Akhbar Alsabah اخبار الصباح

توجهات ترامب نحو إدراج جماعة الإخوان المسلمين على لوائح الإرهاب

جماعة الإخوان المسلمين أثار إعلان البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، عن عزم إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، جدلًا واسعًا داخل واشنطن بشأن مستقبل العلاقة بين الجماعة والولايات المتحدة الأمريكية، ومدى انعكاس ذلك على مستقبل المسلمين في أمريكا.

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، قد قالت أمس: إن “الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق، وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية”.

وهناك ثلاث ملاحظات على تصريحات ساندرز:

أولًا: أنها لم تشر إلى اسم أي من زعماء المنطقة، لكنّ التصريحات تؤكد مدى تماهي الخطاب السياسي بين الإدارة الأمريكية ونظم القمع العربية في كل من السعودية ومصر والإمارات، وهي العواصم التي صنّفت جماعة الإخوان تنظيمًا “إرهابيًّا” في أعقاب نجاح الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي في مصر على الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي كان ينتمي إلى الجماعة.

ثانيا: تصريحات ساندرز لم تفصح عن المقصود بجماعة الإخوان، وهل المشار بذلك هي الجماعة الأم في مصر، أم يمتد ذلك إلى التنظيم الدولي وباقي فروع الجماعة، ومنهم نواب منتخبون ووزراء في حكومات.

ثالثًا: لم تكشف عن مدى اقتصار هذا التصنيف المرتقب على أشخاص أم مؤسسات أم سيكون تعريفًا فضفاضًا كعادة النظم العربية القمعية يمكن استخدامه وتوظيفه طبقًا لمستجدات الأمور!.

ولتصنيف أي جماعة أو منظمة جماعة إرهابية يشترط القانون الأمريكي ثلاثة شروط:

1) أن تكون المنظمة غير أمريكية.

2) أن تكون متورطة في أنشطة وعمليات أو أن تمتلك الإمكانيات والنية على القيام بأنشطة إرهابية.

3) أن تهدد تلك الأنشطة الإرهابية الأمن القومي للولايات المتحدة وسلامة مواطنين أمريكيين.

وبحسب المحلل السياسي محمد المنشاوي، المقيم في أمريكا، فإن ذلك التصنيف يتطلب أن ينشر وزير الخارجية الأمريكي قراره بهذا الشأن في الجريدة الرسمية، إلا أنه يحق له- حسب القانون- ألا ينشر حيثيات التصنيف باعتبارها “أسرار أمن قومي”، ويحق للمنظمة المصنفة إرهابية أن تعترض على ذلك أمام محاكم العاصمة واشنطن. كما يتطلب تمرير التشريعات في الكونغرس الأمريكي أن يؤكد وزير الخارجية للكونغرس أن الجماعة تقابل المعايير اللازمة لتصنف جماعة إرهابية، لكن يمكن للرئيس الأمريكي أن يصدر أمرًا تنفيذيًّا يأمر فيه وزارة الخارجية بتصنيف الجماعة جماعة إرهابية.

مغزى التوقيت

يكتسب توقيت إعلان البيت الأبيض بالتهديد بوضع الجماعة على لائحة الإرهاب، مغزى لا تخفى دلالته للأسباب الآتية:

أولا: أنه يأتي بعد ثلاثة أسابيع من زيارة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن ولقائه ترامب في البيت الأبيض، في 9 إبريل الماضي؛ حيث أعلن ترامب عن دعمه للسيسي، متجاهلًا سجله الحافل في انتهاكات حقوق الإنسان، وهي الزيارة التي مثلت ضوءًا أخضر لتمرير التعديلات اللا دستورية من أجل ضمان بقاء السيسي في السلطة إلى 2030 على أقل تقدير، مع تعهدات بدستور جديد في خلال هذه المدة على الأرجح سوف يسمح للسيسي بالحكم مدى الحياة.

ورغم ذلك وصف ترامب السيسي بـ”الرئيس العظيم”، وتحدث خلال اللقاء عن “تقدم كبير أحرزته مصر في محاربة الإرهاب”. وردا على سؤال عن سعي السيسي إلى تعديل الدستور لتمكينه من البقاء في الحكم بصلاحيات شبه مطلقة، قال ترامب: “أعتقد أنه يؤدي مهمة عظيمة، لا أعرف شيئا عن هذه الجهود، يمكنني أن أبلغكم أنه يؤدي مهمة عظيمة، رئيس عظيم”.

ثانيًا: أن الإعلان يأتي قبل أسابيع من إعلان البيت الأبيض ما تبقى من تفاصيل صفقة القرن، بحسب ما صرح به غاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره السياسي، حيث سيتم الإعلان عن التفاصيل بعد شهر رمضان المقبل، وهو ما يؤكد العلاقة بين الأمرين، وأن هذه التهديدات الأمريكية تستهدف بالأساس سكوت الجماعة على هذه الصفقة المشبوهة التي تفضي تلقائيا إلى إهدار الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في فلسطين، وتمكين العدو الصهيوني من القدس وكل فلسطين، وإسقاط حق العودة والاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة، والجولان أرضًا إسرائيلية، مقابل حفنة مزايا اقتصادية يمكن وقفها في أي وقت.

التداعيات

على الأرجح فإن إدارة ترامب سوف تستهدف بهذا الإعلان الجماعة الأم في مصر ضمن إطار الصفقة، حيث كشفت نيويورك تايمز، في تقريرها أمس، عن أن إعلان البيت الأبيض جاء بعد طلب خاص من رئيس الانقلاب خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، حيث خلا بترامب وطلب منه إدراج الجماعة كتنظيم إرهابي، وهو ما استجاب له ترامب ورحّب له، بحسب الصحيفة.

كما ستستخدم واشنطن ذلك للضغط على جميع فروع الجماعة في العالم التي تبدي رفضا واسعا لصفقة القرن، حيث إن واشنطن قد أدرجت منذ سنوات حركة المقاومة الإسلامية حماس على قوائم الإرهاب، رغم أنها حركة تحرر وطني تستهدف تحرير بلادها من احتلال أجنبي، وهو ما يمثل ترجمة حرفية لما نص عليه القانون الدولي وكل الشرائع والأديان.

وحول التداعيات الخطيرة لهذا التوجه إذا تم تنفيذه، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد المنشاوي أن ذلك سوف يجعل من الجماعة هدفا للعقوبات والقيود الأمريكية على الفور، بما فيها حظر السفر وقيود قانونية، ويحظر على المواطنين الأمريكيين تمويل أي أنشطة للجماعة، سواء داخل أو خارج الولايات المتحدة. وعلى الفور كذلك يحظر على البنوك أي معاملات مالية لها، فضلا عن منع من يرتبطون بالإخوان من دخول الولايات المتحدة.

وسيؤثر ذلك بدوره على مشاركة عدد من قادة جماعة الإخوان في الخارج في فعاليات دورية تشهدها واشنطن وتنظمها مؤسسات بحثية فيما يعرف بـ”المسار الثاني”، حيث تعقد اجتماعات بين أطراف سياسية متنافرة للتباحث في مستقبل المنطقة بعيدا عن الأضواء وخلف أبواب مغلقة.

ومن التداعيات السلبية لهذا الإجراء إذا تم، أنه سيعيق الكثير من الأعمال الخيرية التي تقوم بها منظمات وأشخاص محسوبون على الجماعة داخل وخارج الأراضي الأمريكية”؛ فالكثير من المتعاطفين مع الجماعة لديهم نفوذ واسع في الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية بمختلف الولايات الأمريكية مثل ما هو موجود في مركز ومسجد دار الهجرة في شمال ولاية فيرجينيا المجاور للعاصمة واشنطن.

إضافة إلى ذلك فإن ثمة مخاوف من تبعات القرار حال اتخاذه، فالكثير من المحسوبين على الإخوان هربوا من مصر وقدموا للولايات المتحدة، وقدم بعضهم طلبات للجوء السياسي اعتمادا على اضطهاد السلطات في القاهرة لهم باعتبارهم أعضاء في جماعة الإخوان، وهكذا قد يتم اعتبارهم أعضاء في جماعة إرهابية بما يعرقل سعيهم للإقامة في الولايات المتحدة بطرق شرعية.

هل يكون مصيره الفشل؟

وحتى اليوم، تخلو تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية بشأن الإرهاب العالمي من أي دلائل على تورط جماعة الإخوان المسلمين في اعتداءات إرهابية على مواطنين أو مصالح أمريكية.

وبحسب المنشاوي، فإن هذه الحقيقة جعلت الفشل مصير المحاولات التي قام بها السيناتور الجمهوري من ولاية تكساس، تيد كروز، الذي قدم مشروع قرار إلى الكونغرس العام الماضي لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، دون أن يلقى استجابة واسعة من أعضاء المجلس، كما لقيت محاولات أعضاء في مجلس النواب لتمرير مشروعات قوانين مشابهة المصير نفسه.

ويرى الخبيران في معهد بروكينغز بواشنطن بنجامين ويتس وويل ماكونت أنه بدون “امتلاك أدلة على تبني جماعة الإخوان المسلمين الإرهاب، سيعتبر تصنيف التنظيم جماعة إرهابية قائما على أساس أيديولوجي فقط، وهذا غير قانوني”.

أما الباحثة في “مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط”، إيمي هاوثرون، فترى قرار ترامب “إذا اتخذ سيكون في النهاية أغبى قرار تتخذه الولايات المتحدة في السياسة الخارجية”.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 01 مايو 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com