
 تمثّل النساء واحدة من الفئات الأكثر هشاشة خلال النزاعات والحروب، ولعلّ ما يُسجَّل في الفاشر بولاية شمال دارفور غربي السودان في الأيام الأخيرة واحد من أبرز الأدلّة. ومنذ بداية الحرب في السودان المتواصلة منذ منتصف إبريل/ نيسان 2023 التي تسبّبت في أزمة "غير مسبوقة" و"بلا حدود" بحسب وصف الأمم المتحدة، تتعرّض النساء إلى انتهاكات كثيرة على مختلف الصعد، ولا سيّما العنف الجنسي، في إقليم دارفور خصوصاً.
وفي المشاهد التي راحت تُنقَل تفاصيلها منذ 26 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور ووسط المجازر المرتكبة، روت نساء كثيرات نزحنَ إلى مدينة طويلة من بين أخرى في الولاية نفسها، ما عانينَه على طرقات النزوح، مع بقيّة أفراد عائلاتهنّ، إلى جانب ما قاسينَه هنّ بأنفسهنّ؛ بوصفهنّ إناثاً.
وأفادت، في هذا الإطار، وزيرة الدولة للرعاية الاجتماعية في السودان، سليمى إسحق، أنّ النساء "تعرّضنَ لاعتداءات جنسية وعنف وتعذيب" في الفاشر، مضيفةً أنّ قوات الدعم السريع قتلت 300 امرأة في خلال اليومَين الأوّلَين من دخولها إلى المدينة الفاشر. وقالت إسحق، في تصريحات لوكالة الأناضول، إنّ "كلّ مَن يخرج من الفاشر إلى طويلة يتعرّض للخطر" لأنّ الطريق بين المدينتَين "صار طريقاً للموت".
وإذ لفتت الوزيرة السودانية إلى أنّ "ثمّة عائلات ما زالت في الفاشر معرّضة للسحل والتعذيب والتنكيل والإذلال والعنف الجنسي"، وصفت ما حدث في هذه المدينة بأنّه "تطهير عرقي ممنهج وجريمة كبيرة يتواطأ فيها الجميع (العالم ككلّ) من خلال الصمت".
وكان السودان قد قدّم، أمس السبت، إحاطة إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وإلى وكالات أممية أخرى في جنيف، بشأن "الفظائع والانتهاكات المروّعة" التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر أخيراً. يأتي ذلك في حين كان قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد أقرّ، في 29 أكتوبر المنصرم، بحدوث "تجاوزات" من قبل مقاتليه في المدينة المنكوبة، مدعياً تشكيل لجان تحقيق في هذا السياق.
ويشهد السودان، منذ أكثر من عامَين ونصف عام، حرباً بين الجيش وقوات الدعم السريع أدّت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص في داخل البلاد وخارجها. وفي الوقت الراهن، تسيطر قوات الدعم السريع على ولايات إقليم دارفور الخمس غربي السودان، وذلك من أصل 18 ولاية في عموم البلاد، فيما يسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم.