أعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية، أنها لن تؤيد مرشحًا بعينه فى انتخابات الرئاسة، وأنها لن توجه مريديها لدعم أحد على حساب أحد، وأنها ستترك الحرية لمريديها دعم من يرونه الأصلح لقيادة البلاد من خلال من يرون فيه التقوى والصلاح والتحلى بالأخلاق المحمدية.
جاء ذلك فى مؤتمرها الذى عقد مساء اليوم، الاثنين، بقاعة مؤتمرات الأزهر، وبحضور أكثر من 1500 من مريدى الطرق الصوفية، تحت عنوان "الصوفية والانتخابات الرئاسية"، وحضور نائب عن شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية ووزير الأوقاف.
قال الدكتور حسن الشافعى، نائب شيخ الأزهر، تعانق الأزهر منذ 8 قرون مع الصوفية لما يمثله من قيم روحية وأخلاقية، مؤكدا أن الدعوة الصوفية هى دعوة ومسلك إيجابى لأنه من يتحدث عن التصوف إما أن يكون صادقا أو منافقا، موضحًا أن مسلك التصوف هو مسلك سنى إيجابى فعال، وتنبثق إيجابية التصوف من أنها لا تتعارض مع ظواهر الأمور وتتجه إلى حقائقها وباطنها والدليل أن التصوف أول ما يمتلك فى رحلته الروحية هو قلب الإنسان.
وأشار إلى أن الإنسان فى هذه التجربة النفسية يمر بثلاث مراحل التخلى والتحلى والتجلى، مضيفا أن تلك المراحل هى سلوك صاعد إلى الله تعالى ومعراج على قدم النبى صلى الله عليه وسلم.
وقال الدكتور عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، إن صوت كل ناخب أمانة يجب عليه أن يؤديها طبقًا لما يمليه عليه ضميره الدينى والوطنى بكل حرية وأمانة، وذلك انطلاقًا من أهمية المشاركة الإيجابية والفاعلة من كافة فئات الشعب المصرى فى الانتخابات الرئاسية، وأنه لابد من العمل على سلمية العملية الانتخابية بما يتناسب ومكانة مصر وتاريخ شعبها العظيم، واحترام إرادة الشعب ونتائج الانتخابات، والقبول بما تفرزه صناديق الانتخابات باعتبارها تعكس إرادة الشعب صاحب السيادة، كما أكدت أنها تتطلع إلى شعب واع يعلم ما له من حقوق وما عليه من واجبات، لأن صلاح الراعى من صلاح الرعية.
وأعرب عن أمله أن تفرز الانتخابات رئيسًا لكل المصريين بكافة انتماءاتهم وعقائدهم الدينية والسياسية والاجتماعية، وعلى أن يكون الرئيس القادم عادلاً لا يخشى فى الله لومة لائم، ولديه قدرة على إيقاظ الهمم وتفجير طاقات الأمة والبناء والتنمية.
من جانبه قال الشيخ فؤاد عبد العظيم، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد والقرآن الكريم، نائبًا عن وزير الأوقاف، أن مصر محفوظة وبلد الأمن والأمان ببركة أزهرها وأولياء الله الصالحين والعلماء جميعًا، وقد جعل الله مصر الحصن الحصين وأعطى شعبها الأمن والأمان، وسيظل الأمن فى مصر إلى يوم الدين، مشيرا إلى أن الأزهر سيظل مرجعية الجميع خاصة المجلس الأعلى للطرق الصوفية لأن الأزهر حافظ على القرآن الكريم وعلومه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقال إننى كمسئول فى الأوقاف أعاهدكم بالمحافظة على الأضرحة الموجودة بالمساجد والاحتفال بأصحابها، وإقامة الموالد وعلى رأسها مولد الرسول عليه الصلاة والسلام.
من جانبه، دعا الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية ونائبا عنه، كافة فئات الشعب المصرى من رجال ونساء وشباب إلى الحرص على أداء واجبهم الوطنى فى المشاركة الإيجابية الفاعلة فى الانتخابات الرئاسية التاريخية، مشيرا إلى أن اختيار رئيس الجمهورية ومن سيقود البلاد والعباد فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأمة هو أمانة فى عنق كل مصرى يحق له الاختيار، وأن الإدلاء بصوته يعد من باب الشهادة قال تعالى"وأقيموا الشهادة لله"، وإن الله سبحانه وتعالى قد أمر أن يشهد المرء بالحق بلا منع أو كتم للشهادة لقوله عز وجل "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".
ودعا الجميع إلى احترام إرادة الشعب المصرى ونتائج الانتخابات والقبول بما تفرزه نتائج الصناديق عبر الانتخابات الحرة والنزيهة مع قناعتنا أن رئيس مصر القادم سيكون رئيسًا لكل المصريين بكافة انتماءاتهم السياسية والحزبية والفكرية والدينية، مطالبا أنصار المرشحين كافة على مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم باحترام حق الآخرين من أبناء الوطن فى الاختلاف على من يمثلهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة ومن يقود أمتهم خلال المرحلة القادمة.
ودعا أبناء مصر ممن لهم حق الانتخاب إلى تجنب الصدام والعنف و الاحتكاك غير المبرر والإلتزام بالسلمية والحفاظ على المنشآت والحفاظ على صناديق الانتخابات بشكل قانونى وعدم الإنصات للدعاوى التى قد تؤدى إلى العنف أو تؤدى إلى الصدام أو الوقيعة أو الفتنة والتى تسىء لصورة الأمة المصرية التى تتطلع لبناء حضارة ومستقبل جديد وسط الأمم المتحضرة.
كما دعا سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية وجميع التيارات السياسية إلى بذل ما يستطيعون من جهد وما يمتلكون من أدوات للحفاظ على سلمية هذا العرس الديمقراطى المصرى والتاريخى الدولى الذى يراقبه الدانى والقاصى فى جميع بلاد العالم ليعبر عن الإرادة الحقيقية لجموع المصريين وليكون بحق نموذجا حضاريا جدبدا تهديه مصر للعالم لاتباعه كما هو العهد بمصرنا الحبيبة عبر العصور.
وقال الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر للعلاقات الخارجية، إن التصوف خدمة تتكيف بحاجة كل عصر وكل إنسان وكل وطن، فهى تجسيد شامل لعملية الاستخلاف على الأرض بكل مظاهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن بأسمى وأهم وأتم معانيها، عيدا عن ضيق الحزبية السياسية أو التعصب الفئوى أو الطائفى أو أسر المناصب وكراسى الحكم أو أغلال النفعية وقيود المصالح.
وأضاف إن وحدة الأمة والحفاظ على تماسكها وانسجامها هو الأساس الأول الذى يجب ألا يغيب عن نظر الناخبين لحظة، مهما كانت انتماءاتهم أو توجهاتهم أو آرائهم، مشيرا إلى أن أهم مقومات البناء الصحيح للأمة هو تقديم الولاء عند الاختيار للجماعة والأمة على الولاء للحزب أو القبيلة أو العشيرة أو الفئة أو الشخص.
وأكد مهنا أن المرجع المهم فى كتاب الله وسنة رسوله، هو الأزهر الشريف ضمير الأمة ومفتاح الشخصية المصرية بمنهجة الوسطى وعراقته العلمية وقامة علمائه، مشيرا أن التعصب للأشخاص أو الطوائف أو الأحزاب هى أقوى علامات التخلف والرجعية والانحطاط الحضارى والعلمى والخلقى، مضيفا ليس من فقه الانتخاب الاغترار بالكثرة والغلبة والضجيج العالى قال تعالى "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم"، فقد تؤدى الكثرة إلى الهلاك إن كانت لا تعقل أو تعلم أو لا تشكر أو لا تؤمن، كما قال تعالى "بل أكثرهم لا يعقلون"، "ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
وأشار إلى أن الطامة الكبرى وآفة الآفات فى الانتخابات، آفتان الأولى اتباع الهوى والثانية اتباع الظن، أما الظن فهو أكذب الحديث، أو كما قال صلى الله عليه سلم وقال تعالى "وما يتبع أكثرهم إلا ظنا وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا"، وأما الهوى: فهو يعمى عن الرشد: قال تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه..... وقال صلى الله علية وسلم "ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى يتبع".
وناشد الدكتور محمد محمود أبو هاشم، عميد أصول الدين جامعة الأزهر، فرع الزقازيق، المصريين جميعا أن يكونوا فى غاية الإيجابية والقيام بالواجب الشرعى والواجب الوطنى، وذلك بالخروج إلى الانتخابات بعد غد مساهمة من أبناء مصر جميعا فى بناء مستقبل مصر، ودعوة أبناء مصر جميعا إلى التحلى بالقيم النبوية والأخلاق المحمدية فى إدارة أمور انتخابات الرئاسة بالتعامل الراقى مع المخالف وعدم التشويه للمرشح الذى لا تختاره والحرص التام على عدم تزوير الانتخابات والتحلى بالسكينة فى أجواء الانتخابات من أجل إعلاء القيم الأخلاقية والصوفية والمصرية الأصلية، أن يكون الشعب المصرى بأكمله حارسًا أمينًا يحافظ على سير الانتخابات فى هدوء وفى حمايتها من التزوير، القبول بنتيجة الانتخابات بعد إعلانها واصطفاف المصريين جميعًا خلف الرئيس الذى تسفر صناديق الانتخابات بإحرازه لمنصب الرئيس مهما كان شخصه.
وقال السيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، إن وصيتنا للرئيس القادم" إن مكنك الله تعالى أن تسير فى أهل مصر سيرة العمرين: عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، وأن تجعل من صلاح الدين أسوة لك، لقد أقاموا دولة العدل والحق والكرامه والإنسانيه والشورى فرسالة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هى رسالة الوسيطة والاعتدال والسماحة والمرحمة.
وأضاف نحتاج من الرئيس القادم العمل على جمع الشمل وبث الثقة واستعادة الأمن وإنعاش الاقتصاد ومحاربة الأمية ومكافحة الفقر والبطالة واستثمار الثروة البشرية، واتباع سياسة اقتصادية تحقق العدالة الاجتماعية والعمل على تأسيس دولة ديمقراطية تعتمد على دستور تتوافق عليه كل طوائف الشعب، والمحافظة على دعم القوات المسلحة لتكون دائما الدرع الواقية لحماية الوطن، ونريد رئيساً ينحاز للحق ومصلحة الشعب نريد رئيساً لا يتلقى تعليمات من أحد سوى الشعب.