Akhbar Alsabah اخبار الصباح

فحوى خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء

الحكم الذاتي في الصحراء نقل قرار مجلس الأمن بشأن نزاع الصحراء مشروع الحكم الذاتي، الذي كان قد تقدم به المغرب في عام 2007، من مجرد مقترح إلى مدخل أساسي لرسم معالم الحسم النهائي للنزاع المستمر منذ نصف قرن.

وفي تطور غير مسبوق منذ سنوات، عادت الخطة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء إلى الواجهة مع اعتماد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، قراراً اعتبر أن منح الصحراء حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية "قد يكون الحل الأكثر جدوى" للصراع، داعياً الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات دون شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول.

وكانت الرباط قد قدمت في 11 إبريل/ نيسان 2007، ما تعتبره "سقفاً أعلى لا يمكن تجاوزه"، هو الحكم الذاتي الموسع باعتباره "فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف، على أساس إجراءات توافقية، تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة".

وتنصّ المبادرة المغربية، التي قوبلت حينها برفض جبهة "البوليساريو" والجزائر، على نقل جزء من اختصاصات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى "جهة الحكم الذاتي للصحراء". وبموجب هذا النقل يدبّر سكان المنطقة "شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي"، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية "في ميادين السيادة، ولا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية"، وكذلك ممارسة الملك لاختصاصاته الدينية والدستورية.

وتمارس جهة الحكم الذاتي في الصحراء وفق المبادرة نفسها، اختصاصاتها التنفيذية من خلال "رئيس حكومة ينتخبه البرلمان، ويُنصّبه الملك". فيما يتكون البرلمان من أعضاء "منتخبين من مختلف القبائل الصحراوية". كذلك تنص المبادرة على أن سكان الصحراء يتمتعون بكل الضمانات التي يكفلها دستور المغرب في مجال حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها دولياً. في مقابل كل ذلك، يلتزم المغرب مراجعة دستوره وإدراج نظام الحكم الذاتي ضمن فصوله، وإصدار عفو شامل عن كل من صدرت في حقهم أحكام لها علاقة بموضوع النزاع.

ومع أن خطة الحكم الذاتي ظلت لسنوات حبيسة الرفوف، إلا أن عام 2022 حمل في طياته العديد من التحولات في مواقف العديد من القوى الدولية بالنسبة إلى المغرب، بشأن سبل إنهاء نزاع الصحراء، وذلك بالتزامن مع محاولات المبعوث الشخصي للأمين العام المتحدة للصحراء، ستيفان دي ميستورا، بعث المسار السياسي المتعثر. وبرز ذلك خصوصاً في التغيير الجذري والتحول التاريخي لموقف إسبانيا، المستعمر السابق للصحراء، بعدما أعلن رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي في 19 مارس/ آذار 2022، دعم موقف الرباط علناً وللمرة الأولى، من خلال اعتباره مقترح الحكم الذاتي "الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل النزاع".

وفي وقت ربطت فيه الرباط مبادرة الحكم الذاتي بسياق دولي ينادي بمشروع يكفل الأمن والاستقرار في المنطقة ويحفظ مصالح الدول الكبرى في أفريقيا، كان لافتاً رهان الدبلوماسية المغربية على توالي الدعم السياسي لمقترح الحكم الذاتي لحسم النزاع لصالحها، وخصوصاً في ظل معطيات تشير إلى أن أزيد من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة تؤيد المخطط المغربي، باعتباره الحل لتسوية النزاع الإقليمي، إضافة إلى فتح أكثر من 30 دولة (أفريقية، عربية، من أميركا اللاتينية) قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء.

وخلال الأشهر الماضية، كثف المغرب تحركاته الدبلوماسية نحو عواصم غربية، في خطوة تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في مسار نزاع الصحراء، من خلال محاولة ترسيخ الاعتراف الدولي بسيادته على المنطقة، وتوسيع نطاق الدول الداعمة لمبادرة "الحكم الذاتي". وهي التحركات التي أفضت إلى انضمام بريطانيا إلى الولايات المتحدة وفرنسا في دعم المقترح المغربي. وجاءت هذه التحركات في ظل مؤشرات على دخول النزاع مرحلة حاسمة، بعد تأكيد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن في إبريل/ نيسان الماضي، أن الأشهر الثلاثة المقبلة قد تمثل فرصة حقيقية لتحقيق تهدئة إقليمية، تمهّد لوضع خريطة طريق جديدة باتجاه الحل.

اليوم، وبعد أن حظيت خطة الحكم الذاتي في الصحراء بأقوى تأييد دولي منذ ميلادها، تتجه الأنظار إلى قدرة الأمم المتحدة على دفع جبهة البوليساريو" والجزائر إلى التفاوض استناداً إلى المقترح المغربي، بـ"هدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة"، وفق ما جاء في قرار مجلس الأمن.

وفي انتظار إطلاق تلك المفاوضات التي تبقى رهينة بنجاح مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحقيق السلام بين الرباط والجزائر، حرص الملك المغربي على بعث إشارات لافتة إلى من يهمه الأمر، حينما أكد، في خطاب ألقاه مباشرة بعد اعتماد القرار الأممي، أن بلاده ستقوم بتحيين مبادرة الحكم الذاتي وتفصيلها، وستقدمها للأمم المتحدة، لـ"تشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق".
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : السبت 01 نوفمبر 2025
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com