Akhbar Alsabah اخبار الصباح

كيف يحول جمال مبارك "الدولار" إلى 12 ألف دولار

جمال مبارك فى مفاجأة مدوية، كشف موقع "مدى مصر"، فى تقرير له، تفاصيل واحده من الاستثمارات القليلة، والتى تم الكشف، لنجل المخلوع، جمال، من خلال نسخة من عقد تم توقيعه سنة 2002 بين إي إف جي هيرميس القابضة، أكبر بنك استثماري مصري (ومقره القاهرة)، وشركته التابعة -الجديدة آنذاك- "إي إف جي هيرميس للاستثمار الخاص المباشر"، المسجلة في جزر العذراء البريطانية.

العقد، الذي نشره ذات الموقع، يحمل توقيع جمال مبارك ممثلاً عن" هيرميس للاستثمار الخاص المباشر" باعتباره مديرها، ويفتح الباب للتعرف على طريقة العمل الداخلي لمشروع معقد للإثراء، يستفيد من الملاذات الضريبية والنظم الضريبية السرية.

ووفقاً للمستندات والمعلومات المتوفره، فقد نجح جمال مبارك -عبر هذا المشروع وحده- في تحويل مساهمة لم تزد على 1750 دولارًا إلى مكسب وصل لما يقرب من 21 مليون دولار في عشرة أعوام فقط.

تعود القصة إلى عام 1993، حين بدأ نجلا مبارك، جمال وعلاء، في إقامة شبكة معقدة من الكيانات السرية في الخارج، عبر إنشاء شركة باسم "بانوورلد انفستمنتس" في ملاذ ضريبي سري في جزر العذراء البريطانية.

وبعد ذلك بثلاث سنوات، قامت الشركة بأول استثمار معروف، كشريك في إدارة صندوق قيمته تسعة ملايين دولار باسم الصندوق الدولي للأوراق المالية.

وفي 1997، قامت بانوورلد انفستمنتس باستثمار قيمته 250 ألف دولار في صندوق حورس 1، الذي يمثل أحد أوائل صناديق الاستثمار الخاص المباشر في مصر ، جنبًا إلى جنب مع عديد من المرتبطين بمبارك.

في العام نفسه، دخلت شركة بوليون ومقرها قبرص -يمتلك جمال مبارك نصفها- في شراكة بحصة قدرها 40% مع أكبر بنك استثمار في مصر، وهو مجموعة إي إف جي هيرميس القابضة، لإنشاء شركة في الخارج باسم "إيجبت فند" (صندوق مصر) لإدارة نشاط الاستثمار الخاص المباشر للمجموعة القابضة.

وبعد خمس سنوات تقريبًا، وتحديدًا في يوليو 2002، اختار المؤسسون أنفسهم جزر العذراء البريطانية كمقر لشركة جديدة تخلُف "إيجبت فند" تحت اسم "إي إف جي هيرميس للاستثمار الخاص المباشر"، و امتلكت بوليون حصة قدرها 35% من الشركة الجديدة. وبلغ رأسمالها المدفوع 10 آلاف دولار بالكاد، كان نصيب جمال مبارك منها 1750 دولارًا.

وفي غضون عشرة سنوات، نما هذا الاستثمار الأولي لجمال مبارك من 1750 دولار إلى نحو 20 مليون دولار في صورة "رسوم وعمولات"، عبر ملكيته لشركة بوليون في قبرص. وقد حصل جمال مبارك على هذه المبالغ من دون أن يقوم بأي استثمار مهم أو تحمل أي مخاطرة مالية، أو يقدم أية خدمة حقيقية ذات قيمة مضافة.

بمقتضى العقد، الذي جرى توقيعه تحت عنوان "اتفاق استشارات استثمارية" في أكتوبر 2002، تقوم إي إف جي هيرميس (الشركة القابضة الحقيقية) بتعيين إي إف جي هيرميس للاستثمار الخاص المباشر (الشركة الواجهة) كمستشار استثماري في ما يخص محفظة الاستثمار المباشر للعملاء.

وهكذا يفترض بموجب الاتفاق أن تقوم الشركة التابعة، الموجودة على الورق فقط والتي لا يعمل بمقرها موظف واحد، بتقديم "النصيحة الاستثمارية" إلى الشركة القابضة التي يعمل بها مئات الخبراء.

يقدم العقد وصفًا تفصيليًا للخدمات المتفق عليها، والتي تتضمن: القيام بمراجعة منتظمة للمحفظة، وتقديم توصيات ونصائح استثمارية عامة للعملاء في ما يتعلق بالمحفظة، والتنسيق مع الخبراء والمحللين في هذا المجال وكذلك مع مستشاري إدارة المخاطر الذين جرى تعيينهم في ما يتعلق بالمحفظة، وإجراء تقييم ربع سنوي للمحفظة، واقتراح حد أدنى لأسعار البيع.

يمثل ما سبق فقط أربعًا من بين سبع خدمات مدرجة في العقد. وكما هو واضح، لا يوجد في الشركة الوهمية من يقدم هذه الخدمات. بل إن من كانوا يقدمون بالفعل هذه الخدمات أو هذه الاستشارات في ما يتعلق بالأسهم الخاصة هم العاملون في الشركة الحقيقية في القاهرة. ورغم ذلك فإن العقد يقضي بأن تحول الشركة الحقيقية (هيرميس القابضة) إلى شركة جمال الوهمية التابعة لها في جزر العذراء 10% سنويًا من مكاسب رأس المال الزائدة عن التكلفة أو 2% من قيمة البيع، أيهما أكثر، إلى جانب مكافأة سنوية لجمال مبارك تبلغ 250 ألف جنيه، بوصفه مدير الشركة التابعة.

وبينما كانت هذه الأموال تُدفع سنويًا للشركة الواقعة في الكاريبي، والتي لم يتجاوز وجودها الفعلي عنوان صندوق بريد 3443، رود تاون، تورتولا، جزر العذراء البريطانية، كان يعمل لدى هيرميس القابضة أكثر من 876 موظف في ست بلدان عربية حسب موقع الشركة.

عادة ما يهدف هذا النوع من الاتفاقات إلى التحويل الاصطناعي للأرباح من نظام ضريبي مثل النظام المصري، الذي تبلغ فيه الضريبة على أرباح الشركات حاليًا 22.5%، إلى نظام كذلك السائد في جزر العذراء البريطانية، حيث تبلغ الضريبة على أرباح الشركات صفر%. يتعلق الأمر إذًا بتسجيل أرباح أقل عبر تضخيم المصروفات في مصر، وتسجيل القدر الأكبر من الأرباح لدى الشركة الوهمية.

من بين الطرق المستخدمة في تضخيم الأرباح، كما يظهر في هذه القضية، شراء خدمات «استشارية» مرتفعة الثمن من إحدى الشركات التابعة الموجودة في ملاذ ضريبي، ويتم تسجيل ذلك كمصروفات في حسابات الشركة القابضة، مما يقلل من أرباحها على الورق، بينما يظل هذا المال ظاهرًا في حساباتها لأنه قد تسلمته شركة تابعة لها.

في هذه الحالة، يتم تحويل الأرباح بصورة اصطناعية إلى شركة تابعة مملوكة بالكامل للشركة القابضة، لأن الشركات الوهمية عادة ما يكون رأس المال المستثمر فيها صغيرًا للغاية ولا تقوم بأية وظيفة مادية. وبالتالي يكون معدل العائد على رأس المال مرتفعًا للغاية لأن الأرباح لا تنشأ من أنشطة حقيقية تتطلب رأسمال.

وهكذا، فإن هيرميس للاستثمار الخاص المباشر، التي بلغ رأسمالها بالكاد 10 آلاف دولار (61.500 جنيه مصري)، حققت ربحًا صافيًا قدره نحو 497 مليون جنيه مصري بين يوليو 2003 وديسمبر 2009.

لا يوجد إذًا منطق اقتصادي معقول وراء السماح لطرف خارجي مثل جمال مبارك بالمشاركة في هذا المعدل الهائل للربح -الذي تحققه عادة الكيانات الخارجية- دون أن تكون له أية علاقة بالشركة الأم التي جرى تحويل الأموال منها في الأصل. وهو ما يثير التساؤل حول علاقة جمال بمجموعة هيرميس القابضة في مصر.

وكان العقد الذي وقعه جمال مبارك باعتباره مدير هيرميس للاستثمار الخاص المباشر يرمي أيضًا إلى تحقيق هدف آخر، وهو تحويل الأموال عبر سلسلة طويلة من الشركات، كي تستقر في حسابات سرية في نهاية المطاف.

فقد كانت هيرميس للاستثمار الخاص المباشر، المسجلة في جزر العذراء، مملوكة لبوليون في قبرص وفق حصة قدرها 35%. بينما امتلكت شركة أخرى في جزر العذراء، هي بانوورلد انفستمنت، حصة قدرها 50% من بوليون. وبدورها، كانت بانوورلد انفستمنت مملوكة سرًا لأعضاء من أسرة مبارك.

يعني هذا أن الأرباح تغادر الشركة القابضة في القاهرة، متوجهة إلى نظام ضريبي سري في جزر العذراء البريطانية، ثم إلى قبرص، قبل أن تعود إلى حسابات شركة أخرى في جزر العذراء، في محاولة للتغطية على هوية المستفيدين من ذوي الحيثية السياسية.

وفي مارس 2014، أكدت المفوضية الأوروبية تجميد أربعة حسابات مصرفية مرتبطة بشركة بوليون في قبرص، التي يملكها جمال مبارك بالمشاركة والتي تمتلك كما ذكرنا 35% من هيرميس للاستثمار الخاص المباشر بجزر العذراء.

ويشير تقرير للبنك المركزي المصري إلى تحويل أرباح صافية قدرها 22.5 مليون دولار أمريكي من حساب هيرميس للاستثمار الخاص المباشر إلى حساب يخص بوليون في بنك قبرصي في الفترة من 2008 إلى مايو 2011 .

وبالرغم من أن بوليون مملوكة مناصفة لجمال مبارك، فإن اسمه لا يظهر في الأوراق الرسمية لأنه يحوز تلك الحصة عبر شركة وهمية أخرى مقرها جزر العذراء البريطانية، وهي بانوورلد انفستمنت.

ووفقًا لتقرير صادر عن اللجنة القضائية، التي عينتها محكمة جنايات مصرية في قضية "التلاعب في البورصة"، المتهم فيها جمال وعلاء مبارك والتي لا تزال منظورة أمام القضاء، فقد بلغ نصيب بوليون من الأرباح بين 2007 و2009 24.1 مليون دولار، كان نصيب جمال منها 12.05 مليون دولار.

خلال مراسلات سابقة مع هيرميس القابضة في مصر، أكدت الشركة صحة هذه المعلومات. وقالت الشركة إن متوسط نصيب جمال مبارك من الأرباح بلغ 880 ألف دولار سنويًا. ويقول بيان الشركة في مايو 2012، بغرض توضيح الأمور في ما يخص علاقة الشركة بجمال مبارك، إنه "نتيجة استثماراته في هيرميس للاستثمار الخاص المباشر، تسلم السيد جمال مبارك 880 ألف دولار سنويًا كتوزيعات أرباح إجمالية، وفي هذا الصدد، تشير الشركة القابضة إلى أن أسعار الصرف في تلك الفترة كانت أقل منها في الفترة الحالية".

علاوة على ذلك، امتلكت بوليون حصة غير مباشرة قدرها 40% في شركة تسمي حورس كونسلتنسي (حورس للاستشارات)، التي تسلمت بدورها من هيرميس للاستثمار الخاص المباشر مبلغًا قدره 92.3 مليون جنيه مصري، كان نصيب جمال مبارك منه 18.4 مليون جنيه، أو نحو 3 ملايين دولار وفقًا لسعر الصرف السائد في ذلك الوقت، إلى جانب 1.25 مليون دولار كمكافأة على منصبه كعضو بمجلس إدارة هيرميس للاستثمار الخاص المباشر.

وفي تحقيق رسمي أجراه مكتب النائب العام في أعقاب ثورة يناير قال حازم شوقي، مدير هيرميس للاستثمار الخاص المباشر وقتها، إن حصة حقوق المساهمين لجمال مبارك في شركته بلغت 27 مليون جنيه مصري (نحو 4.5 ملايين دولار وفقًا لسعر الصرف السائد آنذاك) في 2011.

يعني هذا أنه بين 2003 و2011، حقق جمال مبارك عوائد تبلغ نحو 20.8 مليون دولار على رأسماله الأصلي المفترض بقيمة 1750 دولار وهو ما يعني عائداً على الاستثمار يبلغ 11884% كعائد على رأس المال الذي دفعه وقدره 1750 دولارًا.

بمعنى آخر، أصبح كل دولار استثمره 11.885 دولارًا خلال أقل من عقد واحد.

وعادة ما تقوم الشركات القابضة بإنشاء شركات تابعة (واجهة) -تُعرف كذلك بالكيانات ذات الأغراض الخاصة- في الملاذات الضريبية، كي تكون مجرد صندوق بريد ليست له عمليات فعلية، وذلك بغرض "التخطيط الضريبي" (وهو بديل مخفف ومهذب للفظ التجنب الضريبي) وتفادي القواعد المنظِمة.

ووفقًا لورقة بحثية نشرها صندوق النقد الدولي، يتسم الكيان ذو الأغراض الخاصة (أو شركة الواجهة) بالخصائص التالية:

، يقول نيك ماثياسون مدير فينانس انكوفرد Finance Uncovered، وهو مشروع عالمي متخصص في التحقيق في التدفقات المالية غير المشروعة: "لعله من المثير للاهتمام ملاحظة أن هيرميس للاستثمار الخاص المباشر اختارت مقرها في جزر العذراء البريطانية، وهي ملاذ ضريبي سيء السمعة. وتحقق بنية الاستثمار الخاص المباشر فوائد كبيرة من الملاذات الضريبية".

ويضيف ماثياسون قائلًا: "تعود بعض هذه الفوائد إلى أسباب مشروعة. ذلك أنه عندما يكون لديك مستثمرون من جميع أنحاء العالم، يكون من الأسهل أن تتخذ مقرًا لك في منطقة ’محايدة ضريبيًا‘. لكن في عديد من الأحيان تستفيد الشركات، بما فيها شركات الاستثمار الخاص المباشر، عندما تتخذ من ملاذات ضريبية مقرات لها، عبر حرمان الحكومات من أموال ضخمة كانت ستدفعها في صورة ضرائب".

تُعتبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تضم في عضويتها 35 دولة، أهم أجهزة صنع السياسات الضريبية في العالم ـوتحاول المنظمة في الوقت الراهن التعامل مع ظاهرة تآكل الأوعية الضريبية وتحويل الأرباح Profit-shifting.

وتعرِّف المنظمة "تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح" باعتباره "استراتيجيات التخطيط الضريبي التي تستغل الثغرات والاختلافات في القواعد الضريبية من أجل تحويل الشركات الكبرى لأرباحها بصورة اصطناعية إلى مواقع ليست بها ضرائب أو ذات ضرائب منخفضة، حيث لا يوجد نشاط اقتصادي يُذكر".

وتقول منظمة التعاون إنه بالرغم من أن بعض الوسائل التي تستخدمها الشركات الكبرى في هذا الإطار تكون غير قانونية، فإن معظمها ليس مجرمًا بحكم القانون. وتضيف أن "ذلك يقوض عدالة ونزاهة النظم الضريبية، لأن الشركات التي تعمل عبر الحدود بوسعها استخدام تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح للحصول على ميزة تنافسية في مواجهة الشركات التي تعمل على المستوى القومي. علاوة على ذلك، عندما يرى دافعو الضرائب الشركات متعددة الجنسيات وهي تقوم، عبر أساليب يسمح بها القانون، بالتهرب من ضريبة الدخل، فإن ذلك يقوض من الالتزام الطوعي لمجموع دافعي الضرائب".

وغالبًا ما يتم استخدام لفظ "الملاذ الضريبي" لوصف دولة صغيرة جدًا، عادة ما تكون جزيرة أو مجموعة جزر، في البحر الكاريبي، تكون معدلات الضريبة على الشركات لديها صفر%، كما يظل موطن مالكي الشركات مجهولًا. وغالبًا ما تُستخدم كأماكن للتحويل الصوري للأرباح بغرض التهرب من الجهات الضريبية الموجودة في البلدان التي تحقق فيها الشركة أرباحها بالفعل.

وتتمثل ميزة هذه الجزر في أنها صغيرة جدًا، وعدد سكانها قليل جدًا، بحيث يمكن تدبير موارد للدولة عبر تكبيد العدد الهائل من الشركات التي تتخذ منها مقرًا لهاـ رسومًا إدارية قليلة جدًا، لا ضرائب حقيقية. وتُعتبر جزر العذراء البريطانية وجزر كايمان وبنما وجزر البهاما من أشهر الملاذات الضريبية في العالم.

وحيث إن معظم الشركات المسجلة في هذه المناطق ليس لها عمليات فعلية هناك، فإننا قد نجد مبنىً من أربعة طوابق يمثل مقرًا لعدد يصل إلى 20 ألف شركة. بل إنه حتى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشار إلى هذه الظاهرة، حينما قال في خطاب أمام مؤتمر الإصلاح الضريبي سنة 2009: "منذ سنوات ونحن نتحدث عن إغلاق الملاذات الضريبية في الخارج، التي تسمح للشركات بالعمل فيها كي تتجنب دفع الضرائب في أمريكا… اعتدت الحديث عن الغضب الناشئ عن وجود مبنى واحد في جزر كايمان، تزعم 12 ألف شركة أنه يمثل مقرًا لها. وقد قلت في الماضي: إما أن هذا هو أكبر مبنى في العالم، وإما أن هذا هو أكبر مقر للاحتيال الضريبي في العالم".

ويعتقد ماثياسون أنه عندما تكون هناك بالفعل آلاف الشركات المسجلة على عنوان واحد، فإن ذلك يعني ببساطة أنه توجد آلاف من شركات الواجهة هناك، مضيفًا: "سمح نمط تنظيم الأعمال بامتلاك شركات تابعة يجري تأسيسها كشركات مستقلة تتعامل مع بعضها البعض وتحوِّل الأرباح لبعضها البعض… بل إنه حتى الشركات الكبرى متعددة الجنسيات تمتلك شركات وهمية في أماكن بعيدة لا يعمل بها موظف واحد حقيقي. ويمثل ذلك أحد أعراض الفشل المنهجي للنظام الضريبي العالمي. بل إن هذا النظام نفسه يقدم فوائد ضخمة للجريمة المنظمة وعصابات المخدرات والإرهابيين".

عندما نتتبع مكان تسجيل شركة هيرميس للاستثمار الخاص المباشر، والتي يمتلك فيها جمال مبارك حصة غير مباشرة قدرها 17.5%، نصل إلى مبنى يسمى كي بي إم جي سنتر، والذي يُعرف أيضًا بمبنى تروبك أيلاند، في جزر العذراء التابعة للتاج البريطاني، وهو عنوان يظهر في قاعدة بيانات الملاذات الضريبية "الأوفشور" كمقر لعشرات الشركات.

وبالإضافة إلى تجنب الضرائب على أرباح الشركات، فإن الرسوم والعمولات التي يتلقاها الشركاء الإداريون لصناديق الاستثمار الخاص المباشر تكون أيضًا معفاة من الضرائب في الملاذات الضريبية.

ولذلك فإن هيرميس للاستثمار الخاص المباشر، بوصفها الشريك الإداري لثمانية صناديق على الأقل للاستثمار الخاص المباشر، كانت تضطلع بجمع ما يقرب من مليار دولار، وتتلقى نصيبها من الأرباح التي تحققها هذه الاستثمارات، والتي كان 18% منها يتوجه مباشرة إلى نجلي مبارك.

ويقول تقرير اللجنة القضائية في قضية "التلاعب في البورصة" إنه تم تحويل 497 مليون جنيه مصري على الأقل إلى جزر العذراء البريطانية بين يوليو 2003 وديسمبر 2009. كما يشير التقرير إلى أنه لا يبدو أن هيرميس للاستثمار الخاص المباشر قد دفعت أية ضرائب على هذه الأرباح.

والأكثر من ذلك، يبدو أنه تم توقيع عقد استشاري مثيل بين هيرميس للاستثمار الخاص المباشر وبنك عَودة الذي تملك هيرميس القابضة 28% منه. فالتقرير السنوي الصادر عام 2007 عن هيرميس القابضة يقول إن بنك عَودة قام بتحويل أكثر من 16 مليون جنيه مصري إلى شركة الاستثمار الخاص المباشر في صورة رسوم مقابل خدمات استشارات مالية، وهو ما قد يعني أنه قد يكون هناك اتفاق مماثل بين بنك عَودة وبينها.

أدى كل ذلك بالقطع إلى تخفيض الفاتورة الضريبية للشركة القابضة التي تتخذ من القاهرة مقرًا لها، وهو ما عبر عنه بزهو البيان المالي لهيرميس القابضة لسنة 2008 حين ذكر أن معدل الضريبة الفعلي "انخفض بصورة ملحوظة من 13.1% سنة 2007 إلى 10% سنة 2008، بفعل تزايد الإيرادات القادمة من خارج مصر ومن الكيانات غير الخاضعة للضريبة".
سياسة | المصدر: مدى مصر + الشعب | تاريخ النشر : الخميس 20 اكتوبر 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com