Akhbar Alsabah اخبار الصباح

مسألة في مفهوم الابتلاء

الابتلاء في التصور الإسلامي الدنيا دار امتحان وابتلاء وليست دار جزاء، والتربية الإسلامية تقوم على هذا الأساس؛ وبالتالي فإنّ مسألة العدالة لا تتجلى حقيقتها إلا يوم القيامة. والابتلاء ليس عقوبة. وحتى عندما يكون الابتلاء عقوبة فإنه يكفر الذنوب ويرفع الدرجات، والنصوص في ذلك كثيرة.

جاء في الآية 35 من سورة الأنبياء:"... ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون": الفتنة في أصل اللغة: هي تعريض خام الذهب للنار والصهر لاستخراج الذهب وتمييزه عن الشوائب. والابتلاءات يقصد منها استخراج الخير من النفوس، أي من أجل أن تظهر حقيقة النفس، فإن كان فيها خير ظهر. والآية الكريمة تنص على أنّ الابتلاء قد يكون بأمور هي شر أو بأمور هي خير. وكل ذلك من أجل التمحيص لاستخراج الخير إن وجد؛ فمن ابتلي بفقر فصبر ولم يسرق ولم يغش... تجلت حقيقته الخيّرة. ومن ابتلي بكثرة المال فأكثر من الصدقة والبذل... تجلت أيضاً حقيقته الخيّرة. ولو خيّرتَ الناس لاختاروا أن يتم اختبارهم بالغنى، وذلك لأنّ الإنسان مفطور على حب المال. ولكن ليس من السهل أن نحكم أي الابتلائين أخطر على مصير الشخص؛ فكم من فقير صابر وكم من غني شاكر. في المقابل كم من غني قاده غناه إلى الانحراف والغرق في بحور الشهوات، وكم من فقير دفعه فقره إلى الانحراف والضلال. والنفوس أسرار، وليس في الابتلاء اختيار، وتتنوع الابتلاءات تنوعاً شديداً إلى درجة أنْ تتعدد تعدد الناس.

وقد يبتلى الإنسان بالنعم وبغيرها في آنٍ واحد؛ فكم من غني يتناوشه المرض، وكم من صحيح الجسم ابتلي بزوجة أو ولد عزيز. وكم من فقير استمتع بنجاح ولده وصلاحه، وكم من ضرير يتمنى أن يفقد المال وكل النّعم وتكون له نعمة النظر.... فهذه حقيقة الدنيا. وفي النهاية يموت الجميع ويفلح من أفلح، ويخفق من ظنّ أنّ الحياة هي نهاية المطاف. وحتى الذي يزعم بلسانه أنّ الحياة ليست نهاية المطاف فقد نجده في عواطفه وسلوكه يقول: بل إنّ الدنيا هي كل شيء ونهاية كل حي. وهذا يعني أنه بحاجة إلى هداية وتدريب ليصبح لديه الإيمان الحقيقي. فالأمر لا يحتمل إلا إجابة واحدة: هل هناك آخرة؟ من لم يكن مؤمناً بالآخرة فليفعل ما يشاء، وليحل مشكلته كما يشاء، بل إنّ انتحاره أفضل له، لأنّ الحياة عندها ستكون بلا معنى. أما من يؤمن بأنّ هناك آخرة وأنّ هناك خلوداً في عالم السعادة فليثبت أنّ إيمانه حقيقي. ولا يكون الإثبات كما يُحب هو ويشتهي، بل كما يريد من خلق ورزق واختبر:" لا يسألُ عما يفعل وهم يُسألون"الأنبياء 23
إسلامنا | المصدر: مركز نون - بسام جرار | تاريخ النشر : الاثنين 08 اكتوبر 2012
أحدث الأخبار (إسلامنا)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com