Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الغلاء في مصر من أجل استكمال عاصمة السيسي الجديدة

الغلاء في مصر مع مطلع العام الجديد، تفاجأ المصريون بسيل من القرارات المتوحشة بزيادة أسعار الكهرباء والغاز والمياه والنقل والمترو، وهو ما نجم عنه سلسلة أخرى من ارتفاع أسعار السلع والغذاء والدواء بصورة كبيرة وغير منضبطة وبلا أي رقابة أو تدخل حكومي، إذ إن أسعار النقل وقلة الإنتاج وزيادة الرسوم الحكومية والضرائب ، يسوغ للتجار رفع الأسعار بلا أي رقابة من الدولة، وقد فاقم ذلك رفع الحكومة قيمة الخدمت الحكومية بصورة بشعة تجاوزت 300%، كخدمات الشهر العقاري والتوثيق وجميع المستندات الحكومية ، وهو ما يؤكد انطلاق الغلاء المتوحش بلا قيود أو حدود.

إلا أن المفاجأة التي تكررت كثيرا خلال حكم المنقلب السفيه السيسي، والتي تعود عليها المصريون، وهو اكتشاف أن سبب تلك الزيادات هو استجابة الحكومة لشروط صندوق النقد الدولي، كي يحص على مزيد من القروض ، بعد تفاقم أزمات شح الدولار وانهيار الجنيه المصري.

إلا أن الفاجعة، كانت بالكشف عن أن سبب الاقتراض الذي ينشده السيسي، هو استكال بناء مشاريع العاصمة الإدارية، التي باتت مدينة أشباح، لا يسكنها أحد، سوى ثلة من موظفي بعض الوزارات، الذين يجري نقلهم قسرا بأتوبيسات مكلفة ماليا للوزارات، تتحملهاالحكومة في النهاية.

عاصمة الأشباح

ويسعى نظام السيسي لإخراج مشروع العاصمة الإدارية من نفق مظلم، بعد مرور الحكومة بضائقة مالية حادة، دفعتها إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، أجلت افتتاح العاصمة لعدة مرات، وحولتها إلى مدينة أشباح، وتسعى السلطات إلى جمع 150 مليار جنيه (4.85 مليارات دولار)، خلال العام الحالي من عمليات الطرح، لاستكمال المشروعات التي استدانت من أجلها نحو 58 مليار دولار وفقا لتقديرات الخبراء، و45 مليار دولار كما تشير الأرقام الرسمية.

تتوقع الحكومة أن يصل رأسمال العاصمة الجديدة إلى تريليون جنيه، وتحويلها إلى منطقة ذاتية الحكم إداريا، بعيدا عن سلطات كافة الأجهزة الرسمية بالدولة، فيما تواجه السلطات عجزا في قدرتها على بناء المنطقة السكنية المخصصة للعاملين بالعاصمة الجديدة، حيث توقفت الإنشاءات في العام الماضي، عند تجهيز 3 آلاف وحدة سكنية لكبار الموظفين الحكوميين، بينما توقفت عند بناء 15 ألف وحدة لباقي الموظفين بمدينة بدر الواقعة على طريق السويس والحدود الشمالية للمدينة (شرق القاهرة)، من بين 30 ألف وحدة سكنية وعدت الحكومة ببنائها مع بداية تشييد العاصمة عام 2017.

لم تتمكن الحكومة من الوفاء بما تعهدت به خلال العامين الماضيين بنقل 50 ألف موظف للسكن الدائم في المنطقة السكنية القريبة من الحي الحكومي، الذي يضم مباني الوزارات والبرج الأيقوني الذي أقامته شركة مقاولات صينية، بكلفة تقدر بنحو 3.7 مليارات دولار.

طرح بالبورصة

فيما تسرع الحكومة الخطى لإنهاء نقل الأصول العامة إلى شركة العاصمة الإدارية الجديدة، خلال يناير الجاري، لإعادة هيكلة الأصول المملوكة بنسبة 51% للجيش و49% لوزارة الإسكان، تمهيدا لطرح 10% من الشركة أمام المستثمرين والأفراد في بورصة الأوراق المالية.

ومع غياب موعد رسمي لافتتاح العاصمة الجديدة حتى الآن، تظل الحياة داخل المدينة قاصرة على العمال والموظفين العموميين وقليل من الزائرين مع ندرة المستثمرين الذين يقبلون عليها.

يؤكد مطورون عقاريون أن النشأة الفارهة للعاصمة وتخطيط الحكومة على أن تكون ذات مبان فاخرة ومستويات اجتماعية عالية، جعلا أغلبية المواطنين والشركات المتوسطة والصغيرة تحجم عن الاستثمار فيها، مشيرين إلى وجود مغالاة شديدة في أسعار الأراضي والمباني، بينما تتدني القوة الشرائية للكثير من المصريين مع تراجع قيمة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية يتوقع استمرارها طوال العام الجاري.

ترتفع أسعار الأراضي في المناطق السكنية بين 25 ألفا و30 ألف جنيه، تصل إلى 60 ألف جنيه للمتر السكني العادي، فيما تقفز إلى 250 ألف جنيه في أبراج حي المال والأعمال، و90 ألف جنيه للمتر التجاري في باقي الأحياء.

منطقة اشباح

تتحول العاصمة الإدارية إلى منطقة أشباح يصعب التنقل بين طرقها، في ظل تقطع شبكات الإنترنت، ووجود تحويلات مفاجئة في مسارات الطرق، تربك سائقي السيارات، فلا ينقذهم من التيه إلا سائقو عربات النقل الثقيلة.

وتعول الحكومة على جذب استثمارات للمدينة من عوائد بيع بواقي أراضي المرحلة الأولى التي تبلغ مساحتها 40 ألف فدان، وبيع نحو 2000 فدان لإقامة مصانع جديدة، ورفع رأس المال لشركة العاصمة من 55 مليار جنيه (1.77 مليار دولار)، إلى ما بين 250 و300 مليار جنيه خلال 3 أشهر، مع تحقيق أرباح في حدود 25 مليار جنيه خلال العام الجاري.

تستهدف الإجراءات جذب المشترين لأسهم الشركة التي ستطرح في البورصة قبل نهاية 2024، مع بيع جزء من الأسهم للمستثمرين الأجانب والعاملين في الخارج بالعملة الصعبة.

وفي نوفمبر الماضي، قال رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية في تصريحات إعلامية: إن “الشركة قامت بجدولة أقساط أراض بقيمة 10 مليارات جنيه في 150 مشروعا في العاصمة الإدارية تيسيرا على المطورين”.

وأضاف أن العاصمة الإدارية تتضمن 500 مشروع يجري تنفيذها، وتقدمت الشركات المطورة لنحو 350 مشروعا لإعادة جدولة وتم تأجيل أقساط الأراضي، وتم قبول طلبات 150 مشروعا هي التي استوفت الأوراق واستكملت الإجراءات.

وقال مسؤول في إحدى شركات التطوير العقاري: إن “عدد الشركات التي طلبت جدولة أقساط الأراضي ضخم، فهو يمثل 70% من إجمالي المشروعات في العاصمة، ويعبر عن حجم التعثر الذي تواجهه هذه الشركات”.

وأضاف أن هذه المشروعات هي التي تعطي صورة حقيقية عن إعمار العاصمة، لأنها سكنية وبالتالي توقف الأعمال فيها أو تباطؤها يزيد احتمال تحقق سيناريو تحول العاصمة إلى مدينة أشباح حقيقية.

هيكلة الديون

ومؤخرا، كشف مسئولون بوزارة المالية، أن الارتفاعات الجديدة في أسعار الكهرباء وعدد من الخدمات تعد جزءا من الإصلاحات الهيكلية التي تجريها الحكومة للمساعدة في سد عجز الموازنة، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي.

ووفق نشرة “إنتربرايز” الاقتصادية المحلية، فإن المناقشات مع صندوق النقد الدولي وصلت إلى مرحلتها الأخيرة وقد تركزت بشكل أساسي حول قدرة الحكومة على تنمية الإيرادات، وخفض عجز الموازنة، وضبط سعر الصرف.

ومن المتوقع أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق خلال الربع الأول من العام، كما تعمل مصر وفقا لشروط برنامج القرض الموقع مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار وتفتح الباب لتلقي حزمة مساعدات أكبر يمكن أن تصل إلى 10-12 مليار دولار.

ويسارع السيسي الزمن للحصول على مزيد من القروض، التي سيوجهها نحو استكمال مشاريع العاصمة الإدارية، التي لن يستفيد منها سوى أقل من 1% من المصريين، بينما يدفع الفاتورة باقي الشعب المصري من غلاء وضرائب ورسوم وارتفاعات بأسعار الكهرباء والوقود والنقل والمواصلات وغيرها.
إقتصاد | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : السبت 06 يناير 2024
أحدث الأخبار (إقتصاد)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com