Akhbar Alsabah اخبار الصباح

أزمة السياحة المصرية تهدد 40 ألف عامل

السياحة المصرية تعيش السياحة المصرية واحدة من أحلك الفترات في تاريخها الطويل، في ظل التعامل الفاشل لسلطات الانقلاب مع الملف الشائك، والذي لم يكد يتعافي في عهد الرئيس محمد مرسي محققًا تقدمًا ملومسًا على صعيد الأرقام والإشغال متجاوزًا أزمات خلفتها حالات الانفلات الأمني المتعمد، حتى سقط من جديد في فخ العسكر تاركًا المنتجعات والمنشآت السياحية خاوية على عروشها تستجدي الزوار ولو بالمجان.

النظام الذي يتبني نظرية المؤامرة لتبرير توالي الفشل بدلاً من البحث عن حلول ناجعة لتفاقم أزمات الوطن، بات يهدد بقطع أرزاق عشرات الآلاف من العاملين في قطاع السياحة مع الهبوط الحاد في نسب الإشغال الفندقي لما دون الـ10% على أفضل تقدير، في ظل تزايد القرارات الدولية بحظر السفر إلى مصر وإجلاء الرعايا على خلفية حادث سقوط الطائرة الروسية واحتمالية تعرضها لعمل إرهابي.

"هنجوع.. وإيه يعني، المهم نبقي كده" بتلك الكلمات "العميقة والموجزة" تعامل قائد الانقلاب مع الأزمة المتفاقمة في القطاع السياحي أثناء زيارته الخاطفة إلى منتجع شرم الشيخ بعد 15 من وقوع الحادث، إلا أنه لم يقدم أي رؤية أو حلول للخروج من الأزمة فى ظل عجز المراقبين عن فك طلاسم كلمة الجنرال أو الخروج بجملة مفيدة في لعبة البازل التي يمارسها في كل حواراته بإطلاق مجموعة من العبارات المبهمة وإتاحة إعادة تجميعها مهمة شاقة للمواطنين، وترك الرافد الأهم للدخل القومي على مائدة اجتهاد مؤسسات الدولة الفاشلة.

ويبدو أن السيسي بات هو التهديد الأكبر للسياحة في مصر، منذ قامت أجهزته الأمنية بقتل وإصابة 25 سائحا مكسيكيا منتصف سبتمبر الماضي بقصف صاروخي لسيارتهم في رحلة سفاري، قبل أن يهدد صاروخ أرض أرض انطلق من قاعدة عسكرية، لطائرة بريطانية تابعة لشركة طومسون قبل شهرين في واقعة اعترفت بها الخارجية المصرية، وأخيرا سقوط الطائرة الروسية والتي تمتد إليها أصابع الإهمال والخلل الأمني.

الوضع المأساوي المتفاقم في المنتجع السياحي الأشهر في مصر، كشف عنه بجلاء جيفارا محمد الجافي -رئيس غرفة شركات السياحة بجنوب سيناء، مؤكدًا أن قرابة 40 ألف من العاملين في قطاع السياحة مهددين بفقدان وظائفهم خلال شهر على أكثر تقدير إذا استمر الحال بتلك الصورة.

واعترف جيفارا أن مؤشرات السياحة كانت قد بدأت في التحسن نسبيا تظهر على السياحة في مصر بعد سنوات من عدم الاستقرار التي شهدتها مصر عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011، حتى إن القائمين على المنتجع كانوا يفكرون في تعيين موظفين جدد، ولكن ذلك كله تغير الآن، وهو السيناريو الذي قد يتبعه الاستغناء عن أعداد كبيرة من الموظفين لتجاوز الأزمات المالية المتوقعة.

تفاقم الأوضاع فضح عجز السيسي عن مواجهة الأزمات وصناعة الأكاذيب وبيع الأوهام بداية من جهاز الكفتة وحتى انهيار السياحة، مرورا بعشرات الكوارث التي ضربت الوطن والمواطن في الداخل والخارج، إلا أن الأزمة الأكبر جاءت عبر الحلول المطروحة على مائدة العسكر والتي لم تتجاوز حدود العقلية العقيمة المتحكمة في مصر.

وفى مشهد فج يجسد الكوميديا السوداء التي تعيشها البلاد، ظهر أئمة وخطباء وزارة الأوقاف لاستقبال السياح بالورود - بما لا يخالف شرع الله- بعدما قررت وزارة مختار جمعة القيام بـ 100 رحلة سياحية داخلية على نفقة الدولة للأئمة والعاملين بالأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومستشفى الدعاة للعاملين وأسرهم، وذلك من أجل المساهمة في حل أزمة السياحة في مصر.

الأوقاف أبهرت الجميع بالتأكيد على أن الهدف من الرحلات هو تنشيط السياحة الدينية، دون أن تكشف عن كيفية تنشيط هذا النوع من السياحة بشواطئ جنوب سيناء، إلا أن الشيخ محمد عبدالرازق -رئيس القطاع الديني- أزال الكثير من اللبس عن "الدين الكيوت"، مشددا على أن أئمة الأوقاف سينزلون في نفس الفنادق التي بها الأجانب، ولا مانع من الاختلاط بهم ونزول حمام السباحة، لكن بشرط ارتداء المايوه الإسلامي بالنسبة للأئمة والعاملين بالأوقاف.

وعلى ذات المنوال من الحلول العبقرية لسلطة الانقلاب، أعلن إلهامي الزيات - رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية - عن دعوة 50 ألف من شباب الجامعات لزيارة مدينة شرم الشيخ مجانا، لمدة 4 أيام، بداية من الأسبوع المقبل.

وأشار الزيات إلى أن وزارة الشباب والرياضة متحملة كافة التكاليف، بهدف تنشيط حركة السياحة الداخلية وتشغيل الفنادق المصرية للحفاظ على العمالة وعدم تسريحها، موضحا أنه تم عقد اجتماع مع غرفتي الفنادق وشركات السياحة، لمنح وزارة الشباب والرياضة أسعارا مخفضة لهذه البرامج.

اللافت في تلك المبادرات أنها جاءت جميعها على نفقة الدولة، رغم الوضع الاقتصادي المنهار، وتفاقم الديون الداخلية والخارجية على نحو غير مسبوق، فضلا عن التراجع الحاد للعملة المحلية في مواجهة الجنيه، والشلل الذي يحاصر البورصة المصرية، ومغامرة البنك المركزي بالاحتياطي النقدي لإنقاذ رقبة السيسي مؤقتا، ومحاولات الحصول على قرض من البنك الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وطرح شهادات استثمار ذات فائدة عالية 12.4 % للحصول على سيولة عاجلة، وتوقف ضخ الرز الخليجي، وهو ما يعني أن الحلول البائسة لأزمة السياحة وبدلا من التوجه بالرسالة والدعاية بالخارج ستمارس مزيد من الضغط على الخزانة الخاوية.

تبعات كارثة سقوط الطائرة الروسية في 31 أكتوبر الماضي، تجاوزت حدود المأساة لتطول مختلف القطاعات، بداية من الكشف عن الخلل الواضح في المنظومة الأمنية، مرورا بشلل قطاع السياحة، وأزمة الثقة في السفر إلى مصر، مع حظر سفر الطيران المصري إلى "الحليف" الروسي، وزيادة الضغط على الاقتصاد المريض، وأخرها وأخطرها تعرض قرابة 40 ألف عامل في قطاع السياحة بالتشريد والطرد، ما يهدد بانفجار ملف البطالة وأزمات العمال في وجه السيسي قريبًا.
إقتصاد | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأحد 15 نوفمبر 2015
أحدث الأخبار (إقتصاد)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com