
تسود أجواء من التوتر الحذر في قطاع غزة، رغم مرور أيام على بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وتبادل الاتهامات بشأن الالتزام ببنود الاتفاق. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن حالة الهدوء ما زالت هشة، مع تسجيل عمليات قصف متفرقة وإطلاق نار في عدد من مناطق القطاع، في وقت تتواصل فيه جهود الوسطاء لضمان تثبيت التهدئة ومنع انهيارها بشكل كامل.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سينظر في السماح لإسرائيل باستئناف العمليات العسكرية في غزة إذا رفضت حركة "حماس" الالتزام بشروط اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك حسب تصريحات خاصة نقلتها عنه شبكة "سي أن أن"، مضيفاً أن "القوات الإسرائيلية يمكن أن تعود إلى الشوارع بمجرد أن أنطق الكلمة". وذكر ترامب في مكالمة هاتفية مع الشبكة أن "ما يحدث مع حماس سيجري تصحيحه بسرعة".
في هذا السياق، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أنها تبذل جهوداً مكثفة لإغلاق ملف جثث الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مؤكدةً التزامها بما جرى الاتفاق عليه في التفاهمات الأخيرة مع الوسطاء. يأتي هذا الإعلان في وقتٍ يوثّق فيه مركز غزة لحقوق الإنسان عشرات الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى مدنيين. وبينما تحاول المقاومة الالتزام ببنود التفاهمات، تمضي إسرائيل في خرقها، ضمن سياسةٍ تبدو أقرب إلى اختبار صبر المقاومة وقدرتها على ضبط الميدان أكثر منها التزاماً بوقف العدوان.
أما على الصعيد الإنساني، فلا تبدو التهدئة كافية لتبديد شبح المجاعة أو لطمأنة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ سنوات. فقد حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من استمرار استخدام إسرائيل التجويع سلاحاً ضمن استراتيجيتها في الحرب، مشيراً إلى أن الكميات المحدودة من المساعدات التي سُمح بدخولها بعد الهدنة لا تغطي سوى جزء يسير من الاحتياجات الهائلة للقطاع. ومع تعثّر فتح معبر رفح وتقليص تدفق الإمدادات، يبقى المشهد الإنساني في غزة مهدداً بالانهيار، وسط صمتٍ دولي متواطئ، ووعودٍ لم تتحول بعد إلى فعلٍ ينقذ حياة المحاصرين.