Akhbar Alsabah اخبار الصباح

نصيب الشباب في الموازنة يفضح مسرحية “مؤتمرات السيسي”

الشباب يومًا بعد يومٍ تتجلّى جرائم نظام الانقلاب ضد المصريين عامة، وفئة الشباب خاصة، وتنوّعت تلك الجرائم بين الاعتقال والإخفاء القسري والإعدام والتصفية الجسدية، فضلا عن دفع العديد من الشباب للانتحار والتخلص من حياتهم؛ بسبب تردّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتفشي البطالة وعدم قدرة الشباب على الزواج، وذلك في وقت ينظم فيه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي مؤتمرات للشباب التابعين له.

تجاهُل معاناة الشباب ظهر في ضعف الموازنة المخصصة للشباب في موازنة العام الجاري، حيث كشف الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام سابقًا، عن تخصيص حكومة الانقلاب للشباب 0.5%فقط بالموازنة الحالية، مشيرا إلى محاولة نظام السيسي التخفيف من حدة سخط هؤلاء الشباب، بالتصريح بأنَّ جانبًا كبيرًا من تكلفة المؤتمرات يأتي من خلال الرعاة من الشركات والبنوك، وينسى هؤلاء أن تلك الشركات والبنوك تتقدم لمصلحة الضرائب بإيصالات تبرعها للمؤتمرات الشبابية لخصمها من الضرائب المستحقة عليهم، أي أن تلك المؤتمرات تؤثر سلبًا على الحصيلة الضريبية التي تعد الرافد الأكبر للإنفاق على بنود مصروفات الموازنة من أجور ودعم واستثمارات حكومية.

وقال الولي، عبر صفحته على فيسبوك: “حسب تقديرات جهاز الإحصاء المصري لسكان البلاد ببداية العام الحالي، فقد بلغ عدد الشباب في الفئة العمرية من 18 عاما إلى 29 عاما، 20.2 مليون شاب، نسبة 51% منهم من الذكور و49% من الإناث. وهو العدد الذي زاد حاليا عن ذلك بفعل النمو السكاني خلال العام الحالي، كما يزيد عن ذلك إذا تم الأخذ بمعيار تراوح سن الشباب ما بين 18 إلى 35 عاما الذي تأخذ به بعض الجهات والدول”، مشيرا إلى أنَّ “الجهة الحكومية المسئولة عن شباب مصر هي: المجلس القومي للشباب، التابع لوزارة الشباب والرياضة، والذي يشرف على الهيئات الشبابية المختلفة من مراكز شباب في القرى بلغ عددها 3864 مركزا، ومراكز شباب في المدن بلغ عددها 477 مركزا، وعلى الاتحاد العام للكشافة والمرشدات الذي تتبعه جمعيات متخصصة، إلى جانب هيئات شبابية أخرى”.

موازنة الرياضة أكبر من الشباب

وأشار الولي إلى أنَّ “مخصصات المجلس القومي للشباب في موازنة العام المالي الحالي (2019/2020) الذي بدأ منذ بداية يوليو الماضي وتستمر العمل بها حتى نهاية يونيو القادم، بلغت 864.5 مليون جنيه، بنسبة 18% من إجمالي مخصصات مكونات وزارة الشباب والرياضة في موازنة العام المالي الحالي، البالغة 4.9 مليار جنيه، كما بلغ نصيب المجلس القومي للشباب الذي يخدم أكثر من 20 مليون شاب؛ نسبة واحد بالألف من إجمالي مصروفات الموازنة الحكومية للعام المالي الحالي البالغة 1575 مليار جنيه”، لافتا إلى أنَّ المجلس القومي للشباب يمثل أحد المكونات الأربعة التابعة لوزارة الشباب والرياضة، والتي تضم أيضا: ديوان عام الوزارة، والمجلس القومي للرياضة، ومديريات الشباب والرياضة المنتشرة في المحافظات السبع والعشرين”.

وأوضح الولي أن “موازنة وزارة الشباب والرياضة البالغة 4.9 مليار جنيه، توزعت ما بين المكونات الأربعة: بنسبة 49 في المئة لمديريات الشباب والرياضة، و33 في المئة للمجلس القومي للرياضة؛ المشرف على الهيئات الرياضية من أندية واتحادات لعبات وعلى النشاط الرياضي في الشركات وعلى الشركات الرياضية، و18 في المئة للمجلس القومي للشباب، ونسبة أقل من نصف في المئة لديوان عام الوزارة”، مشيرا إلى أنَّ مخصصات وزارة الشباب والرياضة البالغة 4.9 مليار جنيه، والتي يصل نصيبها نسبة ثلاثة بالألف من إجمالي مصروفات الموازنة الحكومية، تتوزع ما بين أبواب الموازنة المعتادة: بنسبة 48 في المئة لأجور العاملين في المديريات والوزارة ومجلسيها الرياضي والشبابي، و29 في المئة للاستثمارات لبناء الملاعب والمنشآت الرياضية، و21 في المئة لدعم الهيئات الشبابية والرياضية، و1.5 في المئة لشراء المستلزمات الرياضية والإضاءة والمياه والصيانة والمستلزمات المكتبية”.

أزمة المحافظات

وأضاف الولي أنه “رغم حصول مديريات الشباب والرياضة على حوالي نصف مخصصات الوزارة، بنحو 2.4 مليار جنيه، إلا أنّه بتوزيعها على المحافظات السبع والعشرين يصل متوسط نصيب المحافظة 90 مليون جنيه خلال العام، وهو مبلغ لا يفي باحتياجات الأنشطة الشبابية والرياضية في ضوء كبر عدد السكان بكثير من المحافظات”، مشيرا إلى أن “محافظة البحيرة البالغ عدد سكانها 6.4 مليون نسمة؛ بلغت مخصصات مديرية الشباب والرياضة فيها 98 مليون جنيه، ومحافظة القليوبية البالغ سكانها 5.8 مليون نسمة بلغت مخصصات مديرية الشباب والرياضة فيها 77.5 مليون جنيه، ومحافظة المنيا البالغ عدد سكانها 5.7 مليون نسمة بلغت مخصصات مديرية الشباب والرياضة فيها 91 مليون جنيه”.

وحول موقف القرى من تلك الميزانية، قال الولي: إن “الأهم من ذلك أن النسبة الأكبر من مخصصات مديريات الشباب والرياضة تتجه للأجور، حتى تخطى نصيب الأجور 95 في المئة بمديرية شباب محافظة الغربية، و94 في المئة بالدقهلية، و93 في المئة بالشرقية، وهي المحافظات التي حصلت على أعلى المخصصات بين مديريات الشباب والرياضة، وهو ما يعني من ناحية أخرى ضآلة المبالغ المتبقية لشراء الأدوات الرياضية أو للإنفاق على صيانة الملاعب والمنشآت الرياضية والشبابية، أو لبناء ملاعب ومنشآت جديدة في المحافظات”، لافتا إلى أن “خلو مئات القرى من وجود مراكز شباب أصلا، فإذا كان عدد القرى المصرية قد بلغ 4727 قرية، فإن عدد مركز شباب القرى قد بلغ 3864 مركزا، بنقص عدد مراكز شباب القرى عن عدد القرى 863 مركزا، وهكذا نجد 213 قرية في محافظة المنيا بجنوب البلاد ليس فيها مراكز للشباب”.

قرى محرومة

وذكر الولي أن “عدد القرى التي تخلو من وجود مراكز الشباب تبلغ 152 قرية بمحافظة الشرقية، و121 قرية في محافظة البحيرة، و108 قرية في محافظة سوهاج، و81 قرية في محافظة أسيوط، و80 قرية في محافظة المنوفية، و58 قرية في محافظة بني سويف، إلى غير ذلك من المحافظات. بل إن هناك مدنا ليس فيها مراكز للشباب، منها أربع مدن في محافظة الدقهلية، وثلاث مدن في محافظة كفر الشيخ، ومدينتان في محافظة الأقصر، كذلك فإن العديد من مراكز الشباب في القرى ليس بها ملاعب مما يحرم سكانها من ممارسة الأنشطة الرياضية، الأمر الذي يصيب شباب تلك القرى والمدن المحرومة من وجود مراكز شباب أو من وجود ملاعب في مراكز الشباب؛ بالحسرة بين الحين والآخر وهم يشاهدون البذخ في إقامة المؤتمرات الشبابية التي يحضرها الآلاف من الشباب الذين تختارهم الأجهزة السيادية في أفخم فنادق المدن السياحية، والتي بلغ عددها ثمانية مؤتمرات منذ أكتوبر 2016، بخلاف مؤتمر للشباب العربي الإفريقي وثلاثة منتديات للشباب العالمي، في بلد يعاني من عجز مزمن في الموازنة ومن ارتفاع نسب الفقر والبطالة”.

وأضاف الولي أن “النظام الحاكم يحاول تخفيف حدة سخط هؤلاء الشباب بالتصريح بأن جانبا كبيرا من تكلفة تلك المؤتمرات يأتى من خلال الرعاة من الشركات والبنوك، وينسى هؤلاء أن تلك الشركات والبنوك تتقدم لمصلحة الضرائب، بإيصالات تبرعها للمؤتمرات الشبابية لخصمها من الضرائب المستحقة عليهم، أى أن تلك المؤتمرات تؤثر سلبا على الحصيلة الضريبية التي تعد الرافد الأكبر للإنفاق على بنود مصروفات الموازنة من أجور ودعم واستثمارات حكومية”، مشيرا إلى أن المادة الأولى من قانون الهيئات الشبابية الصادر في آخر عام 2017 تؤكد أنه لا يجوز للهيئة الشبابية (مراكز شباب واتحادات نوعية وجمعيات كشفية) مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو الترويج لأي أفكار أو أهداف سياسية أو دينية، كما أعطى القانون لرئيس الجهة الإدارية المختصة حق إبطال أى قرار لمجلس الادارة أو الجمعية العمومية للهيئة الشبابية، يكون مخالفا لأحكام قانون الهيئات الشبابية أو لنظام الهيئة الشبابية أو لأية لائحة، وغلظ عقوبة المخالفة لأحكام القانون إلى الحبس لمدة لا تزيد على سنة، إلا أنه على الرغم من ذلك تضمنت أنشطة مراكز الشباب في أبريل من العام الحالي حملات للتوعية بأهمية المشاركة في التصويت على التعديلات الدستورية، التي تعطى للحاكم إمكانية البقاء بمنصبه حتى عام 2030 وتقلل من استقلالية عدد من الهيئات القضائية.

وتابع الولي قائلا: “تنوعت أنشطة مراكز الشباب ما بين المسابقات الثقافية والندوات الثقافية والرحلات والورش التدريبية، ودوري مراكز الشباب إلى جانب إقامة مهرجان سنوي للإبداع في فروع الشعر والعروض المسرحية والأفلام القصيرة والقصة القصيرة والموسيقى والغناء والدوري الثقافي المعلوماتي، بما يعني عدم إسهامها في مواجهة المشكلات المتعددة التي يعانى منها الشباب المصري، من إحباط وقهر وبطالة، وصعوبات في الحصول على السكن الخاص، وصعوبات لإمكانية الزواج في ظل الغلاء، وصعوبات في تدبير نفقات تأشيرة عمل خارج البلاد”.

انتحار الشباب

تردي الأوضاع المعيشية دفع العديد من الشباب للانتحار، خلال الفترة الماضية، وكان آخر الضحايا إقدام تاجر أقمشة يُدعى “محمود”، يبلغ من العمر 38 عامًا، على الانتحار بمركز أبو كبير بالشرقية، بتناول حبوب حفظ الغلة السامة؛ لمروره بأزمة مالية، فيما أقدم شاب في العشرينيات من عمره بمركز المحمودية بالبحيرة على الانتحار، بعد مروره بأزمة نفسية بسبب خلافات أسرية، مستخدمًا حبوب حفظ الغلال السامة؛ حيث جرى نقله إلى مركز السموم بمستشفى كفر الدوار، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة عقب وصوله إلى المستشفى، فيما شهد مركز المحمودية بالبحيرة حالة انتحار طفل في المرحلة الإعدادية؛ بسبب خلافات أسرية، وجرى تشييع جنازته صباح اليوم، فيما شهد السبت الماضي قيام شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، بالانتحار عبر إلقاء نفسه من أعلى سطح منزله بإمبابة؛ ما أسفر عن مصرعه، وذلك جراء إصابته بأزمة نفسية بسبب تردي الأحوال المعيشية، وشهد الأربعاء الماضي إقدام 4 مواطنين على الانتحار؛ حيث لقي فلاح مصرعه بإحدى قرى محافظة المنوفية، جراء إصابته بحالة تسمم نتيجة تناوله حبة حفظ الغلال؛ بسبب خلافات عائلية.

كما لقيت طالبة بالصف الثاني الثانوي بإحدى قرى مركز تلا بمحافظة المنوفية مصرعها نتيجة تناولها حبة حفظ الغلال؛ بسبب مرورها بضائقة نفسية، وهي حالة يعاني منها آلاف الشباب خوفًا من ضياع مستقبلهم وأحلامهم تحت بيادة العسكر، وفي كفر الشيخ، لقيت طالبة بالصف الثاني الإعدادي مصرعها، إثر تناولها حبة حفظ الغلال المعروفة بـ”الحبة القاتلة”، داخل منزل أسرتها بقرية شباس الشهداء، التابعة لمركز دسوق، جراء مشادة كلامية بينها وبين والدها بسبب المذاكرة، كما أقدمت طالبة، تدعى “مروة”، بقرية “البيضا البلد بكفر الدوار” بمحافظة البحيرة، على الانتحار بتناول الحبة السامة من حبوب حفظ الغلال؛ لمرورها بحالة نفسية سيئة بسبب مشاكل أسرية، تسببت في موتها على الفور، وفي مطلع الشهر الجاري، أقدم طالب بكلية الهندسة جامعة حلوان، يدعى “نادر محمد جميل”، على إلقاء نفسه من فوق برج القاهرة، والذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا، وذلك بسبب معاناته من الظروف المعيشية والدراسية، وسط حالة من الاستياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تسبب تعويم الجنيه في فقدان العملة المحلية قيمتها وارتفاع الأسعار بشكل كبير، وإغلاق العديد من المصانع أبوابها وتسريح الشباب العاملين بها.

وكشف الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام عن إغلاق 5184 مصنعًا خلال الفترة الماضية وتشريد آلاف العمال. وكتب عبد السلام، عبر صفحته على فيسبوك: إن “أسواق مصر تنكمش يومًا بعد يوم، والكساد والركود باتا يسيطران عليها، وعمليات البيع والشراء باتت شبه قاصرة على السلع الضرورية كالأغذية والأجهزة المنزلية والكهربائية، ومخازن المصانع باتت تتكدس بالسلع، في ظل ضعف الطلب المحلي وربما الخارجي مع ضعف أسواق التصدير الرئيسية خاصة ليبيا والعراق والسودان، وانخفاض الطلبات الجديدة وتراجع فرص العمل والتوظيف”.

وأشار عبد السلام إلى أن “بعض المصانع ومؤسسات الإنتاج باتت تغلق أبوابها وتطفئ أنوارها وتوقف تدريجيا ماكيناتها وتروسها ودوام موظفيها، في ظل تكدس الإنتاج وصعوبة تصريفه وتسويقه وبيعه، كما تجد المصانع صعوبة في توسيع أنشطتها وأسواقها وفتح منافذ جديدة للبيع وقبلها إضافة خطوط إنتاج حديثة، والنتيجة إغلاق مزيد من المصانع والشركات الإنتاجية أبوابها وطرد عمالها أو على الأقل تقليص رواتبهم، لتنضم إلى آلاف المصانع المتعثرة منذ سنوات والتي تجاوز عددها 5184 مصنعا”.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الثلاثاء 17 ديسمبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com