تحولت الغرامات والكفالات في ظل الانقلا ب العسكري إلى مسوغ قانوني كوسيلة جديدة للتنكيل بالمعارضة، ففي الوقت الذي يتم فيه تخفيض قيمة الغرامات المفروضة على رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، أمثال أحمد عز، أمين التنظيم السابق في الحزب المنحل وأحكام أخرى برد الأموال والأصول لعدد من رموز مبارك بعد ملاحقات قانونية عقب اندلاع ثورة يناير، يصدر قضاء الانقلاب.
في الوقت نفسه كفالات وغرامات مالية كبيرة على المعتقلين من مؤيدي الشرعية وصفت بالانتقامية والتعجيزية وفق التقارير الحقوقية، التي أعدتها جهات عدة؛ منها المرصد المصري للحقوق والحريات، و"ويكي ثورة"، فقد سجلت الكفالات والغرامات التي تم فرضها على المعتقلين في آلاف القضايا حوالي 189 مليون جنيه، في الفترة من 3 يوليو 2013 حتى نهاية مارس 2015.
40 ألف معتقل
يقول محامي جماعة الإخوان المسلمين، عبد المنعم عبد المقصود، لـ "العربي الجديد": إن تحديد الكفالة يتم وفق تقدير القاضي أو وكيل النيابة، وإن الكفالة تكون نقدية أو بضمان محل إقامة المتهم، وهي شرط لخروج المعتقل، وإذا لم يتم دفعها خلال 15 يومًا فيتم تجديد الحبس الاحتياطي وربما يستمر لأعوام.
وأشار عبد المقصود إلى أنه خلال الفترة الأخيرة كانت أبرز كفالات المعتقلين تتراوح بين 50 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه، مضيفًا "دفع الكفالة مهما كانت كبيرة أفضل للمعتقل حتى لا يتعرض للبقاء بالحبس مدة أطول".
وأكد أن القانون يسمح للمعتقل باسترداد الكفالة مرة أخرى في حال حفظ القضية، وهو ما يعني سقوط التهمة عن الشخص أو عدم كفاية الأدلة التي تدينه.
ويقول معاذ غنيم -محاسب- (خرج حديثًا بكفالة وصلت إلى 22 ألف جنيه): إن هناك مبالغة كبيرة في فرض الكفالات على المعتقلين، الذين يعد أغلبهم من معارضي النظام الحالي، وهي وسيلة من وسائل تمويل النظام الحالي.. الأمر أشبه بسرقة أموال المعارضين بشكل قانوني"، مضيفًا "هناك ترتيب بين القضاة والأمن الوطني لأن أغلب المقتدرين تم فرض كفالات كبيرة عليهم".
وتابع: إن هناك اثنين ممن كانوا معه أحدهما طبيب كبير، وتم فرض كفالة 50 ألف جنيه عليه، بالإضافة لطالب كان أهله غير قادرين على دفع كفالته التي سجلت 20 ألف جنيه.
وبحسب الطالب، محمود حسن -الذي كان معتقلًا- فإن هناك مبالغة كبيرة بفرض هذه الكفالات قائلًا: "خرجت أنا ووالدي بكفالة 20 ألف جنيه، حيث فرض على كل منا 10 آلاف جنيه، وتمكنا من تدبير المبلغ بالدين لأننا لم نكن نمتلكه"، مضيفًا "فوجئنا بعد شهر من خروج والدي بالكفالة، باعتقاله مرة أخرى".
وأشار إلى أن (المؤقت الطـ.. عدلي منصور، الذي عينه الجيش بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي) قد أصدر مطلع 2014 تعديلاً على قانون الإجراءات الجنائية، يسمح بتمديد فترة الحبس الاحتياطي دون سقف زمني في القضايا، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد.
إدانات حقوقية
من جهته، قال الناشط الحقوقي ياسين حسن -بالمركز العربي الأفريقي للحقوق والحريات-: إن فرض الكفالة لا يتعارض مع القانون، ولكن المبالغة في تقييمها يتعارض مع ما نسميه بروح القانون".
وأضاف حسن أنه قبل 2011، لم تكن هناك المبالغات الحالية بفرض الكفالات على المعتقلين، حتى أنه لم يسبق أن وصل معدل قضايا المعتقلين للمعدل الذي وصلت عليه الآن.
ويرى أن "القضاء بالمرحلة الحالية يتبع الأهواء السياسية والمجال السياسي.. القضاء الآن يفرض أغلظ العقوبات"، مؤكدًا أن أغلب المعتقلين من الطبقة المتوسطة وغير قادرين على دفع الكفالات.
وأكد محمد صادق -الناشط الحقوقي بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات- أن الكثير من المعتقلين عاجزون عن دفع الكفالة، وهناك معتقلون منذ أكثر من عام ونصف بسبب 500 جنيه بسبب عدم قدرتهم على دفع الكفالة خلال 15 يومًا من فرضها وبعد جمعها بـ 6 أشهر تعنتت النيابة وترفض خروجهم.
يذكر اأن محكمة النقض قد خفضت في نوفمبر 2014 غرامة على رجل الأعمال أحمد عز في قضية احتكار الحديد وقضايا فساد إلى 10 ملايين جنيه بعد أن كانت 100 مليون جنيه.