Akhbar Alsabah اخبار الصباح

لهذه الأسباب فقدت دبي بريقها كمركز مالي بالشرق الأوسط

دبي كشف موقع «بلومبيرج»، في تقرير لمراسلته زينب فتاح، عن الأسباب التي جعلت مدينة دبي الإماراتية، تفقد بريقها كمركز مالي في منطقة الشرق الأوسط.

وبحسب التقرير الذي ترجمه موقع «عربي 21»، فإنه ومنذ أن بدأت الأبراج البراقة بالنشوء في الصحراء اعتادت دبي على التغير السريع، بالإضافة إلى أنها اعتادت على الازدهار والكساد، لكن ما يحصل الآن هو أمر مختلف، وهو عبارة عن نزف بطيء.

وقالت فتاح إن “شركات البناء مستمرة في عملها، فالرافعات موجودة في كل مكان، لكن لا أحد يعلم من سيشغل المباني التجارية ومباني المكاتب الجديدة، خاصة أن الشخص يمكن ان يرى أن بعض المتاجر والمطاعم التي كانت موجودة في مولات دبي لم تعد موجودة، وبدأ الأجانب الذين كانوا يعدون شريان الحياة للاقتصاد بالانسحاب، أو على الأقل الحديث عن المغادرة، مع ارتفاع تكلفة الحياة وتكلفة التجارة، أما الشركات الأساسية، مثل طيران الإمارات وشركة إعمار العقارية، فقالت إن أرباح الربع الثالث كانت مخيبة للآمال، فيما يمر سوق الأسهم في أسوأ سنة له منذ عام 2008”.

ويلفت التقرير إلى أن وضع التجارة السيئ كان واضحا في أبريل، عندما عقد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اجتماعا مع 100 من مديري الشركات في قصره المشرف على الخليج، وأثار المديرون قضايا، بما فيها الرسوم الحكومية الباهظة، التي تتسبب بتآكل ميزة دبي التي لا تفرض ضرائب، إلى قوانين التأشيرة الصارمة، التي تلقي بالأجانب للخارج عندما يفقدون وظائفهم، وتبعت ذلك الاجتماع السري مجموعة قرارات، لا تزال تشق طريقها من خلال النظام.

ويستدرك التقرير بأن “شفاء دبي من المرض قد لا يكون في يد زعيم، فقد حول الشيخ محمد واسلافه قرية صيد أسماك إلى مركز عالمي للتمويل والتجارة والسياحة في المنطقة، لكن المنطقة الآن تتغير، وربما إلى الأبد”.

وتذكر الكاتبة أن التراجع في أسعار النفط عام 2014 أثر على إمكانيات الأثرياء من دول الخليج المجاورة، الذين كانوا يذهبون للسياحة في دبي، “صحيح أن سياحا من الصين والهند ملأوا الفراغ، لكن هؤلاء أكثر تحفظا بالنسبة للأسعار”، مشيرة إلى أن السعوديين تحديدا شعروا بأثر أسعار النفط، حيث بدأت حكومتهم بفرض إجراءات تقشفية، ومصادرة للثروات الخاصة، بالإضافة إلى أن دور دبي، بصفتها مركزا تجاريا، تأثر بسبب حرب التعرفة الجمركية العالمية، وبالذات دفع أمريكا نحو مقاطعة التجارة مع الجارة إيران.

وينقل الموقع عن مؤلف كتاب “مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية”، الذي نشر عام 2009، جيم كرين، قوله إن هناك مشكلة أعمق، فقد انتعشت دبي كسويسرا الخليج، حيث كانت مكانا للتجارة، بعيدا عن صراعات الشرق الأوسط العنيفة عادة.

ويستدرك التقرير بأن إمارة دبي، التي هي جزء من الإمارات العربية المتحدة، أصبحت لاعبا فاعلا في هذه الصراعات، حيث تشارك في الحرب الأهلية في ليبيا وفي اليمن، وتشارك في مقاطعة قطر التي تقودها السعودية.

ويقول كرين: ” تجد دبي نفسها في وضع ليس بسبب أخطاء ارتكبتها هي.. يمكن الذهاب للحرب مع جيرانك، أو يمكنك الاتجار معهم، لكن من الصعب القيام بكلاهما”.

وتنوه فتاح إلى أن قصص المواطنين القطريين الذين أمروا بمغادرة الإمارات كانت صادمة للأعمال التي خدمت المنطقة من مقرها في دبي، وخشي المديرون الأمريكيون من احتمال الاضطرار لأن يتحيزوا لجانب، بحسب ما قالت باربرا ليف، التي كانت السفيرة الأمريكية للإمارات حتى شهر آذار/ مارس، وأضافت ليف: “لقد ألقت بظلالها.. لقد كانت مفاجأة غير سارة عندما اكتشفت الشركات الموجودة في الإمارات بأنه ليس بإمكانها الطيران أو الشحن مباشرة إلى الدوحة”، ولا يزال الخلاف مستمرا، بالرغم من الضغوط الأمريكية للتوصل إلى تسوية.

ويفيد الموقع بأن هذه ليست هي النكسة الوحيدة من الانحياز للسعودية، فعندما قام ولي العهد محمد بن سلمان بسجن عشرات من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، فيما قيل إنه حملة ضد الفساد، طلب البنك المركزي الإماراتي من المؤسسات المالية تقديم معلومات عن حسابات المعتقلين.

ويقول كرين للموقع إن من حق المستثمرين أن يقلقوا؛ لأنه ليس من حق الحكومات “أن تتمكن من التوصل إلى حسابات أشخاص في بلدان أخرى بناء على طلب بسيط”.

ويذهب التقرير إلى أن دبي تواجه عواقب نجاحها، وكونها تفتقر إلى الموارد النفطية فإنه كان على المدينة أن تقوم ببناء اقتصاد غير نفطي، لافتا إلى أن صدمة 2014 في دول الخليج الأخرى دفعتها للقيام بالشيء ذاته، وكلها تخطط لمرحلة ما بعد انتهاء النفط، وتحاول تقليد جارتها الخليجية بتسويق عواصمها على أنها مراكز إقليمية لرؤوس الأموال.

وتجد الكاتبة أن دبي تبقى بارزة في دورها، مستدركة بأن تكلفة استخدامها مقرا للأعمال عالية، وجاءت في عام 2013 في المرتبة التسعين لأغلى مكان يمكن للأجانب العيش فيه، بحسب المستشار ميرسر المقيم في نيويورك، إلا أنها الآن أصبحت في المرتبة 26 على تلك القائمة.

وبحسب الموقع، فإن تكلفة المعيشة هي التي دفعت دونوفات ستشارم، وهو تاجر سندات، لأن يقتنع قبل عدة أشهر بإنهاء عمله في دبي، الذي دام ثماني سنوات، وكان قد أعاد زوجته وأطفاله إلى بلده كيب تاون في 2014، بعد أن اضطر لقبول تخفيض في راتبه للعمل في وظيفة جديدة، وقام الآن بالمغادرة أيضا.

ويورد التقرير نقلا عن ستشارم، قوله: “دبي غالية جدا، خاصة إن كانت معك العائلة”، بالإضافة إلى أن هناك “تقافة الدفع مقدما، سواء إيجار السكن أو رسوم المدارس”، وأضاف أن هناك على الأقل ثلاثة أصدقاء مثله اتخذوا قرارات مشابهة.

وتكشف فتاح عن أن الوظائف أصبحت أقل بعد أن قامت الشركات، من الخدمات المالية إلى شركات البيع بالتجزئة إلى شركات الطاقة، بالاستغناء عن العديد من موظفيها في عامي 2015 و2016، مع تراجع الأرباح، بحسب ما قاله المسؤول عن تجارة الشرق الأوسط في شركة ميرسر، نانو غومز، مشيرا إلى أنه عندما قامت شركة الاستشارات بمسح لخمسمئة شركة بعد ذلك بعامين، فإنها وجدت أن أكثر من نصفها ليست لديها خطط للزيادة من عدد الموظفين، بالإضافة إلى أنها لا تتوقع العودة لنمو العائدات إلى مستويات عام 2013.

وينقل الموقع عن الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للاستثمار فهد القرقاوي، قوله إن المدينة شهدت أوقاتا صعبة من قبل، واستطاعت التعافي منها، وأضاف: “هذه دورة سوقية يجب أن نقبلها”، مشيرا إلى أن الحكومة تفعل ما فعلته في مراحل الهبوط السابقة، حيث قامت باستشارة الأعمال للتوصل إلى حلول، “إن الأمر يتعلق بكيف تصبح مبدعا”.

ويورد التقرير نقلا عن مديرة الأبحاث الإقليمية في بنك دبي الوطني Emirates NBD، خديجة حق، قولها إنه عندما تعود الدورة للقمة فإن الشركات في دبي ستكون الأقل ترهلا والأكثر تنافسية، وأضافت أنه في الوقت ذاته فإن الاقتصاد في الكثير من المجالات لا يزال صامدا إلى حد معقول، مشيرة إلى أن المشكلة الكبيرة تتمثل في تجارة الجملة والتجزئة، وقالت حق إن تلك التجارة تشكل “ثلث الاقتصاد، وهي بقيت ثابتة على مدى العامين الماضيين، وهذا تراجع كبير”.

وتبين الكاتبة أن الجارة أبو ظبي وعدت بحوالي 14 مليار دولار من الحوافز على مدى ثلاث سنوات، لافتة إلى أن الشيخ محمد يعمل في دبي، بعد لقائه بالمديرين القلقين، على مجموعة من الإجراءات التي ستساعد في: تجميد رسوم المدارس، وتخفيف القيود المرتبطة بملكية الأجانب للشركات، وإلغاء الرسوم الحكومية، بالإضافة إلى أن نظام التأشيرات يتم تخفيفه لجعل الأمر أسهل للأجانب -80% من عدد السكان- للقدوم والبقاء فترات أطول وإنفاق المزيد.

ويجد الموقع أن الشيء الذي لا تفعله الحكومة هو كبح جماح شركات البناء، وهذا خطأ في نظر مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط في شركة جونز “لانغ لاسالي” للسمسرة كريغ بلامب، فالأسعار والأجور تنخفض على الأصعدة كلها؛ لأن إمكانية الاستيعاب تجاوزت النمو السكاني ونفقات المستهلك.

ويشير التقرير إلى أن السلطات مترددة في تثبيت السوق بمنع رخص البناء؛ لأن مبيعات الأراضي هي مصدر دخل للحكومة، فيما ستتوسع مساحات البيع بالجملة بنسبة 50% على مدى الثلاث سنوات القادمة، بحسب شركة الاستشارات العقارية CBRE Inc.

ويقول بلامب للموقع إن هذا أمر لا حاجة له فعلا، مشيرا إلى أن بعض شركات البناء الكبيرة في دبي هي المسؤولة، “فنحن لا نتحدث عن شركات تطوير من الدرجة الثانية”، بل عن شركات تديرها الدولة، مثل “إعمار” و”نخيل” و”PJSC”، وهي “شركات راسخة، ويجب أن تعرف ما هو أفضل من ذلك”.

ويختم “بلومبيرغ” تقريره بالإشارة إلى أن الحكومة وشركات العقار والأعمال تنظر إلى حدث واحد في الأفق قد ينقذ الموقف، فستستضيف دبي معرض World Expo عام 2020؛ لتعرض المدينة آفاقها المستقبلية، حيث أصبح هذا المعرض غاية بحد ذاته، وهو سبب لإبقاء الرافعات تعمل، وهو ما تسميه حق: “أكبر نعمة لإنقاذ (الوضع)”.
إقتصاد | المصدر: رصد | تاريخ النشر : الثلاثاء 20 نوفمبر 2018
أحدث الأخبار (إقتصاد)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com