Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الانتفاضة الفلسطينية تُفشل تقسيم الأقصى

الانتفاضة الفلسطينية خاض الاحتلال الصهيوني لسنوات طويلة حربا ضروسا لتهويد القدس وتمرير مخططات التقسيم للمسجد الأقصى، دون أن تنجح كل التدخلات الدبلوماسية من السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وتوسلات الأردن واتصالات ملكها عبد الله الثاني صاحب الولاية الدينية على المقدسات في الأراضي المحتلة في لجم الاحتلال او دفعه للتراجع.

وكان يعتمد الاحتلال أسلوب المناورة والتهدئة مؤقتاً، ومن ثم يعيد الانقضاض على مقدسات المسلمين دون أن يجد من يتصدى له سوى العشرات من المرابطين، الذين أمعن الاحتلال في الاعتداء عليهم وحرمانهم في دخول الأقصى.

اليوم تنقلب الصورة ويبدو المشهد مغاير فبعد أيام معدودة على اندلاع "انتفاضة القدس" التي تعم كل الأراضي الفلسطينية منذ بداية الشهر الجاري أجبر الاحتلال على التراجع عن إجراءاته وأمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو شرطته بمنع دخول أعضاء الكنيست والوزراء إلى الحرم القدسي الشريف حتى إشعار آخر، كما صرح الأخير أنه لا ينوي تغيير الوضع القائم في القدس.

اجراءات نتانياهو جاءت بعد اشتعال الانتفاضة التي أدخلت الكيان الصهيوني في حالة رعب وأجبرته على التراجع عن اجراءاته واتخاذ قرارات جديدة لمحاولة امتصاص الغضب الشعبي الفلسطيني.

الوضع القائم اليوم هو دليل قاطع على أن المقاومة بكل أساليبها أفضل وسيلة لانتزاع الحقوق وردع الاحتلال وان مسار التسوية الذي انتهجه الرئيس محمود عباس وكل التنازلات والتسهيلات التي قدمها للاحتلال لم تثمر في اتمام عملية التسوية والوصول الى حلم الاستقلال والدولة.

وفي قراءة لأكثر من عشرين عاماً مضت منذ توقيع اتفاق اوسلو خاض فيها الفلسطينيون اختبارا صعبا، وخضعوا لعملية تدجين شرسة لتنسيهم أرضهم وقضيتهم وخاضوا خلالها انتفاضة الاقصى وعدة مواجهات وحروب دموية، يظهر ان طوال هذه السنوات كان الفلسطينيون غارقين في جدلية، ومنقسمين على انفسهم بين من يرى في المقاومة والقوة الطريق الوحيد لنزع الحقوق وبين من يعتبر المفاوضات والدبلوماسية الطريق الاقصر نحو الدولة.

اليوم تظهر نتيجة الاختبار واضحة فكل سنوات المفاوضات لم تنجح في وقف الاستيطان الذي التهم أراضي الضفة وقضى على حل الدولتين بينما المقاومة الشعبية بأبسط وسائلها "الحجر والسكين" تدخل الاحتلال في حالة رعب وتجبره على التراجع خطوات.

ومن المرجح أن أكثر المستفيدين من هذه النتيجة هم الفتحاويون الذين أيقن عدد ليس بقليل منهم أن طريق التسوية أفقدهم التأييد الشعبي وهو ما دفع باللجنة المركزية لحركة فتح للقول بضرورة المشاركة على الارض وحماية الشارع من المستوطنين وخلق حالة مغايرة بعد خطاب الرئيس في الامم المتحدة.

وبالتزامن مع أحداث الانتفاضة الدائرة تراجع نتنياهو عن خطة لبناء 538 وحدة إسكان في مستوطنة ايتمار، ورفض خلال اجتماع عقده مع قادة المستوطنين التصديق على مشاريع استيطان جديدة، وتؤكد مصادر إسرائيلية ان نتنياهو يحاول السيطرة على التوتر في الحرم القدسي الشريف ووقف توسع الاستيطان لتخفيف حدة المواجهات الدائرة.

المختص في الشأن الصهيوني صالح النعامي أكد أن نتنياهو استخف بملك الأردن ونكث بتعهده له عدة مرات وسمح بتدنيس اليهود للحرم، لكن اليوم عمليات مقاومة تجبره على وقف التدنيس.

وقال النعامي في صفحته على الفيسبوك إن ما لم تحققه المفاوضات أنجزته الانتفاضة، خاصة أنه بدأ يتراجع عن مخطط للبناء في حائط البراق ويجمد مخططات أخرى رغم ضغط اليمين في حكومته.

المتتبع للقضية الفلسطينية من السهل أن يلاحظ استعار عمليات التهويد والاستيطان والمصادرة خلال الفترات التي شهدت فيها الاراضي الفلسطينية هدوء وأهمها مرحلة التسوية السياسية وتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993م، فقد تسارعت حركة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، واستمرت أعمال تسمين المستوطنات وتوسيعها وصولاً إلى إقامة جدار الفصل العنصري، الذي سيطر من خلاله الاحتلال على أكثر من ثلث مساحة الضفة الغربية.

في حين تراجعت عمليات الاستيطان خلال انتفاضة الأقصى لتعود وتتصاعد خاصة بعد العام 2007، بينما وبحسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية، شهدت الفترة 2009 إلى 2014 والتي اتسمت بالهدوء الامني في الضفة ارتفاعا في بناء المستوطنات بنسبة 25%عن السنوات السابقة، كما أشارت الأرقام الرسمية إلى ارتفاع سكان المستوطنات بنسبة 9%، حيث بلغ عددهم نصف مليون مستوطن، في حين ارتفعت وتيرة الاستيطان حتى منتصف العام 2015 بنسبة 54% مقارنة مع العام الماضي.

هذه الأرقام تعطي صورة حقيقة عن طبيعة الصراع الفلسطيني الصهيوني وأن طريق المقاومة هو الأنجع والأقصر والأكثر قدرة على لجم الاحتلال.
إسلامنا | المصدر: الرسالة نت - شيماء مرزوق | تاريخ النشر : الاثنين 12 اكتوبر 2015
أحدث الأخبار (إسلامنا)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com