Akhbar Alsabah اخبار الصباح

أدلة جديدة لتورط النظام فى اغتيال "هشام بركات"

هشام بركات قبل ساعات من إحياء الذكرى الثانية لذريعة النظام للانقلاب على ثورة 25 يناير، فيما يعرف بتظاهرات 30 يونيو، وقعت حادثة اغتيال نائب عام النظام، هشام بركات، وهو الحادث الذي أثار لغطًا كبيرًا بسبب توقيته ونوعية الحادث.

وبعد نحو عام ونصف، عادت القضية إلى الواجهة ، لتسيطر على وسائل الإعلام والرأي العام من جديد ، لكن أعادتها هذه المرة ، كان بسبب شهادة جديدة أمام المحكمة لأحد أصحاب المحال التجارية القريبة من موقع الحادث.

لعل الشهادة هذه المرة لم تكن جديدة بشكل كامل عن الشهادات السابقة ، لكنها تؤكد التحليلات التى خرجت منذ الحادث وحتى الآن ، عن ضلوع النظام فى التخلص من "بركات".

الشهادة الجديدة المثيرة تعيد إلى الأذهان شهادات مماثلة تزامنت مع الحادث، أكدت أنه كان على قيد الحياة قبل نقله إلى المستشفى، إلا أن جميعها ذهب أدراج الرياح، وسط روايات رسمية متضاربة أيضًا ، لتعود من جديد وبقوة فى هذة الأيام ، بعد زيادة الشكوك حول النظام ، في مقتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجني" ، كذلك الشبهات التى تدور حوله فى التخلص من العديد من رجاله الذين طالما أخلصوا لتوطيد حكمة وساعدوه فى اغتصاب هذا الوطن
الشهادة الجديدة تُصدق الشهادات السابقة

الشاهد الجديد هو من أصحاب المحال في نفس الشارع الذي وقع فيه الحادث ، قال أمام محكمة جنايات القاهرة ، في الجلسة التى عُقدت يوم الثلاثاء الماضي ، إنه ذهب إلى عمله قبل الانفجار بـ 10 دقائق ، وحدث الانفجار على بعد 7 أمتار من المحل الذي يديره.

وأضاف: "خرجت بسرعة للشارع ولقيت عربية جيب محروقة وشخص مرمي على الأرض ووشه مش باين من كتر الدم، وشوفت عربية النائب العام وكانت شبه محروقة وكان في 3 أشخاص شايلينه وأنا ساعدتهم، وقلتله متخافش قالي عايز أروح المستشفى".

واختتم: "في ناس اخدوه فى عربية ملاكي وطلعوا بيه على المستشفي وبعدين عرفنا انه مات".

لعل العديد من الروايات لشهود عيان حول الحادث ، سجلتها وسائل الإعلام خلال الأيام الأولى من التفجير تدور في نفس الإطار الذي تكلم فيه الرجل ، إحدى تلك الشهادات رواها أحد العاملين بمدرسة خاصة في المنطقة، أنه كان يجلس خلف باب المدرسة، وسمع صوت انفجار ضخم أسرع على إثره إلى الشارع وفوجئ بموكب النائب العام وقد أصيب اثنان من طاقم أفراد حراسته.

شاهد العيان القديم قال: "توجهت بسرعة للسيارة وأنزلت المستشار منها وأجلسته أسفل شجرة، وأحضرت له ماء في محاولة لالتقاط أنفاسه وتهدئته وشاهدت إصابته بجرح نافذ بالوجه وقطع باليد اليمنى ونزيف حاد بالأنف".

شاهد عيان آخر قال إنه شاهد بنفسه المستشار هشام بركات أثناء نزوله على قدميه من سيارته عقب الانفجار الذي استهدف موكبه ، مؤكدًا أن "بركات" كانت حالته الصحية جيدة لحظة نزوله من باب سيارته قبل أن تنقله سيارة ملاكي للمستشفى.

وعلى الرغم من بعض الاختلاف في تفاصيل الشهادات المواترة، إلا أن كلها أجمعت على أن "بركات" كان على قيد الحياة وبكامل وعيه بعد الانفجار، ما يعني أنه توفي أو بمعنى أدق، قتل في الطريق من موقع الحادث إلى مستشفى النزهة.

عملية نقل الرجل شهدت هي الأخرى تضاربًا في اقوال الشهود، ففي حين قال بعضهم إن عائلته اصطحبته بسيارتهم الخاصة، قال آخرون إن سيارة الإسعاف نقلته إلى المستشفى، ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك.
النظام يبطش.. والمتهم معروف

التضارب الذي شهدته الرواية الرسمية للحادث، لم يتوقف عند تعارضها مع شهود العيان ، لكن امتد إلى الاتهامات الرسمية للمتورطين فيه، بل وتصفية آخرين في أحداث مختلفة ، فعلى الرغم من إعلان مجموعة تسمي نفسها "كتائب التحرير" مسؤوليتها عن الحادث في 16 أغسطس 2015، وكذا الاتهامات التي لاحقت ضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي، وما كشفه التسجيل الصوتي المنسوب له، إلا أن أصابع الاتهام الرسمية لم توجه إلى أي منهما.

وقبل بدء أى تحقيق ، أو الانتهاء من التحريات على الأقل ، كان المنفذ معروفًا للجميع ، وألقيت الاتهامات من أول لحظة للحادث على جماعة الإخوان المسلمين ، ففي الليلة التي أعقبت حادث الاغتيال، زعمت وسائل إعلام مصرية أن الدكتور محمد مرسي وخلال جلسة محاكمته، أشار بعلامة الذبح، كعلامة إلى قتل النائب العام.

لم يتوقف الأمر عند الإعلام، إنما تصاعد ليصل إلى اتهام مباشر من رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية حينها وهو قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ، وجدد تلك الاتهامات في كلمته التي ألقاها في اليوم التالي أثناء تشييعه جنازة "بركات" ، حي قال: "هما يصدروا أوامر قتلنا وهما جوة القفص".

واستمرت وتيرة اللعب على هذا الاتهام إلى الأول من يوليو، حين أعلنت وزارة الداخلية تصفية 9 من قيادات الإخوان أبرزهم المحامي "ناصر الحافي" داخل شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر، بتهمة التخطيط لاغتيال النائب العام ، وفي اليوم التالي للبيان الصادر عن وزارة الداخلية نشرت وسائل إعلام نقلًا عن مصادر أمنية بارزة، أن هشام عشماوي، ضابط الجيش السابق المفصول، هو العقل المدبر لعملية اغتيال النائب العام.

وفي 3 فبراير 2016، أعلنت وزارة الداخلية تصفية 2 من أعضاء ما يعرف بتنظيم "أجناد مصر" في شقة سكنية بحي حدائق المعادي جنوب القاهرة، لاتهامهما بالضلوع في اغتيال بركات.

وفي 6 مارس 2016، أعلن وزير الداخلية في مؤتمر صحفي أن جماعة الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" شاركتا في التخطيط وتنفيذ اغتيال النائب العام ، مقال قال إنه تم القبض على 48 من جماعة الإخوان المسلمين المتورطين في الحادث.

وهكذا فإن دماء "بركات" ، وبالرغم من الشهادات التى أكدت أن حالته الصحية كانت جيدة ولم يتأثر بالتفجير ، تفرقت بين 11 شخصًا قُتلوا ، ورتبة في الصاعقة المصرية ، و67 شخصًا يحاكمون ، من بينهم 52 محبوسًا على ذمة القضية ، في حين أثارت الملابسات السابقة وتضارب الروايات الرسمية تساؤلات حول الفاعل الحقيقي.
أصابع الإتهام تشير إلى وزارة الداخلية

فلندع كل تلك الأمور جانبًا ، لأن الأمور ستبدو أكثر وضوحًا عند تتبع خط سير القضية ، وتطوراتها المتلاحقة ، وتصريحات رجال النظام ، لتشير إلى شواهد على تورط وزارة داخلية النظام أو أجهزة أمنية كبيرة في عملية الاغتيال.

أول تلك الشواهد مخالفة الرواية الرسمية لوزارة الداخلية لوقائع التفجير ، ومقتل النائب العام ، فذهبت روايات شهود العيان إلى أنه نهض واعيًا ولكامل لياقته بعد التفجير، بينما قالت الداخلية إنه لفظ أنفاسه بموقع الحادث ، بالإضافة إلى أن تصريحات "عباس رفعت" سائق سيارة النائب العام، تلقي بمزيد من الشكوك أيضًا، حيث قال في شهادة موثقة إنه أخرجه من السيارة وساعده على الوقوف، وقال له: "يا عباس شوف عربية بسرعة تاخدني للمستشفى العالمي على طريق الاسماعيلية".

وقال في حوار مع فضائيات وصحف مصرية: "إحنا خرجنا بالسلامة من العربية أنا ومعالي النائب العام وكان بيقولي وهو طالع من العربية وديني المركز الطبي العالمي، وأنا طلعته من العربية، لكن أنا بدل ما أوديه المركز الطبي العالمي وديته مستشفى النزهة".

وقدمت صحف ومواقع موالية للنظام العسكري ، تواصل رواية جديدة لحادثة اغتيال "بركات" ، تنفي هى الأخرى قتله في التفجير، ولكن بعد أن دهسته سيارة مسرعة أثناء محاولته الفرار من موقع الانفجار الذي استهدفه.

ونقلت عن مصدر أمني رفيع المستوى روايته لملابسات إصابة النائب العام بأن عملية استهداف الموكب تمت بسيارتين وموتوسيكل ملغمين، وأن السيارتين انفجرتا في سيارات التمويه التي تسبق موكب النائب العام.

وأضاف المصدر أن المستشار هشام بركات نزل من سيارته المصفحة، بناءً على تعليمات الأمن المرافق له، واتجه مسرعًا ناحية منزله، وفي أثناء مروره اصطدم بسيارة مسرعة كانت تنقل أسمنت ، وحاولت تفادي التفجيرات؛ فصدمت النائب العام وطرحته أرضًا، وتسببت في إصابات بالغة نقل على إثرها لغرفة العناية المركزة ، وهو الأمر الذي لم يذكره السائق أو شهود العيان ، كما أن هذه الرواية هى الأخرى تتعارض مع الرواية الرسمية التي جاء فيها أن الانفجار استهدف موكب بركات بسيارة مفخخة.

التضارب في الاتهامات التي وجهتها أجهزة الأمن ، وإعلانها أكثر من مرة ضبط أو تصفية متورطين في الحادث، يشي بوجود أمر ما، أدى لهذا الارتباك في قضية رأي عام ، ولعل اختراق حظر النشر أحد الشواهد الدالة على إمكانية تورط أجهزة ما بالدولة في عملية الاغتيال، هذا الاختراق الذي اتهم به وزير الداخلية شخصيًا بمؤتمره الصحفي في مارس الماضي.

أحد الشواهد الأخرى ، والتي ساقتها وكالات أنباء عالمية، على ذلك هو محاولة أجهزة الأمن استباق أية أحداث مخطط لها يوم 30 يونيو 2015، أي بعد الحادث بيوم واحد.

واحدة أخرى ، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ، أثناء مشاركته في جنازة النائب العام ؛ أشار عملية انتقامية قادمة مغلقة بالقانون ، "الدولة ستنفذ كل الأحكام القضائية التي سيصدرها القضاء، سواء كانت إعدامًا أو مؤبدًا. لو هتصدر أحكام الإعدام هيتنفذ حكم الإعدام، لو هتصدر حكم بالمؤبد هينتفذ، هنشوف، هنشوف" ، وبعدها بساعات عرض "الزند" الذي كان وزيرًا للعدل ، على "محلب" الذي كان رئيسًا لمجلس الوزراء ، حزمة من التشريعات الجديدة التي من شأنها تقصير مدة التقاضي؛ لتتم مناقشتها في اجتماع مجلس الوزراء وإقرارها.
وشهد شاهد من أهلها

كشفت صحف مواليه للنظام العسكري ، عن مكالمة هاتفية في أواخر يناير 2015 ، دارت بين قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، والمستشار هشام بركات.

السيسي قال في حديث تليفزيوني في فبراير الماضي ، إنه اتصل بالمستشار هشام بركات، لتقديم واجب العزاء في وفاة شقيقته، في 31 يناير الماضي، وأكد له أنه لا يتدخل في شؤون القضاء، فرد عليه النائب العام قائلا: "ببساطة يا فندم محدش هيكون معايا وأنا بتحاسب قدام ربنا.. وأنت مش هتكون جنبي".

بينما ذهب البرلماني السابق ، صابر أبو الفتوح، إن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لن يستطيع إقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، لأن الأخير قام بتسجيل صوتي للسيسي يثبت تورطه في اغتيال النائب العام هشام بركات.

وخلال لقائه بالإعلامي المصري أسامة جاويش على قناة "الحوار"، أكد أبو الفتوح أن مصدر المعلومات لديه من داخل نظام السيسي، وأن عبد الغفار أوصل هذه المعلومة للسيسي، حتى لا يستطيع الأخير فعل شيء تجاهه، أو تدبير مخطط لتصفيته والتخلص منه.

وأكد أن مجدي عبد الغفار هو الذي تسبب بسوء العلاقات المصرية مع دول العالم، خاصة بعد تورط الداخلية في مقتل الطالب الإيطالي ريجيني، وتقرير الاتحاد الأوروبي المتعلق بحقوق الإنسان ضد مصر.
سياسة | المصدر: جريدة الشعب | تاريخ النشر : الجمعة 27 يناير 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com