Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الجيش "يلهط" والشعب يجوع!

الجيش على طريقة عادل إمام في "الزعيم" "الزعيم يلهط" طبق الانقلاب العسكري "استراتيجية اللهط للجيش" ودون إدراك لأي كائن آخر من حقه أن يعيش، يجوع الشعب..

فما بين صفقات ومشروعات تؤول للجيش تزيد من ثرواته وثراء أفراده ورفاهيتهم، فيما لا يقل عن 90 مليون آخرين يواجهون الفقر والمتاعب الاقتصادية.

فبعد انقلاب عبد الفتاح السيسي على الشرعية، واستيلائه على رئاسة مصر، في يونيو 2014، توسع نطاق اقتصاد القوات المُسلحة، إذ هيمن الجيش على مزيد من القطاعات الاقتصادية، بخلاف استثماراته السابقة، والتي قدرتها مجلة فورين بولسي في تحقيق بعنوان "الجيش ورئيسه" على أنها تتراوح بين 5% و60% من الناتج الإجمالي المحلي.

ويجمع الخبراء على أن تمتع المؤسسة العسكرية بميزات تنافسية مؤثرة ومهمة، يجعل الكفّة تميل لصالحها في مقابل القطاعين العام والخاص، إذ إنها معفاة من الجمارك وكل أنواع الضرائب، بموجب المادة 47 من القانون رقم 91 لسنة 2005 الذي يُعفي جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، الذراع الاقتصادية لوزارة الدفاع، من ضرائب الأرباح، كما أن وزارتي الدفاع والإنتاج الحربي معفيتان من الجمارك، إلى جانب توافر الأيدي العاملة بأقل الأجور ممثلة في المجندين الذين يقضون مدة خدمتهم الإلزامية، فيما تم تمكين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، من الاستحواذ على صفقات تجارية مع الحكومة بالأمر المباشر دون إجراء مناقصات.

إغلاق الشركات الخاصة

وأدت المنافسة غير المتكافئة إلى طحن عشرات الشركات المصرية الخاصة، التي لم تعُد تقوى على منافسة القوات المُسلحة، وهو ما يُنذر بفجوة كبيرة في توفير الإيرادات الضريبية التي كانت تلك الشركات والمؤسسات الاقتصادية ستدفعها للحكومة وتدعم بها الخزينة العامة، بينما لن تدفعها القوات المسلحة التي لا تدفع ضرائب أو جمارك ولا تقدم إسهامًا في الموازنة العامة.

ومن أبرز القطاعات التي آلت للجيش مؤخرًا مستلزمات المستشفيات، ما يحرم خزينة الدولة من مليارات الجنيهات من الضرائب، ويدمر الصناعات الوطنية وشركات الخاصة ويشرد عشرات الالاف من الشباب العاملين بتلك الشركات.. ويفتح أبواب الفساد واسعة في ظل الامر المباشر الذي ببات مرتبطًا بأية مناقصات كبيرة للجهات الحكومية- والتي لا تستطيع ان تعترض على الأسعار- يتم إسنادها للجيش، دون رقابة من أحد، فيتم المغالاة بالأسعار على حساب المواطن.

أجهزة التكييف مثال لتلاعب السيسي بالاقتصاد لصالح العسكر

ففي 31 يناير الماضي أصدر عبدالفتاح السيسي قرارًا بزيادة الجمارك على 500 سلعة مستوردة، كان من بينها أجهزة التكييف التي قرر زيادة الجمارك عليها بنسبة 40%، ما أدى إلى ارتفاع شديد في أسعار أجهزة التكييف في السوق المصرية، إلا أنه وبعد عدة أشهر من
القرار السابق، تم الإعلان عن بدء القوات المسلحة في استيراد وتجميع أجهزة تكييف من طراز "galanz" الصيني، بأسعار هي الأقل في السوق المصرية كاملا، وهو ما أدى إلى تدمير سوق التكييف في مصر وتشريد أغلب العاملين فيه، كما يقول المهندس بولا حنا المتخصص في أنظمة التكييف والتبريد، في تصريحات صحفية مؤخرًا، موضحًا أن تلك الزيادة على الجمارك أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني حتى وصل سعر التكييف بقوة 1 ونصف حصان إلى 7500 جنيه بعد أن كان لا يزيد عن 4500 جنيه.

ومع دخول الجيش في الصناعة واستيراده وتجميعه لأجهزة التكييف الصينية، جعل من المستحيل منافسته، وبالتزامن مع الزيادة المجحفة
على الجمارك التي ستتحملها الشركات يقوم الجيش بالاستيراد دون أي تكاليف جمركية أو ضرائب، كما أن الانخفاض الشديد في سعر الجنيه في مقابل الدولار حتى وصل إلى 15 جنيها للدولار الواحد في السوق الموازية مع عدم توافره في البنوك، زاد من صعوبة استمرار الشركات في استيراد أجهزة التكييف.

تجارة المعلومات والقرارات

الكارثة التي يمكن أن تدمر أي اقتصاد هو تجارة النظام بالمعلومات والقرارات، فقد تعاقد جهاز الخدمة الوطنية، مع الشركة الصينية المصنعة لجهاز "galanz" رخيص الثمن، بتاريخ 2 يناير، أي قبل قرار رفع الجمارك بقرابة الشهر، وقتها لم يتجاوز سعر هذا الجهاز حاجز الـ1800 جنيه ما يعظم الفوائد والأرباح.

وأدت الزيادة الخيالية في أسعار الكهرباء وارتفاع سعر وحدات التكييف بسبب تدخل الجيش، أدى إلى ركود في السوق، ولم يعُد العديد من فئات الطبقة الوسطى قادرين على شراء أجهزة التكييف؛ ما أدى إلى ركود في عمل العديد من الشركات المستوردة وتشريد العمالة التي كانت تعمل في مجال تركيب وتجميع أجهزة التكييف.

لبن الأطفال.. التجارة بأمعاء الرضع

حيث إن خطة استيراد الجيش المصري لألبان الأطفال كانت قبل زيادة الأسعار وقبل الأزمة بأكثر من شهرين، أثارت مظاهرات اللبن جدلاً واسعًا في مصر نظرًا لخطورة ظاهرة اختفاء لبن الأطفال على حياة ملايين الأطفال؛ ما دفع وزير الصحة للخروج السريع بعد ساعات من اندلاع الأزمة، مُعلنًا عن تدخل القوات المسلحة لضخ 30 مليون علبة لبن سيتم بيعها للصيدليات بسعر 30 جنيهًا بدلاً من 60 جنيهًا؛ ما دفع الكثيرين للسؤال حول سبب امتلاك القوات المسلحة لكمية ضخمة كهذه في مخازنه، إلا أنه سرعان ما خرج المتحدث باسم القوات المسلحة لينفي امتلاك الجيش أي مخزون من اللبن، مؤكدًا أنه سيتم استيراد العبوات بالتنسيق مع وزارة الصحة لضرب الاحتكار الجشع لدى التجار؛ ما يوحي بأن دخول الجيش على خط الأزمة جاء لمعالجة تداعياتها والتقليل من آثارها، وهو ما يتنافى مع ما صرح به أحمد العوضي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي خلال مداخلة هاتفية مع معتز عبد الفتاح، نقلاً عن الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع، بشأن بدء القوات المسلحة استيراد كميات كبيرة من لبن الأطفال في 26 يوليو ، أي أن خطة الاستيراد كانت قبل زيادة الأسعار وقبل اندلاع الأزمة بأكثر من شهرين.

في ذات السياق كشف ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أن تاريخ إنتاج عبوات اللبن التي قامت القوات المسلحة بتوزيعها كان يوم 4 سبتمبر، وهو ما يشير إلى أن التعاقد مع الشركة تم في فترة زمنية سابقة، كما أنه- ووفق حديث سابق لوزير الصحة خلال برنامج ممكن مع خيري رمضان- فإن تلك الألبان كان يتم استيرادها وتوزيعها بتكلفة إجمالية تبلغ 26 جنيهًا للعلبة متضمنة هامش ربح لشركة التوزيع "المصرية للأدوية" لإجمالي 18 مليون علبة، لذا ووفق تلك الحسابات فإن صفقة استيراد الـ"30" مليون علبة حققت ربحا يُقدر بـ 120 مليون جنيه بالإضافة إلى نسبة الربح السابق المحتسبة وفقًا للسعر السابق (26 جنيهًا)، بفرض ثبات سعر التكلفة، الذي من المتوقع انخفاضه بسبب زيادة الكمية المستوردة من 18 مليون علبة إلى 30 مليون علبة.

وقياسًا على ما سبق، يتم التلاعب بأسعار السكر والمواد الغذائية وغيرها لصالح الجيش وشركاته ولواءاته.. فيما يصمت الشعب!!!
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 12 اكتوبر 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com