Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تخصيص لجنة لـ"ولاد البطة البيضا" فاجعة كبيرة

ولاد البطة أعرب الكاتب الصحفي فهمي هويدي عن صدمته حينما علم أن هناك لجانا خاصة لامتحان أولاد الأكابر "لتمكينهم من الغش على راحتهم"، مؤكدا أن هذه كارثة بكل المقاييس، وحين يحدث ذلك بموافقة وزارة التربية والتعليم رغم ما فيه من شبهة فتلك كارثة أخرى، كما لفت إلى أن ذلك حاصل فى عدة محافظات، وليس فى أسيوط فقط التى انفجرت فيها الأزمة، فتلك كارثة ثالثة تعلن عن "عموم البلوى" ، وحين تمر الفاجعة دون أن تحدث الدوى الذى يستحقه فتلك كارثة رابعة.

وأكد هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" اليوم السبت، أنه حين ندرك أن ما يجرى يسهم فى تدمير الأجيال الجديدة، فإننا نصبح بإزاء تهديد حقيقى لأمن مصر القومى، يتجاوز بكثير ما يمثله الإرهاب، الذى إذا كان يمثل تحديا للسلطة فى الحاضر، فإن كارثة التعليم تخرب الحاضر والمستقبل معا.

وقال هويدي إن الفضيحة ذاع أمرها من أسيوط، وكشفتها مواقع التواصل الاجتماعى، إذ تفجرت حين ادعى أحد المدونين أن لجنة خاصة شكلت لأبناء الأكابر المتقدمين للثانوية العامة، وقيل آنذاك إن عددهم ١٢٠ طالبا من أبناء ضباط الجيش والشرطة والقضاة ونواب البرلمان ومسئولين فى المحافظة، كما قيل إن التشكيل تم بموافقة وزارة التربية والتعليم، ويبدو أن الفضيحة انكشفت حين أعلن رئيس اللجنة اعتذاره عن عدم القيام بمهمته، قائلا إنه لا يستطيع وقف الغش داخل اللجنة بسبب ضغوط أولياء الأمور ونفوذهم.

وأشار هويدي إلى اعتراف وزارة التعليم إلا أنها جادلت فى هوية الطلاب وأعدادهم. فقالت إن العدد ٧٥ وليس ١٢٠ وأن بينهم ابنا لضابط واحد. كما أضاف بيانها أن عملية التحويل إلى لجنة مدرسة البدارى الثانوية تمت بصورة قانونية. لكن أحدا لم يجادل فى أصل الخبر، ولا فى كون التحويل جاء متزامنا مع توقيت إجراء الامتحانات فإنه كان مشبوها وسوء النية كان واضحا فيه. ثم إن اعتذار رئيس اللجنة عن عدم الاستمرار فى مهمته بسبب تفشى الغش فى اللجنة لم يكذب.

وقال هويدي "فهمنا بعد ذلك أن المصيبة أكبر، وأننا لسنا بصدد حالة فريدة واستثنائية. إذ تواترت الكتابات التى أشارت إلى أن الخبر قديم وليس جديدا، بمعنى أن التصرف له سوابقه فى مدرسة "الجهاد" بالبدارى، ثم أنه ليس مقصورا على محافظة أسيوط وحدها، وأن النموذج تكرر فى محافظات أخرى دأبت على تخصيص لجان لأبناء الأكابر يتم فيها التسامح مع غش الطلاب، الأمر الذى لا يضمن لهم النجاح فقط ولكنه يوفر لهم حظا أكبر فى الحصول على أعلى الدرجات، وهو ما يؤهلهم للتفوق الزائف الذى يسمح لهم بالحصول على أعلى نسب النجاح، ومن ثم الالتحاق بأفضل الكليات.

وأضاف : "لا أستبعد أن يتم إنجاحهم بعد ذلك بالغش أيضا. وهو ما يعنى أننا لسنا بإزاء واقعة ولكننا فى مواجهة حالة كما يقول أهل القانون. والأولى انحراف محدود النطاق والثانية أقرب إلى الوباء الذى يصيب دائرة أوسع من الناس".

وأكد هويدي أن المشهد صادم على نحو يصعب تصديقه، موضحا أن الضالعين فيه شريحة من مواطنى الدرجة الأولى فى مصر، الذين ينتمون إلى مراكز القوة والنفوذ فى المجتمع. وهؤلاء يتصرفون باعتبارهم الشعب المختار فى المرحلة الراهنة. لا يعنيهم القانون ولا الأخلاق ولا مستقبل البلد، الذى يفترض أن يكون هؤلاء الغشاشون بين قياداته يوما ما. كل ما يعنيهم هو الحفاظ على ميزاتهم ووجاهتهم التى يحرصون على توريثها لأبنائهم حتى إن كانوا من عديمى الكفاءة والموهبة.

وتابع: "الأمر جلل أيها السادة. إذ إننا لسنا بصدد فساد عادى ولكننا بصدد وباء يهدد عقل الأمة وعافيتها لعدة أجيال قادمة من حيث إنه يرشح لقيادتها شرائح مزيفة ومغشوشة وعديمة الجدارة. فضلا عن أنه بمثابة إخلال فادح بتكافؤ الفرص يهدر حقوق المواطنين العاديين ويعتبرهم أبناء البطة السوداء، ويقدم أبناء الأكابر بحسبانهم أبناء البطة البيضاء. والفساد فى هذه الحالة ليس مقصورا على الأكابر المذكورين، ولكنه ضارب الجذور فى جهاز التعليم ذاته، الذى سمح بما جرى وغض الطرف عنه. مجاملة لأولئك الأكابر، ولولا الرجل الشريف الذى رفض التستر على الفضيحة. لمر الأمر دون أن يشعر به أحد لعدة سنوات مقبلة. علما بأننا لا نعرف متى بدأت العملية وما هو نطاقها".
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة - حسين علام | تاريخ النشر : السبت 11 يونيو 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com