Akhbar Alsabah اخبار الصباح

زيارة مرسي للاتحاد الأوروبي فرصة تاريخية لأروبا

مفوضية الاتحاد الأوروبي استقطبت زيارة الرئيس محمد مرسي إلى الاتحاد الأوروبي اهتمام المراقبين السياسيين، واعتبروا هذه الزيارة فرصة تاريخية يتعين على أوروبا اغتنامها وألا تتردد الدول الأوروبية في إقامة علاقات متوازنة مع مصر، والتخلي عن أسلوبها المعتاد في الانتظار، والترقب للحصول على ضمانات مسبقة.



واعتبر المحلل السياسي لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "ايسندر امراني" أن زيارة الرئيس مرسي للاتحاد الأوروبي لا تهدف فقط إلى طلب المساعدة والدعم لمواجهة المشاكل الاقتصادية الأكثر إلحاحًا في البلاد، ولكنها تسعى في المقام الأول لإعادة صياغة العلاقات المصرية مع شركائها التقليديين الأوروبيين، وذلك على خلفية إعلان الرئيس مرسي خلال استعراضه لأطر سياسته الخارجية عن رغبته في إقامة علاقات مع العديد من اللاعبين السياسيين، والابتعاد عن التركيز على العلاقة المصرية الأمريكية التي كانت قائمة في ظل النظام السابق.



ونوَّه بالمبادرة المصرية الأخيرة بتشكيل اللجنة الرباعية بشأن سوريا التي تضمُّ كلاًّ من تركيا والسعودية ومصر، بالإضافة إلى إشراك إيران من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة السورية المتفاقمة، واعتبرها الأكثر ابتكارًا في السياسة المصرية بشأن القضايا الإقليمية.



ومن ثم يتعين على الأوروبيين إدراك حقيقة أن الدولة المصرية تشهد تغيرات جذرية سريعة الإيقاع في منطقة تموج بتحولات إستراتيجية هي الأكبر من نوعها منذ عقود.



ويرى "امراني" أنه من الخطأ أن تتعامل أوروبا مع الرئيس مرسي كإسلامي، داعيًا الدول الأوروبية إلى أن تنزع عنها ثوب خطيئة تعاملها حتى وقت قريب مع الحكام المستبدين، متغافلةً الانتهاكات المتكررة ضد حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام مبارك؛ خشيةً من صعود التيارات الدينية، وأن تنظر بالتالي إلى الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيًّا كرئيس لكل المصريين؛ شريطة عدم تجاوز المسائل التي هي مصدر للقلق بالنسبة لأوروبا، وللعديد من المصريين، سواء اليوم أو في المستقبل.



من جانبه، يرى الخبير البلجيكي لدى مجموعة إدارة الأزمات الدولية "اليجاه زروان" أن زيارة الرئيس مرسي كأول رئيس منتخب ديمقراطيًّا هي مناسبة جيدة للتفكير والتأمل، خاصةً أن العلاقة بين مصر وأوروبا هي علاقة معقدة؛ نظرًا للحقبة الاستعمارية، والصمت الأوروبي على العديد من الانتهاكات، والذي وصل إلى حد التواطؤ مع النظام السابق، على حد تعبيره.



وأضاف أن الزيارة تكتسب أهميةً خاصةً لأنها ستكون فرصة للتهدئة ولتنقية الأجواء بعد الشعور بعدم الارتياح الذي ساد الأوساط، والدوائر السياسية الغربية لصعود الإسلاميين كقوة سياسية مهيمنة، وشدَّد على ضرورة إعادة صياغة العلاقات المصرية- الأوروبية على أساس من الصراحة والانفتاح، على أن يأخذ الأوروبيون في الاعتبار أن مصر المستقرة سياسيًّا والمزدهرة اقتصاديًّا هي مصلحة مشتركة لكلا الطرفين.



وفي المقابل دعا الخبير البلجيكي لدى مجموعة إدارة الأزمات الدولية "اليجاه زروان"، أوروبا إلى اتخاذ موقف واضح، وصريح إزاء شرط إقامة مصر لنظام ديمقراطي شامل يستند إلى توافق شعبي واسع وإلى احترام حقوق جميع المواطنين بلا أدنى تمييز، وأن مصر انطلاقًا من هذه القواعد والمعايير يمكنها بناء الاستقرار، وهو ما تحتاجه من أجل بناء اقتصادها.



ويرى معظم المراقبين أن المسالة الأكثر حساسية بالنسبة إلى مصر هي مسألة صياغة الدستور، مؤكدين أن مواد الدستور هي أكثر أهمية من كل الوعود الانتخابية، خاصةً أن صناع السياسة الأوروبية كوزير الخارجية الفرنسي لوران فابوس قد أعرب مؤخرًا عن أسفه إزاء الرضا الأوروبي خلال السنوات الماضية عن الديكتاتوريات العربية وإزاء مساندة فرنسا للنظام السابق وإقامة علاقات وطيدة معه، كما أعرب كثيرون آخرون عن مشاعر مماثلة بالندم وتكلموا عن الحاجة إلى تغيير هذه السياسات القديمة، معربين عن رغبتهم في تقديم المساعدة من أجل الانتقال إلى الديمقراطية.



والسؤال المطروح الآن هو: ما الذي يمكن لأوروبا أن تقدمه إلى الرئيس مرسي كرئيس لأكبر دولة في المنطقة وأكثرها نفوذًا على ضوء الرسالة التي بعث بها خلال زيارته إلى الاتحاد الأوروبي، بشأن حاجة مصر إلى المساعدة من أجل تصحيح مسارها الاقتصادي.



وقال المتخصص في شئون الشرق الأوسط "جوليان برنس" "إنه سبق وأن صدرت عن قمة "دوفيل" في مايو 2011 تعهدات لم تنتقل من حيز القول إلى حيز الفعل وأن أوروبا مثلها مثل الجهات المانحة الأخرى قد ظلت حذرة ومترددة في تقديم المساعدات إلى مصر، فيما كانت الفوضى تتزايد خلال المرحلة الانتقالية التي قادها الجيش"، ولكنه يرى الآن أن الوضع في مصر قد تغير، خاصة بعد اجتيازها شوطًا طويلاً في تحقيق الاستقرار.



ويؤكد جوليان برنس أنه لا توجد بعد الآن مبررات تعوق إفراج المانحين الدوليين عن القروض أو عن حزم المساعدات، معربًا عن خشيته ألا تكون أوروبا سخية كما كانت في مطلع 2011 نتيجة الأزمة الاقتصادية "المؤلمة" التي تمر بها.



وبالرغم من الأزمة المالية الحالية، إلا أن الأوروبيين يظل لديهم المال الوفير، مشيرًا إلى أن أوروبا خصصت 6.9 مليارات يورو لسياسة الجوار الأوروبي في الفترة ما بين 2011 و2013، إضافةً إلى برامج البنية التحتية المدرجة ضمن إطار الاتحاد من أجل المتوسط.



ويؤكد المراقبون أنه إضافة إلى الدعم الاقتصادي، فإن المصريين يتطلعون إلى نيل الثقة من خلال البعثات التجارية لتشجيع الاستثمار، وتنشيط السياحة، وتحويل مصر إلى مركز للتكامل التجاري في منطقة اليورو التي تعد أكبر سوق للصادرات المصرية، وأنه ليس هناك من طريقة أفضل لمساعدة الاستقرار في مصر في فترة ما بعد الثورة، إلا من خلال مساعدة الحكومة المصرية الجديدة في خلق فرص عمل، وزيادة معدلات التنمية.
سياسة | المصدر: أ. ش. أ | تاريخ النشر : السبت 15 سبتمبر 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com