Akhbar Alsabah اخبار الصباح

فشل العسكر في تسيير البلاد يزيد الاحتقان الشعبي

الاحتقان الشعبي يمرّ النظام العسكري الانقلابي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، بمرحلة تعد الأصعب منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، في الثالث من يوليو 2013. فلم يكد عام 2016 يبدأ أول أيامه حتى تصاعدت الأزمات الداخلية والخارجية بشكل زادت معه حالة الاحتقان بين المصريين أمام فشل النظام في التعامل مع المشكلات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين في مختلف القطاعات.

لم يتوان النظام عن محاولة منْع التظاهرات الحاشدة بشتى السبل، من خلال الآلة الأمنية التي اعتادت، منذ إقرار قانون التظاهر، على مواجهة أي فعاليات احتجاجية بالرصاص والقوة المفرطة. لكن النظام فوجئ، خلال الأيام الماضية، بالآلاف من شباب أولتراس أهلاوي يهتفون ضد النظام في قلب القاهرة، ويطالبون بالقصاص لـ72 من زملائهم الذين لقوا حتفهم في 2 فبراير 2012 خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري، مرددين هتاف "الشعب يريد إعدام المشير"، في إشارة إلى رئيس المجلس العسكري السابق، المشير حسين طنطاوي، الذي يعتبره السيسي أستاذه والأب الروحي له. على إثر تلك التظاهرات، خرج السيسي في محاولة لتهدئة هؤلاء الشباب، عبر مداخلة لأحد البرامج التلفزيونية، عارضاً مبادرة لحل الأزمة معهم. لكن سرعان ما تعرض السيسي للهجوم عقب إعلانه عن مبادرته، من خلال برامج تلفزيونية تحركها أجهزة أمنية لها علاقة عدائية مع الأولتراس. ويضاف إلى ذلك موجة الغضب التي اجتاحت شوارع مدينة بورسعيد، إذ احتشد الآلاف في الشوارع، مؤكدين رفضهم حديث السيسي ومحاولته ترضية أولتراس فريق الأهلي على حسابهم، فيما تعد تلك التظاهرات هي الأكبر منذ فترة ليست بالقصيرة.
وفي عودة إلى الوراء، درجت وسائل إعلام محسوبة على الثورة المضادة، على اتهام الرئيس محمد مرسي، خلال فترة حكمه، بأنه أينما حل تحدث أزمة، وصولاً إلى حد وصفه بـ"النحس". إلا أنه مع مرور الأيام بدأ قطاع كبير من المصريين يطلق نفس المسمى على السيسي، لا سيما مع تكرار الحوادث. فخلال أسبوع واحد شهدت البلاد عدداً من الحوادث التي راح ضحيتها عشرات المصريين، كان منها حادث تصادم قطار بسيارة نقل محملة بعمال في منطقة العياط، جنوب محافظة الجيزة، والذي راح ضحيته 7 أشخاص وأصيب 14 آخرون. وفي اليوم نفسه لقي 22 مواطناً مصرعهم في حادث تصادم 19 سيارة بسبب "الشبورة" المائية على طريق الكريمات بمنطقة الصف في محافظة الجيزة.

أما في سيناء، فإنه على الرغم من فرض حالة الطوارئ وحظر تجول ليلي في المحافظة، واتخاذ العديد من الإجراءات التعسفية بحق الأهالي في محاولة لمنع والحد من عمليات تنظيم ولاية سيناء، إلا أنه منذ مطلع العام الجديد تشهد شبه الجزيرة حالة من الفوضى الأمنية، والفشل الذريع في السياسات الأمنية من جانب الجيش والشرطة. وقد سجل وقوع أكثر من 40 عملية استهدفت قوات أمنية، سواء تابعة لوزارة الداخلية أو للقوات المسلحة، قتل على إثرها عدد من الضباط والجنود. ولم يعد يمر يوم من دون الحديث عن استهداف مدرعة للجيش أو الشرطة المصرية، بالشكل الذي جعل سيناء منطقة شبه خارجة عن السيطرة الأمنية.

في موازاة ذلك، لم تكد موجة قتل عدد من المواطنين على يد ضباط وأفراد الشرطة في الأقسام الشرطية نهاية عام 2015 المنصرم تتوقف، حتى بدأت ظاهرة أخرى مع العام الجديد، بعدما شهد مطلع شهر فبراير الحالي حالات اعتداء من أمناء الشرطة على مواطنين وأطباء، في وقائع توضح إطلاق يد أفراد الأمن، في ظل عدم محاسبة المخطئ منهم، ووجود تبريرات متكررة من قيادات الداخلية لتلك الأفعال، بزعم أنها حوادث فردية.

وجاءت واقعة اعتداء عدد من أمناء شرطة قسم المطرية على طبيبين بمستشفى المطرية العام، لتثير موجة غضب بين الأطباء، قاموا على إثرها بتعليق العمل في المستشفى، مهددين بإضراب عام في حال عدم تقديم الأمناء للمحاكمة. وسبق ذلك اعتداء أحد أمناء الشرطة على سيدة بصفعها في إحدى محطات مترو الأنفاق، وقبلها اعتداء أمين شرطة على ممرضة بالضرب في مستشفى كوم حمادة بمحافظة البحيرة.

من بين الأزمات الإضافية التي تزيد أزمات النظام المصري، هي قضية سد النهضة الإثيوبي، إذ تواجه القاهرة تعنتاً من جانب أديس أبابا، في ظل رفض كامل للشروط المصرية، وإصرار الجانب الإثيوبي على مواصلة بناء السد، أمام عجز مصري عن مواجهة الأزمة، نتيجة توتر في العلاقات بين مصر والسودان، الأمر الذي جعل من الصعب دعم الخرطوم موقف القاهرة. ومن المقرر عقد جلسة سداسية جديدة من المفاوضات نهاية فبراير الحالي بحضور وزراء الري والخارجية للدول الثلاث.

إلى جانب هذه الأزمات، فإن النظام لم يكن يتوقع خروج نواب البرلمان الذين جاؤوا بعد عمليات فرز أمنية عن طوعه، برفضهم قانون الخدمة المدنية الذي شبهه البعض بـ"صفعة على وجه حكومة شريف إسماعيل". الأمر الذي أدى إلى وضع النظام في مأزق، لا سيما أن الأخير يعوّل كثيراً على قانون الخدمة المدنية في ترشيد مخصصات موظفي الدولة في الموازنة العامة. وهو ما دفع السيسي إلى التعبير عن استيائه من رفض القانون خلال كلمته أثناء احتفال الشرطة المصرية بعيدها في 25 يناير الماضي.

في غضون ذلك، تسيطر حالة من الغضب على قطاعات عريضة من المواطنين والتجار، بعد قرار السيسي برفع التعريفة الجمركية على عدد كبير من السلع، بدعوى ترشيد الإنفاق على السلع التي سمّاها بـ"غير الضرورية"، والتي كان من بينها الأجهزة الكهربائية والأدوات المكتبية والمنزلية، وهو ما أكد خبراء اقتصاديون أنه سيتسبب في موجة حادة من ارتفاع الأسعار.
كذلك أثارت تصريحات السيسي، خلال افتتاح عدد من المشروعات قبل أيام، والتي قال فيها إن الدولة لن تكون قادرة على دعم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، غضب المواطنين، نظرا لما تنطوي عليه من إشارة واضحة إلى وجود توجه نحو رفع أسعار هذه الخدمات المقدمة للمواطنين، خصوصاً بعدما أكد أن المواطنين يحصلون عليها بأسعار تقل كثيراً عن السعر الحقيقي لها.

يقول الباحث السياسي، أمجد الجباس، إنه "بات من الواضح أن هناك خللاً في بنية النظام الحالي"، مضيفاً "نظام السيسي يتكون من مجموعات، الخط العام الجامع لها هو المصلحة، وبعدما ظنّت هذه المجموعات أنه تم التخلص من الإخوان وكافة المعارضين المحسوبين على معسكر يناير، بدأ كل منهم يفكر في حصد الغنائم. وفي مقدمة هؤلاء مكونات الدولة العميقة بأجهزتها ورجال أعمالها، إضافة إلى بعض القوى الإقليمية التي ساعدت السيسي في الإطاحة بحكم مرسي".
وتوقع الجباس "زيادة التفكك في مكونات النظام الحالي بمرور الوقت وتزايد الضغوط عليه"، مؤكداً أنّ "السيسي يعيش مأزقاً حقيقياً وتململ قطاعات كبيرة من التي كانت تؤيده في السابق، لا سيما في ظل حالة السعار الأمني والانتهاكات واستهداف الجميع".
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الجمعة 12 فبراير 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com