Akhbar Alsabah اخبار الصباح

أين يقف السودان مع اقتراب ملء سد النهضة؟

ملء سد النهضة يوما بعد يوم يتأكد أن السودان كان منذ البداية قريبا من أعمال تصاميم وإنشاءات سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على بعد 20 كيلومترا من حدوده الشرقية، حتى "يأمن المخاطر ويستعد لجني الفوائد"، كما يقول عضو لجنة فنية كانت تعمل في هذا الإطار للجزيرة نت.

فمنذ ست سنوات كانت تدير لجان سودانية عملها بعيدا عن الأضواء في صمت للوقوف على كل الجوانب المتعلقة بسد النهضة، فقد زارت موقع تشييد السد مرارا وقدمت النصائح تلو النصائح.

وحتى بعد سقوط نظام عمر البشير استمر عمل هذه اللجان الفنية، لكن الجديد الآن أنها بدأت تخرج عن صمتها بحجة أن أعضاءها كان محرما عليهم الحديث، في ظل المفاوضات بين إثيوبيا والسودان ومصر.

فهل يبدو الهدوء الذي يدير به السودان ملف سد النهضة مبررا مقارنة بحالة الهياج في مصر، ليس لأن الخرطوم تقوم بدور الوساطة بين القاهرة وأديس أبابا بل لأنها طرف مستفيد، كما يرى مراقبون؟

مخاطر التشغيل

وأخيرا، بدا أن السودان منشغل بالمخاطر على سلامة سد الروصيرص داخل حدوده على بعد نحو 120 كلم من سد النهضة، حال لم يتم التوصل للاتفاق حول ملء وتشغيل السد الإثيوبي.

ويقول عضو اللجنة الوطنية الفرعية الخاصة بالهيدرلوجيا -علم المياه- لسد النهضة، بابكر أبرسي، إن أكثر ما كان يعني لجنتهم تشغيل السد لأنه قريب من سد الروصيرص، ما يستلزم وصول المعلومات من إثيوبيا بسرعة للتصرف فيما يخص تشغيل سد الروصيرص.

ويشير أبرسي في حديث مع الجزيرة نت إلى أن لجنتهم الفنية أدخلت تعديلا على جسم السد تمثل في أنه كان مصمما على فتحة واحدة لتمرير التصرفات الواصلة للسودان من المياه، فطلبت اللجنة احتياطا إضافة فتحة ثانية لتفادي أي عطل يمكن أن يصيب الفتحة الأولى.

ويضيف أن الحكومة السودانية شكلت قبل ست سنوات ست لجان فنية بخصوص سد النهضة وطلب منها العمل في سرية بعيدا عن السياسة، لأن الخرطوم كانت في حالة تفاوض لكن الآن الموقف أصبح معروفا ولا بد من الحديث.

تعديلات سودانية

وبحسب عضو اللجنة الوطنية الفرعية الخاصة بسلامة سد النهضة، أحمد الشريف، فإن السودان دفع بقوة إثيوبيا وبعد مداولات كثيفة لإدخال تعديلات رئيسية في جسم السد الخرساني والركامي ونفذت رغم تكلفتها التي بلغت نحو مليار دولار.

ويوضح الشريف أن سد النهضة يتكون من السد الرئيسي على صخور أساس من الغرانيت متماسكة ومتجانسة وملائمة للأحمال بلا أي مشكلات، فضلا عن السد السروجي على بُعد 2.5 كيلومتر جنوب السد الرئيسي.

ويضيف أن موقع السد السروجي على تكوينات تربة متبقية وكانت أهم مشكلاته التحكم في التسرب، فاختار المصمم سدا ركاميا بواجهة أسفلتية لأسباب اقتصادية لكن السودان وبعد مداولات كثيفة دفع بقوة لاستبدال واجهة خرسانية بالواجهة الأسفلتية، إذ الخرسانية أكثر ديمومة مقارنة بالأسفلت الذي يتأثر بعوامل الطقس.

وللتحكم في التسرب أيضا طلب السودان استخدام الحائط الخرساني اللدن في كل تكوينات التربة المتبقية، حوالي 4.5 كيلومترات، لضمان قفل مسامات التسريب ما زاد التكلفة مقابل سد ركامي بواجهة خرسانية ذي كفاءة أكثر في منع التسرب وكذلك في جسم وأساس السد.

ويؤكد أن السودان وعبر فنييه أوصى بإضافة أجهزة لنظم الرصد والمتابعة في سد النهضة لقياس التشوهات وميلان جسم السد وضغط المياه في الصخور.

مخاوف قانونية

ويبدو السودان مطمئنا من سلامة وأمان سد النهضة في مرحلة التصميم والإنشاء وطبقا لوزير الري والموارد المائية ياسر عباس للصحفيين الشهر الماضي، فإن فوائد السد للسودان أكبر من مثالبه شريطة الوصول لاتفاق قبل الملء الأول المتوقع هذا الشهر.

لكن خبير القانون الدولي أحمد المفتي لا يبدو مطمئنا كما الوزير وثلة من الخبراء المختصين، إذ إنه يرى أن سد النهضة يهدد السودانيين بالغرق والعطش في آن واحد.

ويقول المفتي إن على السودانيين بكل قواهم السياسية والمنظمات المدنية رفض أي اتفاق بين الدول الثلاث لا ينص على ضمان أمان السد والأمن المائي والتعويض عن الأضرار.

ويذكر أنه يمكن ترك إثيوبيا تبدأ الملء الأول وكل ما يتعلق به ومن ثم التشغيل السنوي بإرادتها المنفردة والتعامل مع ذلك على أنه عمل غير مشروع ما يجعلها تكتشف أن العمل الأحادي لن يحقق طموحاتها إلا إذا اكتسب شرعية من السودان ومصر.

في المقابل، يعدد أبرسي فوائد سد النهضة، وأهمها أن السودان سيتمكن أخيرا من استغلال كامل حصته في مياه النيل البالغة 18 مليارًا و500 مليون متر مكعب.

وتذهب حوالي ستة مليارات متر مكعب من حصة السودان لمصر مجانا لضيق مواعينه التخزينية، لكن بعد سد النهضة يمكن تخزين متبقي حصته للاستفادة منها في موسم الجفاف بحسب المصدر ذاته.

ووفقا لأبرسي فإن السودان بعد اكتمال السد الإثيوبي سيتمكن من زراعة ثلاثة مواسم بدل الموسمين الشتوي والصيفي، فضلا عن زيادة الكهرباء المولدة في كل سدود السودان.

ويضيف أن خطر فيضان النيل الذي طالما هدد السودانيين سينتهي بعد اكتمال سد النهضة، لأنه سيتحكم في حوالي 700 ـ 800 مليون متر مكعب، تمثل إيراد النيل الأزرق اليومي في موسم الفيضان، لتنخفض إلى نحو 200 مليون متر مكعب يوميا.

ثورة زراعية

ويتعاظم تفاؤل السودانيين بسد النهضة للحد الذي دفع الكاتب الصحفي محمد لطيف للاستدلال بحديث للعالم المصري فاروق الباز قال فيه "إن سد النهضة بالنسبة للسودان بمثابة السد العالي بالنسبة لمصر".

ومقابل حوالي 100 ألف فدان من مساحات الجروف على النيل سيفقد الطمي بعد اكتمال السد بحسب أبرسي، فإن السودان سيجني ما يشبه الثورة الزراعية بدخول ملايين الأفدنة في نطاق الزراعة المروية، "كما أن المناسيب الدنيا للنيل سترتفع ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار، ما يقلل تكلفة ضخ المياه في الشواطئ".

وبدأت إثيوبيا بناء سد النهضة في عام 2011 بسعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب لتوليد ستة آلاف ميغاوات من الكهرباء.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الخميس 09 يوليو 2020
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com