Akhbar Alsabah اخبار الصباح

معتقل يكشف عن معاناة مؤيدي الشرعية في عربات الترحيلات

عربات الترحيلات كشف إسلام أبو غزالة، المعتقل بسجن وادي النطرون، عن المعاناة التي يعيشها مؤيدو الشرعية المعتقلين بسجون الانقلاب يوميًا في عربات الترحيلات، والتي سماها "القبر المتحرك"، حيث اعتبرها انتهاكًا من سلسلة انتهاكات سلطات الانقلاب لهم، إذ إنها تقتل الإنسانية بداخلهم قبل أن تزهق أرواحهم.

وقال أبو غزالة، في رسالة له من داخل محبسه: "الآن عودت توى من المحكمة، واكتب لكى وأنا فى قمة إرهاقى، لكنى أمسكت بقلمى وأوراقى متشوقا لمحادثتك، الطريق كان شاقا للغاية بالنسبة لأشخاص جالسين عاما من السجن داخل زنزانة لا يخرجون منها .. نرى الشوارع فى الطريق من خلال نافذة سيارة الترحيلات، لا تتجاوز فتحاتها 1 سم2".

ووصف السيارة قائلا: "هذه السيارة مقيتة من ضمن الأدوات التى تقتل الإنسان بداخلنا، عبارة عن صندوق حديدى أصم مساحته 2م X 3م = 6م2 ، به 6 شبابيك للتهوية ولا هواء يستطيع الدخول لضيق فتحات الشبابيك التى لا تتجاوز 1سم2 للفتحة الواحدة المحيطة بالأتربة، من المفترض أن يكون بها شفات لكنه لا يعمل، ثلاثون معتقلا يتكدسون داخلها فى الشتاء حيث الرائحة النتنة من قلة الاستحمام بالمياة الساقعة وفى الصيف تستنشقين عرق رفقاء الاعتقال وانفاسهم.. السائق أغبى ما يكون، غير معنى بحمولته، يطوحنا يمينا ويسارا ويقلبنا فوق بعضنا البعض عند توقفه فجأة".

وأضاف: "ننتظر داخل الصندوق نصف ساعه قبل الانطلاق من سجن وادى النطرون الواقع بالكيلو 48 طريق مصر اسكندرية الصحراوى، تمضى بنا فى الطريق بتأمين شبيه بتأمين وزير الداخلية، سيارات مصفحة ومدرعات جيش وبوكسات وسيارات ملاكى وجنود ذات أقنعة سوداء تخفى ملامحهم، يحملون سلاحًا يكفى لإبادة مدينة عن بكرة أبيها، المنظر مهيب لكننا أعتدناه وكسرنا هيبته بابتساماتنا واشارات أيدينا بالنصر رافعينها مظهرين القيود بها، تلك القيود التى نفكها داخل السيارة ببنسة شعر لتسهل حركتنا داخل هذه المساحة الضيقة المكدسة بالاعداد الزائدة".

واستطرد في سرد معاناتهم قائلا: "6م2 تحوى 30 معتقل!! هل تتخيلى هذا؟ أى أن مساحة الفرد الواحد لا تتجاوز 20سم2 للفرد .. هذه السيارة لا تليق بالماشية، لكن فى بلادنا يتم تخصيصها للانسان الذى كرمه الله، لكن الانسان نفسه يتعمد إهانة أخيه الإنسان ضاربًا بتعاليم الشرائع السماوية عرض الحائط ومنتهكًا جميع المواثيق المتكفلة بحقوق الانسان".

وأشار أبو غزالة إلى أنهم عدة ساعات في الخراج بعد وصولهم لمقرمحاكمتهم، حتى أنهم انتظروا في إحدى المرات ما يقرب من الساعتين والنصف داخل هذا الصندوق الضيق، مضيفًا:" ساعتين ونصف غارقين فى عرقنا يستدعى مشهد يوم الحساب الذى ذكر فى الاسلام فهناك من يغرق فى شبر وآخر فى ركبته وهناك من يغرق حتى حلقومه،، لكن جميعنا كنا غارقين فى هذا الابتلاء ، ملابسنا ابتلات كأن السماء أمطرت سيولا درجة حرارتها تجاوزت 40".

وتابع: "هذا الوضع استدعى للذاكرة حديث الخطباء حول عذاب القبر وضمته حينما يخبروننا حديث محمد رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم’’ إن للقبر ضمة لو نجى منها أحد لنجى منها سعد ’ ،ففى بدايات الأزمة -الانقلاب- أدخل إلى هذه السيارة شخص، فقال للضابط ’’أنا مدرس ووضعى لا يسمح لى ركوب هذه السيارة’.’ فأجابه الضابط ’’هذه السيارة ركبها المهندسين والدكاترة والوزراء والسفراء والرؤساء ,,اركب اركب’’.. وهكذا أن كان نجى أحد من عذاب هذا الصندوق لنجى منه خيرة شباب البلد".

وأوضح أن هذا الصندوق المسمى بعربة الترحيلات يملك الكثير من المآسي، فهو أشبه بمشهد اصطياد مجموعة قرود بالبنادق المخدرة ووضعها فى صندوق حديدى متحرك كالذى تعرضه ناشيونال جيوجرافيك أو أحد الافلام.

وقال المعتقل: "أتذكرين قتلى سيارة الترحيلات ال27 ؟ قتلوا داخل هذه السيارة التى أحدثك عنها، رحلوا عن الحياة مع سر قتلهم ،،قيل إنهم احتجوا وأراد الضابط إسكاتهم، وقيل إنهم خطفوا ضابطا داخل الصندوق فتم معاقبتهم".

وأضاف: "من ركوبى لهذه السيارة سأحاول سرد لكى السيناريو الاعتيادى لمثل هذا الحدث،، الجو سيء داخل هذه السيارة، وكانت واقفة مدة طويلة منتظرة اذن دخول كما اأخبرتك بالساعات.. ربما طلب المعتقلون فتح الباب من أجل دخول المياه وفتح الشبابيك وتشغيل الشفات وعادة الأمن لا يبالى بحمولته،، تخيلى أن يوضع 27 شخصا فى مساحة 6م2 بأجواء سيئة ومكبلين اليدين، هذا الصندوق حديدى يشوى من بداخلة بسخونة الشمس، هذا الموت بعينه والتصرف التلقائى هو اللجوء للتخبيط طلبا للنجاه ولكن طوق النجاه تحول لسيف الموت ،،هكذا الحياة عندما تستنجد تستباح"!!!

وتابع: "هكذا بعض الأنظمة تريدك أن تكون مكمما فاهك، لا تنبط ببنط شفاه.. ألا تعبر عن أبسط حقوقك وتفوهت تم قمعك بالاعتقال أو القتل، لم يمت 27 شخصا فى هذا الصندوق فحسب.. أتذكر حسن الحيوان الذى مات فى هذا الصندوق منذ عده سنوات.. بل إن كل يوم تموت الإنسانية فى مئات الأشخاص الموضوعة فى هذا الصندوق".

وختم رسالته قائلا: "أتعلمى أن نقل المعتقلين لمحاكمتهم أمر روتينى رغم قرار المحكمة المسبق، لذى طالبت بأن يستبدل هذا الصندوق بأتوبيس مصفح ولا يركبه من المعتقلين أكثر من عدد الكراسى به.. أردت تحديثك عن بقية أحداث اليوم، ولكن الحديث كثر عن صندوق الترحيلات (القبر المتحرك) سأحدثك فى الرسالة القادمة عن المحكمة، فنحن منذ اعتقالنا يتم نقلنا من صندوق لوضعنا فى آخر، فى كل الأحوال تقضى فتره الاعتقال داخل صندوق من الصناديق القاتلة لمعنى الإنسانية".
سياسة | المصدر: الحرية والعدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 13 اغسطس 2014
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com