Akhbar Alsabah اخبار الصباح

لماذا ينتقم “بن سلمان” من أبناء الملك عبدالله؟

الملك والأمراء تسود الأسرة الحاكمة في السعودية خلافات كثيرة، كان الملك والأمراء النافذون من حوله دائما ما يقمعون أي محاولة لإخراج هذه الخلافات إلى العلن؛ لكن بمجرد صعود محمد بن سلمان إلى أعلى هرم السلطة كولي للعهد بعد الإطاحة بولي العهد السابق محمد بن نايف ووضعه رهن الإقامة الجبرية، ثم اعتقالات فندق الريتز كارلتون في نوفمبر الماضي 2017 ثم الانتقادات الحادة من جانب عدد من الأمراء لتوجهات وسياسات الملك سلمان ونجله، ثم الطريقة الوحشية التي تورط بها بن سلمان في قتل الصحفي جمال خاشقجي مطلع أكتوبر الماضي 2018 .. كل هذه العوامل أسهمت في خروج الخلافات والصراعات إلى العلن.

المشهد الأول

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تناولت مشاهد الصراع الانتقامي بين أبناء الملك الحالي سلمان وأبناء الملك الراحل عبدالله، بدايتها استياء كبير من قِبل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، تجاه ولي عهده آنذاك سلمان بن عبد العزيز، بسبب توجهه نحو تقليد ابنه محمد مناصب حساسة في المملكة، رغم صغر سنه، وقلة خبرته.

وتشير الصحيفة إلى أن الملك سلمان بدأ بتهيئة ابنه لأداء أدوار كبيرة منذ أن كان الأول أميرًا لمنطقة الرياض، حيث عيَّنه مستشارًا كبيرًا وهو لا يزال في العشرينات من عمره. وعندما أصبح سلمان وليًا للعهد عام 2012، وكان وقتها يشغل منصب وزارة الدفاع، عيّن ابنه مستشارًا أعلى له.

ونقلت الصحيفة، في تقرير بعددها الصادر اليوم الثلاثاء 06 نوفمبر2018م، عن مصدر دبلوماسي غربي سابق، أن الملك الراحل شكَّل محكمة ملكية، للنظر في قيام بن سلمان باستثمارات كبيرة في سوق الأسهم، حيث أدانته ووجهت اللوم إليه.

وبيَّنت الصحيفة الأمريكية أن حالة من الغضب الشديد انتابت الملك الراحل، بعد فصل محمد بن سلمان عددًا كبيرًا من الضباط في وزارة الدفاع، لكونه مستشارًا أعلى لوزيرها (والده سلمان) مؤكدةً أنه أصدر أمراً بمنعه من دخول هذه الوزارة.

الصحيفة أرجعت موجة الاعتقالات الكبيرة التي طالت أبناء الملك عبد الله، بعد وفاته، إلى سعي بن سلمان منه للانتقام منه في أبنائه، واعتبار ذلك نظير عقاب والدهم إياه – حين كان ملكًا – على عدد من تجاوزاته.

المشهد الثاني

وكان مِن أبرز آثار الخلافات حول وصول بن سلمان للسلطة، غضب الأمير تركي بن عبد الله بعد سيطرة بن سلمان على وحدة التحقيق الخاصة بوزارة الداخلية والتي يمكن استخدامها لتلفيق كل التهم، كما عبر عن ذلك شخص مقرب من العائلة.

وأوضحت “واشنطن بوست” أنه بمجرد وصول بن سلمان إلى الحكم، انتقم من أبناء الملك عبد الله، فاعتقل كلاً من الأمير متعب بن عبد الله (65 عامًا)، قائد الحرس الوطني، وأقاله من وظيفته، والأمير فيصل بن عبد الله (40 عامًا)، وهو رئيس سابق لهيئة الهلال الأحمر السعودي، والأمير مشعل بن عبد الله، المحافظ السابق لمكة المكرمة.

ويرى العديد من الأشخاص الذين لديهم علاقات بالعائلة المالكة، أن تركيز بن سلمان على عائلة الملك عبد الله كان جزءًا من مساعيه لتهميش منافسيه، والاستيلاء على السلطة وعلى صندوق مؤسسة الملك عبد الله، الذي يشرف عليه الأمير تركي والذي تقدَّر قيمته بنحو 20 مليار دولار.

المشهد الثالث

وإلى جانب التوترات العائلية بين أجنحة آل سعود، أكد بعض المراقبين أن بن سلمان قام بعمليات تصفية طالت عائلات سعودية ثرية، بعضها يعود لمنافسات إقليمية تاريخية أدت دوراً في تلك الاعتقالات.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن المؤرخ البريطاني روبرت لاسي قوله: إن “هذه العائلات هي التي ساعدت عبد العزيز في توحيد البلاد وبناء الدولة، في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، واليوم يعامَلون كمجرمين”.

المشهد الرابع

وعن حملة الاعتقالات التي طالت أبناء العائلة المالكة في السعودية والنخب، أكدت صحيفة “واشنطن بوست” أن 45 شخصًا لا يزالون معتقلين بأمر من ولي العهد محمد بن سلمان، رغم حديثه عن وجود 10 فقط داخل السجون. وبيَّنت الصحيفة أن من بين المعتقلين أمراء، وأثرياء، ووزراء ومسئولين، معروفين إعلاميًا بـ”معتقلي الريتز كارلتون”.

ولفتت إلى أن من بين المعتقلين الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز، وهو طيار مقاتل وحاصل على درجة علمية متقدمة في هذا المجال من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وكان يُعتبر الحاكم القوي لمدينة الرياض، إلى جانب منصب المدير التنفيذي لمؤسسة الملك عبد الله، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتي تمول أعمالاً خيرية بالعالم.

ويتهم بن سلمان ابن عمه الأمير تركي بإبرام عقود فساد تتعلق ببناء مترو الرياض، وهو محتجز دون توجيه أي تهم رسمية إليه. كما اعتُقل رئيس أركانه الجنرال علي القحطاني، الذي تُوفي في أثناء الاعتقال بظروف غامضة، وفق الصحيفة.

وأوضحت أن من بين المعتقلين المفرَج عنهم مؤخراً، الأمير خالد بن طلال (56 عامًا)، شقيق الأمير الوليد، وابن عم الأميرين محمد وتركي، وهو رجل أعمال بارز وشخصية محافظة، عارض ما أحدثه بن سلمان من تغييرات لتقليص نفوذ المؤسسة الدينية الفاعلة في البلاد.

وعن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، وموجة الغضب الدولي تجاه بن سلمان بسببها، أكدت الصحيفة أنه سيعمل على تلميع صورته بالإفراج عن المزيد من المعتقلين، لتهدئة الرأي العام الدولي، وإرضاء الولايات المتحدة.

ويرى المعارض السعودي المقيم بلندن يحيى عسيري، أن بن سلمان يتعرض لضغوط للإفراج عن المعتقلين في السعودية، مشيرًا إلى أن الإفراج عن الأمير خالد هدفه تدعيمه داخل الأسرة الحاكمة.

ويعتقد آدم كوغل، الباحث في الشرق الأوسط بمنظمة هيومن رايتس ووتش، أن ولي العهد السعودي بإفراجه عن الأمير خالد يحاول أن يُظهر تماسك الأسرة الحاكمة.

ويرى أحد المقربين من العائلة الحاكمة، أن بن سلمان يعتقد أن هذه الشخصيات قوتها وسطوتها تأتيان من مالها، وإذا جرَّدها من المال تكون قوتها قد سُلبت منها.

وكان العديد من معتقلي الريتز قد وافقوا على تسليم جزء كبير من ثرواتهم مقابل الإفراج عنهم. ويرى محللون أن ما تسرَّب من تقارير عن عمليات التعذيب التي تعرض لها معتقلو الريتز تمثل جانبًا وحشيًا غير معهود في السعودية، وهي خطوة أراد من خلالها بن سلمان أن يرسخ سطوته، وهو أمر يتماشى مع ما فعله ولي العهد مع المئات من معتقلي الرأي والدعاة والنشطاء.

وينكر مسئولون سعوديون وجود حالات تعذيب، مؤكدين أن السعودية لا تلجأ إلى مثل هذه الأفعال. ومن بين الأشخاص الذين ما زالوا رهن الاعتقال وهم ليسوا من العائلة السعودية المالكة، وفق الصحيفة، عادل فقيه (59 عامًا)، وزير الاقتصاد والتخطيط السابق؛ ووليد فتيحي (54 عامًا)، وهو طبيب بارز وكان لديه برنامج تلفزيوني طبي شهير وأسس مستشفى في جدة ويحمل الجنسية الأمريكية.

وأضافت: “كما لا يزال معتقلاً عمرو الدباغ (52 عامًا)، رئيس مجموعة الدباغ ومقرها جدة والرئيس التنفيذي السابق لهيئة الاستثمار السعودية؛ ومحمد حسن العمودي (72 عامًا)، وهو رجل أعمال سعودي إثيوبي يملك موجودات مالية تتجاوز 8 مليارات دولار، ولديه استثمارات بمصفاة نفط سويدية”.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 07 نوفمبر 2018
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com