يشهد ميدان التحرير، في وسط القاهرة يوم الجمعة 9 نوفمبر الجاري، تظاهرة مليونية تدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية، والحثّ على تحقيق أهداف الثورة الحقيقية، وفي مقدمتها إقصاء النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ومحاسبته قانونيًا.
الدعوة إلى التظاهرة تأتِي بمثابة تحدٍّ جديد للمصريين، ليثبتوا مدَى توقهم وحبّهم ورغبتهم لتطبيق الشريعة الإسلامية، والتي صارت تتعرض لحملة منظمة من قبل العديد من القوى لإجهاض أيَّة محاولة ليتضمنها الدستور الجديد، حرصًا على استمرار مصر لتظلّ تابعة لأفكار علمانية وليبرالية بالية.
لذلك فإنَّ أمثال هؤلاء ستكون أعينهم على ميدان التحرير، حيث تركز مظاهراته، ما يجعل التظاهرة المليونية بمثابة استفتاء للمصريين على تطبيق الشريعة الإسلامية، فالأعداد مهمة للغاية، وفي هذا السياق يستحضر المرء تلك التظاهرة المليونية التي نظمها الإسلاميون يوم 31 يوليو من العام الماضي، وأفزعت وأذهلت غيرهم جراء الحضور الكثيف لأبناء التيار الإسلامي، بعدما شارك فيها أكثر من 3 ملايين مصري.
هذا الحضور الطاغي من جانب المشاركين جعل الحاقدين على الشريعة يصفونها بتظاهرة قندهار واستعراض العطلات للإسلاميين، إلى غيرها من الأوصاف التي تعكس موقف عدائيًا ضد الإسلاميين، وتقليلاً من شأنهم في تولي زمام أمور وطنهم.
من هنا تأتِي أهمية هذه التظاهرة ليؤكّد الإسلاميون مقدرتهم على الحشد والمشاركة ليس دفاعًا عن وجودهم وتوليهم زمام الأمور، ولكن دفاعًا عن شريعتهم وتحكيمها في شتَّى مجالات الحياة، وليس ذلك بقليل على المصريين الذين يتوقون إلى تحكيم ربهم والزهو بتطبيقها، خاصةً وأنَّ المليونية هذه المرة ليست كغيرها من التظاهرة الحاشدة في العام الماضي، إذ إنَّها تأتي وهناك حملة منظمة لإعادة المصريين إلى المربع الأول منذ تنحّي المخلوع حسني مبارك بالدعوة إلى إبطال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وإجهاض أي محاولة يمكن أن يصدر بها هذا الدستور لتطبيق الشريعة، خلاف حملات التشويه والتشهير بحق الإسلاميين، والتي يشنها الإعلام المناوئ لهم، على نحو ما دار منذ الانتخابات التشريعية أواخر العام الماضي، وإلى يومنا، إذ تدور حملات ممنهجة وتجرى على قدم وساق بهدف إحداث هذا التشويه من ناحية، وإشغال الإسلاميين عن المطالبة بتطبيق الشريعة، وإنهاكهم في نزاعات وصراعات جانبية عن الهدف الأبرز لهم، وهو تحكيم شريعة ربهم.
من هنا تأتِي أهمية التظاهرة المليونية المرتقبة ليؤكّد الإسلاميون قدرتهم على الحشد لتطبيق الشريعة كهدف أساس، ولتعزيز الثقة بينهم وبين عموم المصريين، خاصةً مع حملات التشويه الموجهة ضدهم، والبلاد على وقع انتخابات تشريعية جديدة، بعدما نجح أعداء الثورة في إجهاض البرلمان الذي كان يسيطر عليه الإسلاميون, أعادوا بالبلاد إلى المربع الأول تشريعيًا، خلاف إهدار أكثر من ملياري جنيه تَمَّ إنفاقها على هذه الانتخابات.
وعليه فإنَّ المليونية المرتقبة توصف بأنها محكًا لقياس قدرة الإسلاميين على الحشد، ومدى التأكيد على عمق مطالبهم، بعدما أصبح التيار الليبرالي وفلول النظام السابق مكتسحين للمشهد بإجهاض أي محاولة لصعود الإسلاميين، وإفشال أي مطلب ثوري، والسعي أيضًا إلى إفشال الرئيس الدكتور محمد مرسي، والدفع باتجاه عدم تعاون مؤسسات الدولة معه، بل وتحريض الأجهزة الأمنية من شرطة وجيش للانقلاب ضده.
هكذا يفهم الاقصائيون لغة الديمقراطية التي يدعون إليها، ويطالبون بتطبيقها بأنَّها ديمقراطية فقط على مقاسهم، دون أن تمتد بالتفصيل إلى غيرهم، فهي ديمقراطية أحادية الجانب، ينبغي ألا تعرف طريقها إلى الإسلاميين، أو ما يسعون إليه من تطبيق الشريعة الإسلامية.
ومن واجب الإسلاميين اليوم الإخلاص لدينهم وتقدير عظم الأمانة التي يتحملونها دون أن يصيبهم غرور القوة وأكثريتهم التي كانوا عليها إبان الانتخابات البرلمانية أو بعد فوزهم بالاستحقاق الرئاسي، وعليهم دائمًا استحضار غزوة حنين في معاركهم وتذكر سير الصالحين وهم يدافعون عن معاركهم وقضاياهم، وتجاوز أي خلافات فيما بينهم، فحجم التحديات التي تواجههم كبيرة، وأن يدركوا أن غيرهم لن يترك الساحة سهلا لهم، وأنّهم لقاء ذلك توحدوا وأعلنوا أن هدفهم الأبرز مواجهة ما يسمونه أنصار تيار الإسلام السياسي.
لذلك لم يكن مستغربًا أن يتوحد الناصريون والليبراليون واليسار والعلمانيون بل ويتحالفون مع فلول النظام السابق في مقابل الإسلاميين، بل والجهر بذلك وعدم التوجس ما يخططونه لهم من محاولات لإجهاض أي محاولة لصعود الإسلاميين، أو أن يهنأوا بحكم البلاد، أو تطبيق الشريعة الإسلامية.
إنَّ الدعوة للتظاهرة المليونية ينبغي أن تفوق دعاتها إلى جموع المصريين لتكون بحق استفتاء للمصريين على دعم تطبيق الشريعة الإسلامية، ورفض ما يمكن أن يكون سواها، لذلك عليهم الخروج للمشاركة فيها، واستحضار النية في الوقوف لساعات أو لدقائق إعلاء لشريعة الله تعالى، والذود عن حكمه، وليجعلوها وقفة وجهادًا في سبيل الله، وعليهم الحذر مما قد يخطط لهم في هذا اليوم من قبل أعداء الثورة وأعدائهم، فحتمًا لن يترك دعاة النفاق لأهل الإيمان الدعوة لشريعتهم بسهولة ويسر، غير أن الله غالب على أمره، وسينجز وعده بتمكين المسلمين، ولكن فقط على المصريين أن يثبتوا أنهم أهل لذلك.