Akhbar Alsabah اخبار الصباح

بين إنجازات الرئيس مرسي وتطلعات الناس

صلاح الدين سلطان إنجازات الرئيس مرهونة بإخلاصه ورؤيته وطاقته، وحسن توظيفه للكفاءات حوله، والإمكانات المادية التي فلتت من نهب النظام السابق، ومدى استجابة أجهزة الدولة العميقة التي تكونت منذ عقود قبله، والمعوقات الداخلية والخارجية التي توضع أمامه، وعنصر الوقت الذي هو جزء من العلاج في القوانين الربانية والفطرية والإنسانية، وتطلعات الناس وصلت مع الأنبياء والرسل أن طالبوهم بما ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ) (الإسراء 90 – من الآية93)، ولذا جاء الجواب القرآني الرباني المنطقي يا محمد: قل لتطلعات الناس: (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا) (الإٍسراء: من الآية93)، أي أنتم تطلبون الخيال من البشر وليس عفريتًا من الجن كما قال سبحانه في قصة سيدنا سليمان عليه السلام لما طلب عرش إبليس: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (النمل:39ومن الآية 40)، ولما طلب قوم صالح من نبيهم أن يخرج لهم من الجبل ناقة عشراء أجابهم الله تبارك وتعالى إلى تطلعهم بمعجزة ربانية لكنهم مع هذا لم يؤمنوا مع ما رأوه رأي العين ويحكي القرآن هذا المشهد المأساوي بعد خروج الناقة وتحديد شِرب لها في قوله تعالى: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) (الأعراف: 77-79)، والعجيب أن الأمر قد وصل بتطلعات الناس في مواجهة الرسل إلى حماقة بالغة حيث قالوا بشكل واضح: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (الأنفال: 32)، وهي كارثة أن يتخذ الإنسان مواقف ضد العقل والمنطق وضد نفسه بأن يدعو على نفسه أن تنزل عليه حجارة من السماء أن يسحقه العذاب الأليم حتى لا يؤمن بالحق أو يتعامل مع الأنبياء والرسل حتى قال الله عز وجل: (وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) (يونس:97)، وقد وصل الأمر مع قوم موسى الذين رأوا بأعينهم تسع آيات بينات من المعجزات الربانية منها يده التي تخرج من جيبه بيضاء من غير سوء، والعصا التي تحولت إلى ثعبان يأكل ما يأفكون، وانشق له البحر فكان كل فرق كالطود العظيم، وانخلع الجبل فوق رؤوسهم فصار كأنه ظله، وأنزل الله لهم المن والسلوى ليأكلوا منه صباح مساء، وابتلوا بالدم والضفادع حيث صار يتحول كل شيء من الماء والغذاء إلى دم وضفادع تملأ أديم الأرض، ومع هذا كفروا بالله عز وجل وبنبي الله موسى ورأوا قومًا يعكفون على أصنام لهم، فقالوا: (يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون) (الأعراف: من الآية 138)، وقصة البقرة التي أحيا الله بها من فضح جرائم بني إسرائيل، وفجر الله لهم الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، ومع ذلك قال الله تعالى بعد كل هذه الآيات: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:74)، وعقَّب الله تعالى على ذلك بقوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) (البقرة من الآية 75) أي بعد هذا كله!!!، أما سيدنا عيسى عليه السلام فقد جاء برسالة تصلهم بربهم وتصلح معاشهم ومعادهم، لكنهم قالوا لا نريد شيئًا إلا الطعام كأنه ليس نبيًا بل صاحب مطعم! قال تعالى على لسان بني إسرائيل: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ *قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) (المائدة: من الآية 112-115).

هذه نماذج من تطلعات الناس عندما تتجاوز حدود الإنسان والمكان والزمان، وتطلق للهوى والشيطان العنان، ويتمنى كل واحد أن يكون معه خاتم سليمان يتمنى شيئًا من الرئيس فيقول له: "شُبيك لُبيك الرئيس بين إيديك"، ويسهر الناس في جدال طويل سواء في مجالسهم الخاصة أو في الحوارات أو "الليكات" أو"الكومنتات" أو "النكات" أو"الأفشات" وينام قبل الفجر بلحظات، ويقوم بعد الظهر خبيثًا كسلان، معتذرًا عن الذهاب إلى المكاتب وبهدلة المواصلات، طالبًا بأن يكون د.باسم عوده قد أعد له رغيف الخبز ساخنًا، ووفر له طبق الفول بالزيت الحار والطعمية المحشوة بالتوابل العديدة؛ ليفطر ثم يسأل عن كوب الشاي لترويق المزاج، ويتمدد مرة أخرى إلى التلفاز ليستمع في الظهر إلى البرامج المعادة في الليل، وبعد العصر إلى الأخبار المقلوبة والحوادث الأليمة؛ فيسب الدهر والحكومة والرئيس، ويمتد إلى الإنترنت أو التليفون ليرسل رسائل عزاء في مصر والمصريين والرئيس والشعب، ومع هذا فإن إنجازات الرئيس عديدة كثيرة رغم هذه العواصف واللوافح والاعتصامات والاضطرابات والمؤامرات والسرقات والتشويهات والإفراجات عن أكابر المجرمين، فيكفيه في شهور عديدة إسقاط هيمنة المجلس العسكري السابق، وإلغاء الإعلان الدستوري المكبل، وبسط السيطرة العسكرية في سيناء، وتطوير البنية القتالية لجيشنا العظيم، وزيادة رواتب الشرطة 250%، ومعاشات الضمان الاجتماعي ليستفيد منه مليون ونصف، وإعفاء 44 ألف فلاح من ديونهم، وصرف علاوة اجتماعية بنسبة 15% لكل الموظفين وأصحاب المعاشات، وتضاعفت رواتب أساتذة الجامعات والمدرسين في المدارس، وتم ترميم شبكة الكهرباء، وحل مشكلة الغاز، ومعضلة الخبز، وتوفير 500 مليون جنيه سنويًا بقرار واحد وهو منع طباعة وتوزيع وتعليق صور الرئيس في المؤسسات أو نشر التهاني له، وعقد لقاءات وحوارات مع كل القوى الوطنية تزيد في مجملها كمًا وكيفًا في الأشهر التسعة عن مقابلات الرئيس المخلوع طوال الثلاثين عامًا، وتخفيض استيراد القمح بنسبة 10% في تسعة أشهر، وتحقيق زيادة 9 ملايين طن من الإنتاج المحلي من القمح، والحصول على 2 مليون فدان مزودة بالماء والكهرباء للزراعة والصناعة من السودان لتكتفي مصر من استيراد 75% من احتياجاتها الغذائية طوال النظام السابق.

ومع هذا كله فلنا تطلعات معقولة ونرجو أن تكون مقبولة لدى فخامة الرئيس الهمام أهمها:

أولًا: ألا يغيب عن شعبه في حديث متصل يشاركه الرأي والرؤية، ويقنعه بمشروع النهضة، ويحمِّله المسؤولية معه.

ثانيًا: تطهير الإعلام من الأقزام الذين صدق فيهم قول الله: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) (الواقعة: 82).

ثالثًا: تطهير القضاء من الثلثين من أصحاب النار كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعًا: تقوية الجيش والشرطة واستعادة أمن المواطن وهيبة الدولة وحماية المنشآت.

خامسًا: الإسراع بطرح مشاريع التنمية المتكاملة والمستدامة بأبسط الإجراءات.

هذه بعض إنجازات الرئيس، وتطلعات محبيك من الناس، فاستعن بالله وتقدم وأنجز، فالله معك فخامة الرئيس ولن ندعك تخوض البحر وحدك.
سياسة | المصدر: أ.د.صلاح الدين سلطان | تاريخ النشر : الخميس 25 إبريل 2013
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com