قالت مجلة فورين بوليسي: إن نظام السيسي هو الذي عرقل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي بعدما أقحم نفسه في قضايا النزاع وتحول من وسيط الي شريك مع الطرف الإسرائيلي في محاولة إخضاع حماس وتعاطفه مع مطالب الصهاينة ضد الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة في تقرير تحت عنوان How Egypt Prolonged the Gaza War أي "كيف أطالت مصر من عُمر الحرب في غزة؟" 18 أغسطس الجاري "إنه ليس فقط العداء بين إسرائيل وحماس هو ما يعقد المحادثات، بل أيضًا دور مصر كوسيط، إذ أن السياسة الداخلية في مصر قد تدخلت في محاولات التوصل إلى اتفاق، والحكومة التي يهيمن عليها العسكر في القاهرة تحاول استخدام المحادثات كجزء من حربها ضد الإخوان المسلمين".
وقالت: إن "هذا التحول الخفي، من وسيط مع مصالح إلى طرف معنيّ ويقوم بالتوسط أيضًا، أدى إلى جعل حرب غزة أطول وأكثر دموية مما كان قد يكون عليه الحال خلاف ذلك، وبينما كان من المفترض أن يؤدي التحالف القوي بين مصر وإسرائيل لإنقاص حجم حماس، فشلت هذه الإستراتيجية أيضًا على الجبهة الدبلوماسية، ومهما أدمت هذه الحرب حماس، وسكان غزة، إلا أنها أدت فعلًا إلى كسر المحرمات الدولية في التعامل مع حماس".
وقالت المجلة الأمريكية أن "مصر جلبت دائمًا مصالح الأمن القومي طويلة الأمد الخاصة بها إلى طاولة جهود الوساطة في غزة، فالقاهرة لم ترغب يومًا بدخول المسلحين أو الأسلحة إلى مصر من غزة، كما أنها لم ترغب في تولي مسؤولية الشؤون الإنسانية أو الأمنية في القطاع، وخاصةً بعد أن كان لها تجربة غير سعيدة باحتلال قطاع غزة لنحو 20 عامًا بعد 1948".
وأضافت: "في المرحلة الأولى للدبلوماسية المصرية خلال هذه الحرب الأخيرة على غزة، لعب الوسطاء المصريون بلا رحمة، حاولوا حشر حماس عبر الإعلان عن وقف إطلاق النار في 15 يوليو بالتنسيق مع إسرائيل فقط، وعندما رفضت حماس، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الرفض كغطاء شرعي للعملية الإسرائيلية الموسعة, وبالتالي، ما كان يوصف بأنه اقتراح لإنهاء الصراع، مكن في الواقع التوغل العسكري على الأرض، وهو ما أدى إلى القضاء بدقة أكبر على أنفاق حماس، الأمر الذي لم تكن الصواريخ الإسرائيلية وحدها قادرة على تحقيقه.
ورغم ذلك، ومع استمرار الصراع، وجد السيسي أنه لا يستطيع استبعاد حماس لمدة أطول إذا ما أراد أيضًا الحفاظ على دور مصر كوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقالت فورين بوليسي إنه "من بين جميع الطرق التي عملت من خلالها الجهود الدبلوماسية على إدارة حرب غزة ضد حماس، واحدة من الجوانب الأكثر لفتًا لهذه الجهود التي تقودها مصر حاليًا، هو أنها أدت إلى تمزيق تخيلات أن إسرائيل وحماس لا تتفاوضان، فقد أجرى الطرفان مفاوضاتٍ دبلوماسيّةً من قبل، بالطبع. ولكن تم ذلك مع توفير مستويات من الإنكار، المراوغة، والنفور، وكل جولة من القتال كانت تنتهي مع مبدأ أنّ إسرائيل وحماس لا تتعاملان مع بعضهما البعض دبلوماسيًّا، والآن، البعد الوحيد المفقود هو الاتصال المباشر: الدبلوماسية تجري في القاهرة، مع وفود قادمة في وضح النهار، وتبادل للتهديدات ليس في الأماكن العامة، ولكن من خلال الوسطاء المصريين".
وخلصت المجلة إلى أن المفاوضات أجبرت القاهرة على التعاطي مع مطالب حماس والاستماع لها، و"القاهرة ترأست عملية تتبع أولويات حماس"، وهي الطرف الذي رفض دائمًا العملية الدبلوماسية التي بدأت مع اتفاقيات أوسلو عام 1993"، وأن "النظام الذي يهيمن عليه الجيش في مصر أثبت أنه ليس ضد إقامة تحالفات مع الإسلاميين العنيفين، وبأن خلافه الوحيد هو مع المتحالفين مع الإخوان المسلمين تحديدًا، ولكن مصر، التي تبدو وتعمل أكثر وأكثر مثل باكستان، ليست شيئًا يدعو للفخر أبدًا"