Akhbar Alsabah اخبار الصباح

القمع في مصر طال الأجانب والصحفيين وحتى الأطفال

القمع في مصر نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريرًا للصحفي Sudarsan Raghavan، يكشف تعرض طالب أمريكي للتعذيب في مصر على يد مليشيات الانقلاب العسكري.

وأضاف التقرير- الذي ترجمته "الحرية والعدالة"- أن ضابط أمنٍ بملابس مدنية أوقف الطالب الأمريكي Aaron Boehm وصديقه البريطاني، وكلاهما طالب فى جامعة "أدنبره" فى برنامج دراسي بالخارج لتعلم اللغة العربية، عندما كانا يمشيان فى وسط القاهرة، يوم ٢٧ سبتمبر، وطلب منه رؤية هاتفه الخلوي، وعندما تردد الطالب كشف الضابط عن مسدس أسفل قميصه، ما اضطر الطالب لفتح هاتفه "الآي فون ٦" وسلمه له.

وأوضح التقرير أن الضابط عثر على مقالات إخبارية حول المظاهرات المصرية الأخيرة كان Boehm قد أرسلها إلى أسرته وأصدقائه، وإثر ذلك سمح الضابط لصديقه بالانصراف، وتم اقتياد Boehm فى عربة شرطة معصوب العينين لمدة ١٥ ساعة، ثم سجن لمدة ثلاث ليالٍ .

وقال Boehm في حوار تليفوني أجرته معه الصحيفة: إن الضابط خلال التحقيقات سأله من هو رئيسك في وكالة الاستخبارات المركزية؟

وأضاف الطالب الأمريكي أن قوات الأمن اتّهمته بالتخابر مع دولة أجنبية، وهددوه بإلقاء القبض على أصدقائه المصريين، وحذّروا من أنه لن يرى عائلته مرة أخرى إلا إذا اعترف بأنه جاسوس.

وتابع: "قالوا إنهم لن يسمحوا لي بالمغادرة أبدا". "وقالوا لي أتدري ماذا نفعل بالمصريين هنا؟ هل تريد أن يحدث ذلك لك؟".

وأوضح الطالب الأمريكي أنهم أزالوا العصابة عن عينيه، وأنه رأى العصي ملطخة بالدماء خارج زنزانته، وسمع صرخات قادمة من أجزاء أخرى من السجن، مضيفًا أنه في وقت لاحق وُضع رجل أردني في الزنزانة، وكانت عليه آثار تعذيب، وأخبره أنه تعرض للضرب والصعق بالكهرباء.

وأشار الطالب إلى أنه كان قلقا خشية تعرضه للتعذيب، ما جعله يعيش في حالة دائمة من الإجهاد والتوتر الشديد، مضيفا أنه لم يتعرض للتعذيب الجسدي، لكن الحراس لعبوا معه "ألعاب العقل"، حسب قوله.

وقال الطالب الأمريكي، إنهم سمحوا له في ٢٩ سبتمبر بالتحدث عبر الهاتف مع ضابط بالسفارة الأمريكية لأول مرة، ثم اقتيد إلى سجن آخر مع نحو ٣٠ شابا من اليمن والسودان ودول أخرى تم اعتقالهم وسط القاهرة، وجميعهم تعرضوا للتعذيب.

وفي اليوم التالي، يقول الطالب إنه تم نقله إلى المطار، وسلموه هاتفه، وصعد على متن طائرة متجهة إلى لندن عبر دبي، حيث كان والداه ينتظرانه.

وقالت الصحيفة، إنها تلقت بريدا إلكترونيا من المتحدث باسم السفارة الأمريكية بالقاهرة، ردا على سؤال حول Boehm بأن السفارة على علم بقضيته، وأنها "قدمت الخدمات القنصلية المناسبة".

وقد اعتقل Boehm ضمن ما وصفه نشطاء حقوق الإنسان بأنه "أكبر وأوسع حملة قمع منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، على السلطة قبل ست سنوات.

وأوضح التقرير أن الحكومة تستخدم أدوات مألوفة، مثل الاعتقالات الجماعية والتعذيب، بالإضافة إلى تكتيكات جديدة تتمحور حول المراقبة التقنية العالية، وتقييد وسائل الإعلام الاجتماعية لإسكات المعارضة وحرية التعبير، وفقًا للضحايا والناشطين وخبراء الأمن.

وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على أكثر من ٤٣٠٠ شخص في أنحاء البلاد، منذ اندلاع تظاهرات صغيرة ولكنها نادرة للغاية في ٢٠ سبتمبر، وفقا للجنة المصرية المستقلة للحقوق والحريات، مضيفا أنه في حين كانت الحكومة تركز في السابق على استهداف المعارضين السياسيين، فإن الحملات الأخيرة قد أطاحت بمن يُعتبر تهديدا، بما في ذلك أكثر من ١٠٠ أجنبي وصحفي.

ونقلت الصحيفة عن محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضيّة المصريّة للحقوق والحريّات قوله: "إذا قارنت ذلك بالماضي، فهذا أمر غير مسبوق، ليس فقط من حيث الحجم بل من حيث طبيعته".

وقال لطفي: "هناك اعتقاد راسخ في الجهاز الأمني بأن المعلومات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي أخطر على النظام وأكثر تهديدا لأمنه واستقراره من الإرهاب".

ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة شنت هجمات إلكترونية متطورة على الهواتف الخلوية للناشطين والصحفيين، مما مكن المسئولين من قراءة رسائل البريد الإلكتروني والملفات، وتتبع المواقع، والتعرف على الأشخاص الذين تم الاتصال بهم، وفي بعض الحالات توقيفهم، وفقا لتقرير حديث أجرته شركة "تشيك بوينت سوفتوير تكنولوجيز"، وقد وجدت شركة الأمن الإلكتروني في منطقة سان فرانسيسكو أن الهجمات كانت مرتبطة بوزارة الاتصالات المصرية وأجهزة الاستخبارات.

ونوهت الصحيفة إلى أن تلك الإجراءات امتدت إلى محافظة الإسكندرية، حيث نصبت قوات أمن الانقلاب ورجال أمن بملابس مدنية نقاط تفتيش غير رسمية، وقاموا بإيقاف الناس بشكل عشوائي، وتفتيش هواتفهم الخلوية، وفحص حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال حسين بيومي، الباحث المصري في منظمة العفو الدولية، في تصريح لـ"واشنطن بوست": "إن نقاط التفتيش تعد شكلا من أشكال مراقبة سلوك الناس"، مضيفا أن "كل من اعتُقل يتهم بأنه عدو للدولة أو أنه إرهابي حتى تثبت براءته".

وأضاف أنهم "يعيدون تعريف تفسير الإرهاب بحيث يشمل كل من يعارض الدولة أو السيسي نفسه".

وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا يدعم حقوق المصريين في التعبير بحرية عن آرائهم السياسية. في الوقت الذي يؤيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السيسي بشدة، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه الزعيم الأكثر استبدادية في تاريخ مصر الحديث. وقالت الصحيفة إن حكومة الانقلاب رفضت التعليق على القضية.

وفي بيان صدر في أواخر الشهر الماضي، قال المدعي العام المصري: إنه أستجوب أكثر من ألف شخص وزعم أن العديد منهم "مغرر بهم" من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الوهمية وقوى خارجية معادية، وكانت الحكومة قد نفت في وقت سابق الادعاءات بوقوع عمليات قتل غير قانونية واختفاء قسري وتعذيب وغيرها من الانتهاكات.

نشر أخبار كاذبة

وتابعت الصحيفة: "عقب استيلاء الجنرال العسكري عبد الفتاح السيسي على السلطة، عقب الانقلاب في عام ٢٠١٣ على أول رئيس منتخب ديمقراطيا للبلاد، الشهيد محمد مرسي، وبعد عام بدأ في سجن عشرات الآلاف من المعارضين والمنتقدين، وازداد القتل خارج نطاق القانون والتعذيب، كما تم حجب المئات من المواقع الإلكترونية التي تنتقد النظام الحاكم".

وأشارت الصحيفة إلى أن الموجة الأخيرة من القمع جاءت بعد نشر مقاطع فيديو على الإنترنت، الشهر الماضي، بواسطة الفنان محمد علي الموجود في إسبانيا. واتهم خلالها السيسي وجنرالاته بسرقة أموال دافعي الضرائب لبناء قصور وفيلات.

وقالت الصحيفة، إن السيسى نفى علنا اتهامات الفساد، لكن مقاطع الفيديو التي بثها علي أججت غضب الملايين من المصريين المحبطين بسبب ارتفاع الأسعار، وخفض الدعم وغيرها من المشاكل الاقتصادية، في وقت أنفق فيه السيسي مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية.

وطالب "علي" المصريين بتنظيم احتجاجات يوم ٢٠ سبتمبر، مطالبين بإقالة السيسي، وخرج الآلاف في تظاهرات في عدة مدن. لكن عندما دعا "علي" إلى تنظيم احتجاج أكبر في ٢٧ سبتمبر تم نشر قوات الأمن لقمعها.

وعقب التظاهرات أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية، التي ساعدت في تغذية ثورة الربيع العربي في عام ٢٠١١ ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، هدفا لحملة القمع وتم القبض على مئات الأشخاص، بمن فيهم بعض السياح، لانتقادهم الحكومة على "فيسبوك" أو "تويتر" بتهمة نشر "أخبار مزيفة" وتشويه صورة البلاد.

ومنذ ٢٠ سبتمبر، ألقت قوات الأمن القبض على ما لا يقل عن ١١ صحفيا و٢٥ سياسيا وأكاديميا، اتُّهم العديد منهم بالإرهاب و"نشر أخبار كاذبة"، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان.

ومن بين المعتقلين ١١١ طفلا على الأقل، تتراوح أعمارهم بين ١١ و١٧ عاما، وفقا لما ذكرته منظمة "بلادي للحقوق والحريات"، وهي منظمة محلية لحقوق الإنسان تعنى بالأطفال.

وقالت منظمة العفو الدولية، إن ثلاثة أطفال اعتقلوا عندما كانوا يشترون الأدوات والزي المدرسي في وسط القاهرة، وقال ناشطون إن حوالي ثلثي الأطفال يواجهون اتهامات بالانتماء إلى جماعة إرهابية أو "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، رغم أن الكثيرين لا يملكون هواتف.

وأشارت الصحيفة إلى أن سلطات الانقلاب ألقت القبض على ما لا يقل عن سبعة أجانب، وأجبروا على "الاعتراف" على قناة تلفزيونية مؤيدة للسيسي بأنهم كانوا جزءا من مؤامرة خارجية.

كما أعادت سلطات الانقلاب اعتقال السجناء السابقين، وتم القبض على المدون والناشط علاء عبد الفتاح وتعذيبه من قبل رجال الأمن في السجن، على الرغم من أنه لم يكن متورطا في الاحتجاجات وكان تحت مراقبة الشرطة، حسبما ذكرت عائلته.

وقالت منى سيف، شقيقة عبد الفتاح، في مقال على فيسبوك: "كان معصوب العينين بينما كان يحتجز، وأجبر على نزع جميع ملابسه باستثناء ملابسه الداخلية، وضرب وشُتم لفظيًّا أثناء مروره داخل السجن".

كما قامت قوات الأمن باعتقال الصحفية إسراء عبد الفتاح، وقال محاميها إنها تعرضت للضرب والصفع على وجهها، وتم خنقها لإجبارها على فتح حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي بالهاتف.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الخميس 31 اكتوبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com