حظى كشف لجنة التحقيق التي كلفها الرئيس المصري محمد مرسي بجمع الأدلة على تورط الرئيس السابق حسني مبارك في قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير 2011، باهتمام الصحف الأمريكية والبريطانية التي راته أنه لن يؤدي فقط لإعادة محاكمة مبارك واحتمال مواجهته الاعدام فقط، ولكن أيضا محاكمة بعض قادة الجيش بعد جمع أدلة كافية لإدانتهم.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن مبارك كان يجلس في قصره أوائل عام 2011 ويشاهد فيديو للمظاهرات في ميدان التحرير خلال الثورة ضده والتعامل الوحشي من قبل قوات الشرطة مع المتظاهرين الذين كانوا يردون على الهتافات السلمية بقنابل الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية ضد المدنيين.
ونقلت الصحيفة عن لجنة التحقيق في الوفيات خلال الثورة 18 قولها :" إن مبارك تسلم الفيديو على قناة مشفرة لم يشاهدها إلا هو، وكبار المسؤولين بجانب تقارير أمنية مفصلة عن أخطر تحدي لحكمه منذ ثلاثة عقود بعد أيام قليلة من الاحتجاجات التي أجبرت الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على الفرار، مشيرة إلى أن مبارك أجاز استخدام كل الوسائل لوقف المظاهرات.
وبحسب أحد أعضاء لجنة التحقيق فإن "مبارك كان يعرف كل شيء كبيرها وصغيرها"، لافتة إلى أن فريق التحقيق لم يقدم التقرير النهائي للرئيس مرسي، ولكن في الأيام الأخيرة تحدث بعض الأعضاء عن النتائج.
وأوضحت الصحيفة إن هذا الكشف يناقض روايات محامو الرئيس المخلوع من أنه لم يأذن لقوات الشرطة باستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين أو يعرف بوقوع حالات وفاة، وفي يونيو الماضي أدانت المحكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالمشاركة في القتل، ولكن تعفيهم من المسؤولية المباشرة عن سقوط ضحايا خلال الثورة.
وتوفي أكثر من 800 شخص خلال الثورة، وقتل العشرات خلال فوضى المرحلة الانتقالية التي قادها الجيش، ولكن فقط عدد قليل من ضباط الشرطة أدينو بقتل المتظاهرين، مقابل تبرئة مئات من المسؤولين الآخرين، المدافعون عن حقوق الانسان يأملون أن يكون تقرير اللجنة المكون من 700 صفحة خطوة نحو كسر ثقافة الإفلات من العقاب، فحتى الآن يتعرض المدنيين للتعذيب على أيدي قوات الأمن التي لم تتخذ الحكومة الحالية أي خطوات للإصلاح.
وأشارت الصحيفة إلى أن لجنة التحقيق التي كلفها الرئيس مرسي كشفت أيضا عن وفاة متظاهرين خلال الفترة الانتقالية التي قادها العسكر برصاص الجنود رغم نفي قادة العسكر ذلك، وقال محسن البهنسي أحد أعضاء اللجنة، إنه تم جمع أدلة كافية لإدانة أفراد من القوات المسلحة رغم أن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إنه من غير المرجح محاكمتهم لأن المحاكم المدنية لا تملك السلطة لذلك.
وشددت الصحيفة على أن الأدلة التي جمعتها تشمل وثائق رسمية عن خروج الأسلحة من وزارة الداخلية، والأوامر المباشرة بفض التظاهرات باي ثمن، أيضا التستر على القتل، بما في ذلك الدفن السريع لجثث الضحايا، كما أظهرت الوثائق أن ضباط الداخلية استخدموا الرشاشات ضد المحتجين، مشيرة إلى أنها أدلة كافية ليس فقط لإعادة محاكمة مبارك ولكن لإعدامه.
واتفقت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية مع الـ"نيويورك تايمز" بإن الأدلة الجديدة سوف تؤدي إلى إعادة محاكمة مبارك الذي يقضي بالفعل حكما بالسجن مدى الحياة.
وقالت إن مبارك خلال استجوابه عن مقتل نحو 900 متظاهر خلال الثورة، قال انه لم يكن يعرف ما يدور وأن كبار مساعديه اخفوا عنه خطورة الوضع، ونفى الاتهامات بأنه أمر أو علم بالقوة المميتة ضد المتظاهرين، وأدين مبارك في يونيو بالفشل في منع سقوط ضحايا خلال الثورة، ولكن الكثير من المصريين أصيبوا بحالة من الغضب العارم لعدم ادانته بالتورط المباشر في قتل المتظاهرين.
وقال أحمد راغب، وهو محام حقوقي وعضو باللجنة إن تلفزيون الدولة خصص قنوات فضائية مشفرة بكاميرات خاصة مثبتة في التحرير والمناطق المحيطة بها مباشرة لبث ما يحدث في التحرير لقصر مبارك طوال أيام الثورة.
وأضاف :إن" مبارك عرف بالجرائم التي وقعت مباشرة ووصلت إليه صور حية، فهو لا يحتاج حتى لتقارير أمنية.. وهذا يتبع عليه مسؤولية قانونية، بما في ذلك معركة الجمل الشهيرة،
ونقلت الصحيفة عن "خالد أبو بكر"محامي بعض الضحايا قوله: حقيقة أن مبارك كان قادرا على رصد الأحداث في ميدان التحرير يمكن أن يؤدي إلى اتهامه بالقتل العمد.. وإعادة المحاكمة بظهور أدلة جديدة يمكن أن يغير العقوبة من السجن مدى الحياة إلى الإعدام".