Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي يضع ضباط المخابرات تحت الإقامة الجبرية

ضباط المخابرات لا يخفى على أحد كيف حوّل النظام العسكري المشهد في مصر من انتفاضة شعبية خالصة تطالب برحيله إلى احتفالية صاخبة مدفوعة الأجر لإخراج مشهد تأييده، كما لا يخفى على أحد أن الجنرال القوي- حسب ما كان يصور نفسه- هو الذي يُسبُّ الآن بأبشع الألفاظ في المواصلات العامة، وتُمزَّق صورته تحت أقدام الصبية في شوارع المحروسة.

وحده النظام من يحاول الالتفاف على اكتشاف حقيقة شعبيته إلى الدرجة التي تدفعه لاقتياد بعض المواطنين إلى مهبط طائرته في ساعات الصباح الباكر ليرددوا عبارات تأييد مبتذلة أو تضطره إلى حشد طلاب المعاهد العسكرية في زيهم المدني، لتكثير سواد القلة المستأجرة في حفل تأييده.

وإدراكًا لهذا الواقع، يبدو أن النظام قد بات مضطرًا لاتخاذ إصلاحات عاجلة تغازل الشارع المأزوم بسياسات حكمه، كما بات مجبرًا كذلك على إعادة حساباته وتقييم إرهاصات التصدع في دوائر سلطته ومؤسسات حكمه.

ويبدو كذلك أن النظام بات يعيش أصعب أزماته منذ الانقلاب العسكري في ظل انكشاف هشاشة شعبيته، إلى الحد الذي يدفعه لحشد أبناء المعاهد العسكرية لحضور فعالية دعمه وتأييده في مواجهة التظاهرات الشعبية المطالبة برحيله.

وبعد أن انتهت الجمعة الثانية بقمع هذا الحراك، أدرك النظام أنه مضطر لإجراء إصلاحات ولو شكلية لاسترضاء الشارع، كما انعكس في تلميحه بحل أزمة المستبعدين من الدعم، متحدثًا عن تفهمه لموقف المواطنين الذي تأثروا سلبا ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية، وكأنَّ أزمة تنقية البطاقات وحدها هي ما أخرجت المواطنين إلى الشارع.

كما أمر السيسي بتحسين الأوضاع المالية والمعيشية للأمة والخطباء، في إطار ما وصفه بتطوير قدراتهم للتصدي للفكر المتطرف وترسيخ الفكر الصحيح للإسلام ومقاصده، على حد قوله، وإن كان قد ألمح في الوقت نفسه إلى عدم تحميل ميزانية الدولة أي أعباء مالية جديدة لتحسين الأوضاع المالية للأئمة، ليوجه بعدها بالاعتماد على الموارد الذاتية لوزارة الأوقاف.

قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، مغازلة السيسي للشارع بإصلاحات شكلية بعد انكشاف حقيقة شعبيته، ويضع قيادات الاستخبارات تحت المجهر تحسبا لصمود الحراك واحتمالات دعمه.

“أيها الشعب التونسي أنا فهمتكم فهمت الجميع”.. هكذا كانت كلمات ديكتاتور تونس زين العابدين بن علي قبل إزاحته من سدة الحكم، وهكذا فيما يبدو تكون كلمات كل ديكتاتور قبل إسقاطه، فتراه تحت ضغط أزمة نظامه المستبد وشعوره بالخطر الداخلي وانكشاف هشاشة شعبيته، يضطر إلى مغازلة الشارع المتأثر بالحراك الثوري، عن طريق الحديث عن إجراء إصلاحات اقتصادية شكلية، مثلما ألمح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مؤخرا إلى حل أزمة المستبعدين من الدعم.

ملامح اهتزاز نظام السيسي خشية صمود الحراك المطالب برحيله واستمراره، ظهرت كذلك بتصعيد حملة القمع عبر التوسع في الاعتقالات لتشمل حتى الآن، حسب المركز المصري للحقوق، أكثر من ألف و200 شخصية سياسية وأكاديمية وصحفيين ومحامين وحقوقيين، وسط حظر مئات المواقع الإخبارية والتضييق على وسائل التواصل الاجتماعي، كما انعكس على قرار حكومة الانقلاب تخصيص رقم هاتف على تطبيق واتساب يحمل اسم “واتساب” مصر لملاحقة الناشطين والتظاهرات؛ بزعم الإبلاغ عن أي رسائل تحريضية أو أحداث شغب بحسب قرار الحكومة.

انكشاف هواجس الحكم العسكري من الاستنزاف الداخلي ظهرت كذلك فيما نقلته مصادر أمنية عن قرار من وكيل المخابرات العامة العميد محمود السيسي، نجل قائد الانقلاب، بمنع نحو 60 من قيادات المخابرات السابقين من السفر إلى خارج البلاد، وتكليف لجنة لراقبتهم بهدف التوصل لمصدر معلومات وفضائح الفساد وإهدار المال العام المتدفقة من داخل النظام.

ككل الأنظمة المستبدة يسير نظام الانقلاب الذي أسسه السيسي فيما يبدو نحو مصيره المحتوم، بعد أن تحدث باسم الشعب الفقير في العلن، ثم سرق وأهدر أمواله في السر ووراء الأبواب المغلقة، حتى بات الجميع يترقب لحظة سقوط دولة العسكر.

بدوره رأى محمد كمال، الناشط السياسي، أن تلويح السيسي بتحسين أحوال الأئمة والخطباء عن طريق وزارة الأوقاف يؤكد أنه يضع عينيه على أموال الأوقاف، كما سبق واستولى يوسف بطرس غالي، وزير المالية، على أموال المعاشات.

وأضاف كمال أن مصر بها 91 قصرا رئاسيا، وليس هناك حاجة لبناء قصور جديدة، لافتا إلى أن البنك المركزي ذكر، في تقرير له، أن ديون مصر الخارجية وصلت إلى 106 مليارات دولار، ووصل الدين الداخلي إلى 4.1 تريليون جنيه.

وأوضح كمال أن العاصمة الإدارية الجديدة تتكلف حسب تصريحات رسمية 51 مليار دولار، كما وقع السيسي على قرض بقيمة 1.2 مليار دولار لمشروع المونوريل “القطار الكهربائي” للعاصمة الإدارية الجديدة، كما تكلفت مدينة العلمين الجديد 3 مليارات دولار، وكل هذه المشروعات ليس لها جدوى اقتصادية.

وأشار كمال إلى أن فيلا المعمورة تكلفت 275 مليون جنيه، ولو فرضنا أن تكلفة بناء المدرسة تبلغ 5 ملايين جنيه، فهذا يعني أن تكلفة فيلا المعمورة تكفي لبناء 55 مدرسة، أما مقر مجلس الوزراء في العلمين فتكلف 300 مليون جنيه، وهذه كانت كافية لبناء 60 مدرسة، كما أن السيسي اشترى 4 طائرات رئاسية بـ300 مليون يورو، وهي تكفي لبناء 1200 مدرسة، بالإضافة إلى أن قصر العاصمة الإدارية الجديدة تكلف 4 مليارات جنيه، وهي تكفي لبناء 800 مدرسة، أيضا مسجد العاصمة الإدارية الجديدة تكلف 800 مليون جنيه وهي تكفي لبناء 160 مدرسة، وقطار العاصمة الإدارية يتكلف 1.2 مليار دولار، أي ما يعادل تكلفة 4000 مدرسة، مضيفا أن تفريعة قناة السويس الجديدة تكلفت 64 مليار جنيه، أي ما يعادل تكلفة بناء 800 مدرسة.

من جانبه رأى محمد السيد، نائب رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”، أن تصريحات وزير تموين السيسي تحمل نبرة استعلاء، وأنهم هم الأسياد وأن الشعب عبيد، وهي محاولة فاشلة لامتصاص غضب الشارع .

وأضاف السيد أن هذه المحاولات لم تنجح مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أو الرئيس الليبي معمر القذافي، أو المخلوع مبارك، مؤكدا أن السيسي لم يأت ليرحل، ولا بد من ثورة شعبية لإسقاطه .
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الثلاثاء 01 اكتوبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com