رحيل الدكتور محمد عمارة أحد أركان التجديد في الفكر الإسلامي

رحل اليوم المفكر الإسلامي المصري محمد عمارة، بعد صراع قصير مع المرض لم يتجاوز ثلاثة أسابيع؛ تاركاً أكثر من سبعين كتاباً، ومئات المقالات والمحاضرات والدراسات.

وُلد عمارة (1931 - 2020) في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، درس اللغة العربية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة وتخرج منها عام 1965، ثم تابع دراساته في الفلسفة وحصل على درجة الدكتوراه من الكلية ذاتها بين عامي 1970 و1975.

يُعد عمارة من أبرز الشخصيات التي تحولت من الفكر الماركسي إلى الفكر الإسلامي، تأثر بالشيخ محمد الغزالي (1917-1996) مع آخرين من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي وعبد الحليم عويس ومحمد سليم العوا وطارق البشري.

وحتى رحيله، لم يتوقف نشاط الراحل في الكتابة والتأليف وإلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات والمؤتمرات، كما كان عضواً فاعلاً ومؤثراً في العديد من المجالس والمؤسسات مثل "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية"، و"المعهد العالي للفكر الإسلامي"، وعضو "هيئة كبار علماء الأزهر".

كانت آراء عمارة الفكرية الجريئة ومواقفه السياسية الداعمة للديمقراطية بعد ثورة يناير 2011 سبباً في تأليب خصومه عليه، خاصة بعد وقوع الانقلاب في 2013 وموقفه الصريح ضده، حيث جرت تنحيته عن رئاسة تحرير "مجلة الأزهر".

اهتم بتراث المفكرين الإسلاميين والوطنيين، وجمع أعمال عدد منهم، وقام بتحقيقها ودراستها ونشرها؛ فقدم الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي، وقاسم أمين، وعلي مبارك. كما أنجز عدة دراسات تناول فيها شخصيات مؤثرة في الفكر والأدب مثل الغزالي وعبد الرزاق السنهوري وأبي الأعلى المودودي ولويس عوض وغيرهم.

اهتم عمارة في كتاباته بتفنيد الشبهات ضد الإسلام، وتصدى للدفاع عن مبادئه الإنسانية في عدد من كتبه مثل: "الغارة الجديدة على الإسلام"، "الإسلام والسياسة: الرد على شبهات العلمانيين".

ومن مؤلفاته أيضاً: "التفسير الماركسي للإسلام"، "المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية"، "معالم المنهج الإسلامي"، "الإسلام والمستقبل"، "نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام"، "معارك العرب ضد الغزاة"، و"أزمة العقل العربي"، وكتب أيضاً في "الإسلام والفنون الجميلة".

ومن أواخر مؤلفاته المنشورة "الخطاب الديني بين التجديد الإسلامي والتبديل الأمريكاني"، و"الغرب والإسلام: أين الخطأ وأين الصواب"، و"مقالات الغلو الديني واللاديني".

كتب كثيرون عن عمارة، فوصفه المفكر ورجل القانون طارق البشري بأنه أحد أركان التجديد الصحيح في حركة الفكر الإسلامي المَعِيش، والتي تشمل أسماء مثل محمد عبده، ورشيد رضا، ومحمد مصطفى المراغي، ومحمود شلتوت، وأحمد إبراهيم، وعلي الخفيف.

كما نوقشت في عدد من الجامعات العربية رسائل ماجستير ودكتوراه عن أفكاره، ومن آخر المؤلفات المنشورة عنه كتاب: "المشروع الفكري للدكتور محمد عمارة" لمؤلفه يحيى رضا جاد الصادر مؤخراً في القاهرة.