"، وتحديد خط بناء صفر على امتداد الشارع لأجل خلق استمرارية في الواجهة التجارية.

في حين، تحدد الخريطة الهيكلية لعرب السواحرة أن يكون على امتداد "الشارع الأميركي" في كلا الجانبين منطقة غابات مدنية متعددة لأغراض التجارة والتشغيل والسكن والفنادق، بغية تكوين محور تجاري رئيسي ومكثف، ليكون مركز الحياة والهيكل التجاري والتشغيلي للحي السكني الجديد.

يذكر أن الوضع الراهن في المنطقة، التي يخترقها "الشارع الأميركي"، يوجد فيها بنايات، بعضها يقع في مناطق مصنفة للسكن والبعض الآخر يقع على أراضٍ غير مخصصة للسكن (مناظر طبيعية) خاصة على الجانب الشرقي من الشارع.

سابقة في القدس

هذا التوجه الجديد من قبل أهالي بلدة جبل المكبر يشكّل سابقة في القدس، وقد لاقت دعماً وتأييداً من قبل المقدسيين باعتبار ما يجري من عمليات هدم أمرا متعلقا بالأمن الحياتي وأمن وجودهم. وقد خلق هذا الأمر حالة جديدة من الوعي والإدراك لأهمية معرفة القوانين التي تطبقها بلدية الاحتلال بحقهم، ومواجهتها من خلال هذه القوانين وصولاً إلى التغيير المنشود.

وكانت بلدة سلوان جنوب القدس في التظاهرة الأخيرة، التي نظمت في ساحة مقر بلدية الاحتلال في القدس، حاضرة من خلال ممثلين عن أهالي البلدة، الذين يدركون أن بلدتهم هي الأخرى مستهدفة من عمليات الهدم خاصة الهدم الذاتي، حيث لا يمر يوم دون أن يجبر الأهالي على هدم منازلهم بأيديهم.

ويقول رئيس لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات بلدة سلوان، مراد أبو شافع، لـ"العربي الجديد": "نحن نرفض عمليات الهدم هذه، ولن نقبل بها، سواء كانت من قبل جرافات بلدية الاحتلال أو من خلال إرغام مواطنينا على هدم منازلهم بأيديهم". ويؤكد أبو شافع: "لن نسمح لهم بأن يستغلوا عمليات الهدم هذه لدفع شعبنا إلى ترك القدس، والرحيل عنها، في إطار سياسة التهجير والطرد الصامت".

ويضيف: "اليوم جبل المكبر وغداً القدس بكل أحيائها. والفعاليات المطلبية التي بادر إليها أهالي جبل المكبر خطوة في الطريق الصحيح، نأمل أن تعم كل أحياء القدس المهددة منازل أبنائها بالهدم".

بدوره، يقول راسم عبيدات، المحلل السياسي والإعلامي وأحد أهالي جبل المكبر، لـ"العربي الجديد": إنه "من الواضح أن هناك حرباً شاملة تشن على أبناء الشعب الفلسطيني المقدسي، من قبل دولة الاحتلال في مدينة القدس، خصوصاً في قضايا الطرد والتهجير القسري والاقتلاع والتطهير العرقي، كما يجري في حي الشيخ جراح وسلوان، وكذلك المجازر التي ترتكب بحق الحجر المقدسي، وتحديداً في جبل المكبر".

ويتابع عبيدات: "لقد أطلقت وحركت العديد من المبادرات الشعبية للدفاع عن الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، ولكي تقول للمحتل كفى هدماً لبيوتنا وطرداً وتهجيراً بحقنا من خلال الاستيلاء على بيوتنا وممتلكاتنا. هذه المبادرات من شأنها أن تجعل الجماهير التي تمس مصالحها واحتياجاتها بشكل مباشر تشارك في مثل هذه الأنشطة والفعاليات".

ويشدد عبيدات على أن "هذا يحتاج إلى قوى مبادرة تعمل على التحشيد والتأطير لهذه الجماهير، بحيث تكسر حاجز الخوف مع جنود الاحتلال ومستوطنيه، وكذلك من أجل رفع الصوت عالياً للقول لدولة الاحتلال وبلديتها ومستوطنيها كفى بلطجة وعربدة". ويعتبر أن "ما يحصل من بروفات للتحركات والفعاليات الشعبية والجماهيرية سيخلق المقدمات الضرورية نحو هبات شعبية أكثر اتساعاً وشمولية، محلية ومناطقية".
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الاثنين 07 مارس 2022
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com