
وثّق تقرير جديد أصدرته نقابة الصحافيين الفلسطينيين، أن الجيش الإسرائيلي، قتل 44 صحافيا فلسطينيا داخل خيام النزوح في قطاع غزة، من بين 255 من العاملين في الحقل الإعلامي الفلسطيني منذ بداية العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر 2023.
وجاء ذلك في تقرير أصدرته لجنة الحربات العامة، استعرض وقائع ودلالات استهداف واستشهاد 44 صحافيا فلسطينيا داخل خيام النزوح، خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، وذلك بالاستناد إلى البيانات الموثّقة والأحداث المحددة التي شملت قصف خيام الصحافيين في محيط المستشفيات، ومراكز الإيواء التابعة لـ”الأونروا”، إضافة إلى عمليات القنص المباشر داخل مناطق النزوح.
وأشار التقرير إلى أن الوسط الإعلامي الفلسطيني تعرّض لسلسلة هجمات ممنهجة استهدفت البنية الإعلامية بشكل منظّم، بدءا من تدمير المكاتب والمؤسسات الإعلامية، مرورا بملاحقة الصحافيين إلى منازلهم وغرف نومهم، وصولا إلى تصفية الصحافيين داخل خيامهم المؤقتة، التي اضطروا للجوء إليها بعد نزوحهم القسري، والتي نصبت في محيط المستشفيات والمدارس واعتُبرت آخر الملاذات الآمنة بالنسبة للصحافيين.
حالات من الجرائم
واستعرض التقرير العديد من الوقائع التي تشير إلى تلك الجرائم الإسرائيلية، ومنها واقعة استشهاد الصحافي حلمي الفقعاوي في 7 مايو/ أيار الماضي، ويعمل مراسلا لـ”وكالة فلسطين اليوم”، حيث استشهد إثر قصف صاروخي استهدف خيمة مخصّصة للصحافيين في محيط مستشفى ناصر غرب خان يونس.
كما استشهد الصحافيان الشقيقان الزهراء وأحمد أبو سخيل، يوم السابع من نوفمبر 2024، حيث تعمل الصحافية الزهراء مراسلة شبكة “نيوز الإعلامية”، فيما يعمل شقيقها أحمد مصورا، جراء استهداف صاروخي لخيمة في مدرسة فهد الصباح بحي التفاح، التي كانت تؤوي نازحين.
ومن بين الحالات التي استهدفت في الخيام، استشهاد ستة صحافيين قرب مستشفى الشفاء يوم 10 أغسطس الماضي، حيث قُصفَت خيمة للصحافيين قرب مستشفى الشفاء، ما أدى إلى استشهاد مراسلي قناة “الجزيرة” أنس الشريف ومحمد قريقع، إضافة لمصوري “الجزيرة” إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعد المصور محمد نوفل، والمصور محمد الخالدي، كما أصيب ثلاثة آخرون بجروح خطيرة.
ووثق التقرير استشهاد الصحافي الدكتور حسن دوحان يوم 25 أغسطس الماضي، ويعمل مراسلا لصحيفة “الحياة الجديدة”، برصاص الاحتلال داخل خيمة نزوحه في مواصي خان يونس، كما استشهدت الصحفية والناشطة إيمان الزاملي في الأول من سبتمبر الماضي، جراء استهداف خيمتها بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة في محيط أبراج مدينة حمد شمال خان يونس، فيما استشهاد الصحافي محمد الكويفي يوم 15 سبتمبر الماضي، جراء قصف استهدف خيمته في حي النصر، وقد كان الكويفي قد فقد عائلته في بداية العدوان 2023 نتيجة قصف منزله.
وبين التقرير أنه إلى جانب الـ44 صحافيا الذين استشهدوا داخل الخيام، أصيب العشرات بجروح خطيرة، تسببت في بتر أطراف بعضهم جراء الاستهداف المباشر للخيام المزدحمة بالصحافيين والنازحين.
أماكن وأسلحة الاستهداف
ووفق الرصد والتوثيق، لوحظ أن أماكن الاستهداف للصحافيين في خيام داخل ومحيط مستشفيي ناصر، والشفاء، ومدارس تابعة لـ”الأونروا”، ومناطق نزوح مكتظة بالمدنيين، فيما كان نوع السلاح المستخدم “صواريخ جوية دقيقة”، وضربات من طائرات مسيّرة، وقنص مباشر.
وأكد التقرير أن استهداف الصحافيين المدنيين يُعدّ جريمة حرب بموجب المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، كما أن استهداف خيام النازحين في المستشفيات والمدارس يُعتبر انتهاكا فادحا لحماية المناطق الإنسانية، مضيفا أنه لم يثبت وجود نشاط عسكري داخل الخيام المستهدفة، مما ينفي أي ذريعة للادعاء بـ”الخطأ” في الاستهداف.
وشدد التقرير على أن الدقة العالية للأسلحة المستخدمة، ووقوع الاستهداف داخل أماكن مكتظة بالصحافيين والنازحين، تؤكد عنصر التعمد، وأن الهدف يتجاوز قتل الأفراد إلى قتل الشاهد وتدمير القدرة على التوثيق.
وأشار التقرير إلى الآثار الإنسانية والاجتماعية المترتبة على استهداف الصحافيين، من أبرزها حرمانهم من أدنى درجات الحماية الإنسانية، وتعميق مأساة النزوح وفقدان الأمان، وظهور موجات إصابات دائمة وبتر أطراف بين الصحافيين نتيجة القصف المباشر على الخيام.