Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي يفرض دستور بوكاسا وعيدي أمين بمذبحة عبد الناصر

دستور السيسي رغم حالة القمع التي يفرضها نظام الانقلاب على أي معارض للتعديلات الدستورية التي يعد لها من أجل البقاء في الحكم مدى الحياة، إلا أن تقارير صحفية تداولت أراء بعض قضاة ومستشاري الهيئات القضائية المختلفة دون ذكر اسماء أصحابها خوفا من بطش النظام.

ويرى عدد من القضاة الذين صرحوا لوسائل إعلام مختلفة، أن تلك التعديلات تكتب كلمة النهاية في معركة استقلال القضاء، معتبرين أن التعديلات الخاصة بالقضاء هي مجرد محاولة لصرف النظر عن التعديل «الأهم» الذي يسمح للسيسي بالاستمرار في حكم البلاد حتى عام 2034.

وتنص التعديلات التي تقدم بها نواب “ائتلاف دعم مصر” في برلمان العسكر برئاسة عبد الهادي القصبي، في 3 فبراير الجاري، على استحداث ستة أحكام جديدة تخص السلطة القضائية، تمثلت في؛ إلغاء الموازنات المستقلة للجهات والهيئات القضائية، ومنح رئيس الجمهورية سلطة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية -بما فيها المحكمة الدستورية العليا- من بين خمسة ترشحهم مجالسها العليا، إلى جانب اختيار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، فضلًا عن إنشاء مجلس أعلى للجهات والهيئات برئاسة رئيس الجمهورية، للنظر في شروط تعيينات وترقيات وندب القضاة. وأخيرًا، إلغاء سلطة مجلس الدولة في مراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى هيئاتها طرفًا فيها، وقصر سلطته في مراجعة وصياغة مشروعات القوانين التي تُحال إليه فقط.

دسترة الديكتاتورية

ونقل موقع “مدى مصر” عن أحد النواب الحالين لرئيس مجلس الدولة قوله إن «الفترة الحالية هي عنوان لدسترة الديكتاتورية، واللي مش عاجبه يشوفلُه حتة تانية»، مضيفًا أن مقترح تعديل الدستور، يُعيد مصر لأيام أسوأ من أيام المندوب السامي البريطاني، خاصة وأنه بمقارنته مع تعديلات فايدة كامل عام 1980 يتضح، وفقًا للمصدر، أن تعديلات فايدة كانت «أرحم» من تعديلات القصبي لكونه ترك للناس دستورًا، بعيدًا عن مُدد الرئاسة، بينما التعديلات الحالية «تجعل الدستور الجديد من نوعية دساتير الديكتاتوريات العسكرية، على غرار دستور بوكاسا [ديكتاتور أفريقيا الوسطى] وعيدي أمين [ديكتاتور أوغندا]».

وقال إن التعديلات الحالية هي نتيجة طبيعية للأحداث التي شهدتها البلاد خلال الفترة الرئاسية الأولى للسيسي، سواء بتمرير اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية رغم إبطالها من القضاء، أو بإقرار قانون الهيئات القضائية رغما عن اعتراضات القضاة، مشددًا على أن «الدستور الحالي لم تصن في ظله أرض ولا كرامة، لكنه يرسخ لانتقال سلمي للسلطة، وتنظيم قواعد الفصل بين السلطات».

القرار المناسب

وأكد المصدر ضرورة تحرك القضاة لوقف تمرير التعديلات، وهو ما اتفق معه فيه المستشار محمد أمين المهدي، وزير العدالة الانتقالية الأسبق، ورئيس مجلس الدولة الأسبق، الذي رأى ضرورة إبداء الهيئات والجهات القضائية آرائها في التعديلات المطروحة.

وأشار المهدي إلى أنه لا يوجد ما يمنع من أن يرسل رئيس مجلس الدولة أو غيره من الجهات التي تطالها التعديلات مذكرة بموقفها من التعديلات إلى مجلس النواب أو رئاسة الجمهورية أو غيره، وتحمل كل لمسؤولياته، مضيفًا أنه القضاء فيه رجال لهم حنكتهم، سيتخذون القرار المناسب في الوقت المناسب، مذكرًا بمذبحة القضاء عام 1969، التي قال إنه عاصرها وكان أحد المتضررين منها.

وقال مصدر قضائي أخر إن الهدف الأول من التعديلات هو إزالة أية عقبات أو قيود تمنع استمرار السيسي في السلطة بعد انتهاء مدته الحالية، ومن ثم فالتعديلات المصاحبة لمادة مدة الرئاسة في الدستور هي مجرد تفاصيل هدفها لفت الأنظار، وفتح نقاش وجدل حول موضوعات فرعية.

مجلس قيادة الثور

فيما أشار نائب رئيس مجلس الدولة إلى أن فكرة وجود مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية ظهرت بعد هزيمة 1967، حين أراد ضباط مجلس قيادة الثورة الهيمنة على كافة السلطات، ومن بينها السلطة القضائية، بضم جميع القضاة في ذلك الوقت لعضوية التنظيم الطليعي.

وبحسب المصدر، عندما رفض غالبية القضاة الانضمام للتنظيم الطليعي، رفع أعضاء بالتنظيم تقاريرًا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر تتهم أكثر من 200 قاضٍ، بينهم رئيس محكمة النقض، بالعداء لنظام 23 يوليو، فرد عبد الناصر في أغسطس 1969 بإصدار خمسة قرارات جمهورية بقوانين، بإعادة تشكيل الجهات والهيئات القضائية بما يضمن عزل ونقل القضاة المتهمين بالعداء للنظام إلى وظائف غير قضائية، وحلّ مجلس إدارة نادي القضاة، وتشكيل لجنة من قضاة محسوبين على التنظيم لإدارته، فضلًا عن إنشاء المحكمة العليا التي أصبحت في ما بعد «الدستورية العليا»، وقانون رابع يعطي لرئيس الجمهورية سلطة نقل وتعيين القضاة. وأخيرًا، قانون بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسته وينوب عنه وزير العدل، وكان تشكيله غير قاصر على رؤساء الهيئات القضائية.

وقال المصدر إن المجلس اﻷعلى الذي أنشأه عبد الناصر كان يضم إلي جانب رؤساء الجهات الخمسة، النائب العام ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة الابتدائية بالقاهرة، وكان يبت في التعيينات والترقيات والميزانيات المتعلقة بالهيئات، لافتًا إلي أن كل هيئة قضائية شكلت بداخلها لجنة خماسية تضم رئيسها وأقدم أربعة نواب له لدراسة شؤونها الداخلية ورفع مطالبها إلى المجلس الأعلى لإقرارها أو معارضتها.

قانون السلطة القضائية

واستمرت تبعية القضاة للمجلس الأعلى للهيئات القضائية، حتى أصدر الرئيس الأسبق حسني مبارك، في 20 ديسمبر 1984، القانون رقم 35 لسنة 1984 بتعديل قانون السلطة القضائية ليتضمن النص على تشكيل مجلس القضاء الأعلى بتشكيله الحالي؛ برئاسة رئيس محكمة النقض، وعضوية رئيس محكمة استئناف القاهرة، والنائب العام، إضافة إلي أقدم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم اثنين من رؤساء محاكم الاستئناف الأخرى، ونقل لهذا المجلس صلاحيات التعيين والترقية، وتبع ذلك تعديلات في قوانين باقي الجهات ليصبح لكل جهة مجلس أعلى يدير شؤونها، وألغى المجلس الأعلى للهيئات القضائية، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى عام 2005.

في 2005، بحسب المصدر، ومع بداية مظاهرات قضاة الاستقلال وتهديد نادي القضاة بالامتناع عن الإشراف على الانتخابات البرلمانية، إن لم تتم الاستجابة لمطالبه بإقرار قانون السلطة القضائية المقترح من جانبهم، وتغيير قانون الانتخابات ليسمح لهم بالإشراف الكامل على كافة إجراءات العملية الانتخابية، فكان رد مبارك، في 23 يونيو 2008، بإصدار قانون ثانٍ لمجلس الهيئات القضائية يمنحه نفس صلاحيات مجلس عبد الناصر، برئاسة رئيس الجمهورية وينوب عنه وزير العدل أيضًا. ولكن يقتصر تشكيله على رؤساء الجهات والهيئات القضائية والنائب العام فقط، غير أن اعتراضات القضاة ونواديهم وقتها أجبرت مبارك على تجميد القانون وعدم تفعيله، بحسب نائب رئيس مجلس الدولة الذي أضاف أن «السيسي بدأ عام 2018 من حيث انتهى مبارك بتفعيل قانون المجلس، ثم بالنص على وجوده مدى الحياة في الدستور».

الجهة الوحيدة

وقال المستشار على عوض، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا حتى عام 2012، إنه «مستاء جدًا من التعديلات»، مفضلًا ترك التعليق للقضاة الموجودين في الخدمة حاليًا.

فيما أكد نائب حالي لرئيس المحكمة الدستورية أن تلك التعديلات تهدف لإحكام السيطرة على كافة سلطات الدولة وإخضاع السلطة القضائية لهيمنة رئيس النظام، ودسترة هيمنة القوات المسلحة على الحياة العامة والشأن السياسي.

واعتبر نائب المحكمة الدستورية، أن الترتيب لاستمرار شخص واحد في السلطة لمدة تصل إلى 16 سنة يتطلب التحوط من المستقبل، والسيطرة المسبقة على كافة السلطات، بما فيها القضاء؛ بوصفه الجهة الوحيدة التي تستطيع محاكمة قرارات السلطة التنفيذية، مشددًا على أن التعديلات المطروحة تأخذ من القضاء وتُقَيّده وتُخضِعُه للسلطة التنفيذية، وفي المقابل تعطي بسخاء للقوات المسلحة، التي من المفترض أن تقف مهمتها عند حمل السلاح على الحدود، سلطات مثل صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 13 فبراير 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com