بموازاة التطور العلمي والطبي, يشدد باحثون ومعالجون عرب على حيوية الاعتماد على نباتات وأعشاب من أجل المحافظة على الصحة ومداواة أمراض العصر كالسكري والسمنة وأمراض القلب وغيرها.
ويزاوج باحثون ومعالجون وأطباء بين العلم الحديث والموروث الطبي العربي الإسلامي، ويلفتون إلى العلاقة العضوية بينهما في مجال التداوي، وينصحون بتناول النباتات البرية والزراعية للوقاية والعلاج.
وتشدد خبيرة الطب البديل سهير منيّر سلمان على حيوية تناول النباتات والأعشاب والخضروات والفواكه بموازاة الأغذية المصنعة لما بها من قيمة غذائية ووقائية وعلاجية, مشيرة إلى أن العالم الغربي بدأ يعود للطبيعة من هذه الناحية.
وتذكر أنها تعتمد في عملها مع المراجعين بعض الأعشاب لمواجهة البدانة عبر ملء المعدة أو منح الجسم الإحساس بالشبع باستعمال الخيار والتفاح والكرفس (الشومر) والبقدونس وغيرها.
مكافحة السمنة
وتشير إلى أن عصير الكرفس الذي يحتفظ بفيتاميناته يستخدم اليوم بشكل واسع في الولايات المتحدة لمكافحة السمنة، علاوة على ثرائه بمعادن الماغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد وغيرها.
كما تنوه إلى أن الكرفس يلائم كافة الفئات العمرية ويؤكل نيئا، موضحة أنه مفيد لمكافحة السكري والتهابات المفاصل والكلى وأنه مدر للبول.
وفي مجال إنقاص الوزن، توصي أخصائية الطب البديل بعصير الليمون خاصة في الصباح، وتشدد على حيوية بعض النباتات البرية كغذاء ودواء ولتخفيف الوزن وتخص بالذكر الزعتر والعلت (الهندباء) لما فيهما من خواص طبية غنية اكتشفها العرب منذ قرون وهي مثبتة علميا اليوم.
دراسات علمية
وفعلا تتطابق أبحاث العلماء في ذلك، ففي آخر بحث علمي له يشير د. خالد مطر إلى أن هناك عدة نباتات مضادة للأكسدة يستعان بها لمواجهة أمراض القلب والكبد والكلى والشيخوخة وغيرها بالوقاية والعلاج.
ومن أهمها ما يعرف في فلسطين بالزعمطوط (صابون الراعي) والخبيزة ولسينة والهندباء (علت) وعكوب وقرصعنة وهليون وفرفحنية. وينصح مطر -وهو باحث في مجال الكيمياء- بسحق بعض النباتات أو نقعها في الماء وتقديم بعضها كمشروب ساخن لأوجاع مختلفة مثل الميرمية واليانسون وغير ذلك.
العكوب والهليون
ويشير على سبيل المثال إلى أن نبتة العكوب تقوي الجهاز العصبي والدم، وتعالج الجهازين البولي والهضمي وفيها مواد تستخدم في علاج تسمم الكبد وتشمعه كما هو الحال مع الهندباء والحويري المفيدة للخصوبة أيضا.
كما ينوه لحيوية تناول الهليون لعلاج التهابات المسالك البولية والكليتين وتنظيف المثانة من الحصى والترسبات وتفتيت الحصى ودر البول وفتح الشهية، وهي مفيدة لمعالجة بعض حالات الروماتيزم ومكافحة حالات الإرهاق وتنشيط الجسم.
أم النباتات
ويشير الباحث مطر إلى أن الخبيزة تحوي معادن وفيتامينات خاصة ومواد فيها فوائد وقائية لعضلة القلب والأوعية الدموية.
ويذكر الباحث أن نبتة الزعتر "أم النباتات العطرية ورمز النباتات الوطنية"، مشيرا إلى أن قيمتها الطبية تتعدى غناها بمضادات الأكسدة إضافة لمواد مضادة للجراثيم والبكتيريا ولأوجاع الحلق والجهاز الهضمي. ويتابع أن "كل هذه النباتات متوفرة كمستحضرات في الصيدليات والإقبال عليها في العالم بازدياد".
وهذا ما يؤكده أيضا الباحث في البيوكيمياء د. عمر سعيد الذي يشير لوفرة النباتات والأعشاب الطبية، ويلفت إلى أن إنجازات العرب والمسلمين في مجال الطب النباتي عريقة وما زالت تحتفظ بقيمتها، بل أصبحت بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى البحث والتطوير.
موروث إسلامي
ويوضح أن 40% من مجمل الأدوية اليوم مستمدة مباشرة من النباتات الطبية، وقال إن علماء النبات يقدرون اليوم أن هناك أكثر من 250 ألف صنف نباتي على وجه البسيطة تم تصنيف نحو 90% من مجملها تصنيفاً علمياً.
ويؤكد مهندس التغذية د. حبيب شربل هو الآخر على الفوائد الجمة في الموارد الطبيعية المذكورة ويبارك تزايد اهتمام المعالجين والأطباء بالخضار والنباتات البرية والزراعية.
ويشدد على فائدة ما يعرف بالفيتو كيماويات -أي الكيماويات النباتية- والصبغات الطبيعية في النباتات الواقية من أمراض السرطان وتصلب الشرايين وغيرها.
الأمير والفقير
ويؤكد حبيب المفهوم الشعبي والعلمي الرائج عن الثوم، "فرغم رائحته فإنه ناجع في مكافحة ضغط الدم العالي"، أما زيت الزيتون فهو غذاء مميز بفوائده لاحتوائه على فيتامين من نوع "أي" وخلوه من الدهون.
ويشير إلى أن القطنيات (الحمص والفول والعدس) تحتوي على بروتينات كثيرة وتخلو من الدهون، وأضاف "لذا يقال عنها لحمة الفقير". وقيل في الفول "في الصباح هو أكل الأمير وعند الظهر غذاء الفقير أما في الليل فهو عشاء الحمير".
زهر القندول
الحاج أبو عاطف (83 عاماً) من بلدة كفركنا داخل أراضي 48 وأحد هؤلاء الذين يعتمدون على النبات غذاء ودواء. ويشير إلى أنه منذ عشر سنوات يحتسي كوباً من شاي زهر القندول كل صباح، وبفضله تعافى من مرض تصلب الشرايين وارتاح من الأدوية الكيميائية وتحسنت صحته البدنية.
ويؤكد د. عمر سعيد فوائد زهر القندول الطبية، مشيراً إلى خواصه العلمية المهمة من ناحية تنشيط الأوعية الدموية، بل يقضي على تصلب الشرايين الناجم عن ترسب طبقة من الكلس في الشرايين.