Akhbar Alsabah اخبار الصباح

لماذا أسقط برلمان تونس "صندوق الزكاة"؟

صندوق الزكاة تحوّل إسقاط البرلمان التونسي لمشروع تقدمت به حركة النهضة لإحداث "صندوق للزكاة" تخصص مداخيله للفقراء والعاطلين عن العمل، إلى سجال بين من اعتبره متعارضا مع مقومات الدولة المدنية وبين من وصف الرفض بالعمى الأيديولوجي.

وصادق نواب البرلمان مساء أمس على مشروع قانون المالية لسنة 2020، والذي شهد طوال ثلاث أيام من مناقشته مشاحنات حادة بين نواب الكتل البرلمانية، فيما سقط مشروع تقدمت به كتلة النهضة لإنشاء صندوق وطني للزكاة.

وكانت حركة النهضة اقترحت إضافة فصل ضمن قانون المالية يتعلق بمشروع صندوق للزكاة والتبرعات، تشرف عليه هيئة وطنية ممثلة عن رئاسة الحكومة، ووزارات: الشؤون الدينية، والاجتماعية، والمالية، وهيئات دستورية، وجامعة الزيتونة، وديوان الإفتاء، والجمعية التونسية لعلوم الزكاة.

وعبر القيادي بحركة النهضة نوفل الجمالي عن أسفه لعدم تمرير هذا المشروع في البرلمان، وحشره ضمن مربع تصفية الحسابات الأيديولوجية، لافتا إلى الأبعاد الاجتماعية لهذا الصندوق في حل مشاكل الفقر والبطالة التي يعاني منها جزء كبير من التونسيين.

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد على أن النهضة ستواصل في دفاعها عن هذا المقترح حتى إن لم يمر ضمن مشروع قانون المالية، كما ستعيد طرحه في البرلمان ضمن مقترحات تشريعية قادمة، لإيمانها بدوره في معاضدة مجهودات الدولة للنهوض بالفئات الهشة والمعوزة.

من جهته، وصف رئيس كتلة النهضة بالبرلمان نور الدين البحيري في تدوينة عبر حسابه بفيسبوك، سقوط مشروع صندوق الزكاة بأنه "وصمة في جبين الذين رفضوا المشروع وخاصة ممن يدّعون الدفاع عن المستضعفين".

وأكد في المقابل تمسك الحركة بالدفع بهذا المشروع ضمن أولوياتها التشريعية في الأيام القادمة، وعرضه مجددا سواء خلال مناقشة الميزانية التكميلية أو في إطار مبادرة تشريعية مستقلة.

معارك أيديولوجية
وترى كثير من قيادات الأحزاب المتحفظين أو الرافضين لهذا المشروع، أن النهضة تحاول جرهم إلى مربع المعارك الأيديولوجية، من خلال مثل هذه المبادرات المغلفة بطابع ديني، في مسعى لشيطنتهم من ناحية ومغازلة قواعدها مجددا.

واعتبر رئيس كتلة قلب تونس حاتم المليكي أن مشروع النهضة الخاص بصندوق الزكاة يتعارض مع مدنية الدولة، "باعتبار أن دورها لا يتمثل في جمع التبرعات وأموال الزكاة من المواطنين".

ونفى أن يكون رفض نواب حزبه لهذا المشروع موقفا من الدين أو عداءً لأحد أركان الإسلام، كما تحاول بعض الوجوه المحسوبة على النهضة التسويق لذلك، بحسب قوله.

ولفت المليكي في حديثه للجزيرة نت إلى أن محاربة الفقر والنهوض بالفئات المهمشة هي مسؤولية موكولة للدولة أساسا، ولا تتم عبر منطق التبرعات وجمع الزكاة.

حق أريد به باطل
ووصف رئيس كتلة التيار الديمقراطي غازي الشواشي مشروع "صندوق الزكاة" الذي تقدمت به النهضة بالحق الذي أريد به باطل، مؤكدا أن كتلته تحفظت على هذا المقترح بعيدا عن أي منطق أيديولوجي.

وفي تصريح للجزيرة نت، رأى الشواشي أن الأموال التي يدفعها كثير من التونسيين للتبرعات -سواء بدافع إنساني اجتماعي أو بوازع ديني- يمكن أن توضع تحت رقابة الدولة لاستغلالها بشكل شفاف وعادل، لتذهب إلى مستحقيها.

وانتقد في المقابل طريقة وتوقيت تقديم النهضة هذا المقترح، وعدم توضيح آليات العمل به، ومصادر تمويله والإطار التشريعي المحدد له، مما جعله محل شك وريبة.

واستحضر الشواشي ما وصفها بالتجربة المريرة التي عاشها التونسيون خلال فترة حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، عبر صندوق التبرعات "26/26"، والذي حوله إلى أداة للابتزاز ومصدر للاستثراء الفاحش له ولعائلته على حساب الفقراء.

واتهم الشواشي في ختام حديثه حركة النهضة بممارسة "الشعبوية المقيتة" من خلال جر خصومها إلى معارك أيديولوجية كانت هي في السابق أبرز ضحاياها.

وتحول الجدل السياسي بعد إسقاط صندوق الزكاة من أروقة البرلمان إلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اختلفت الآراء بين مؤيد ورافض.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الخميس 12 ديسمبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com