Akhbar Alsabah اخبار الصباح

حبوب الهلوسة بين أيدي تلاميذ مدارس ليبيا

مدارس ليبيا يواجه تلاميذ المدارس في ليبيا مخاطر عدة تزايدت بسبب هشاشة أوضاع البلاد، والانهيار الأمني الذي تعاني منه في ظلّ الحروب المستمرة، ومن بين هذه المخاطر تفشي تعاطي المخدرات لا سيما أقراص أو حبوب الهلوسة، وسط تحذيرات مختصين من انتشار عشرات الأصناف الجديدة من هذه الحبوب.

عرف وليد، عن طريق الطبيب الذي يعالجه من الإدمان، أنّ الحبوب التي كان شقيقه الذي يكبره بعامين يعطيها له عندما كان في الصف السادس الأساسي، حبوب مخدرة. ويقول عاطف السعيطي، الطبيب الذي عالج أيضاً شقيق وليد، إنّ حبوب "ترامادول" و"باركينول" أكثر أنواع الحبوب المخدرة شيوعاً بين تلاميذ المدارس، مشيراً إلى أنّ الحالات التي أشرف على علاجها زادت على الأربعين، وهو "عدد لا يشكل ظاهرة لكنّه يدق ناقوس الخطر"، بحسب الطبيب. يضيف السعيطي، وهو طبيب مختص بعلاج الإدمان في مصحة الإدارة في بنغازي (شرق) لـ"العربي الجديد" أنّ حالات الإدمان من جراء هذه الحبوب قد تكون أخف وطأة بكثير من الإدمان على أنواع أخرى من المخدرات، لكنّ هذه الحبوب هي الأكثر انتشاراً بسبب رخص أسعارها وتوافرها في بعض الأحيان في الصيدليات التي من المفترض ألاّ تبيعها إلاّ وفق وصفة طبية رسمية.

ولاحظ والد وليد أعراضاً على ابنه، منها اضطراب نومه وتفضيله العزلة قبل أن يعترف له ابنه بتعاطي حبوب "آرتان". يقول الوالد لـ"العربي الجديد" إنّه عوّد ابنه على الصراحة معه والاقتراب منه كصديق، لكنّه يتساءل: "كم من طفل لم يعتد على هذا النوع من التربية، فيعاني من مشاكل التعاطي؟ أعتقد أنّهم كثر في ظل انفلات أوضاع البلاد". وبحسب حديث السعيطي مع مرضاه فإنّ ما تمنحه الحبوب من هدوء وراحة للأطفال هو السبب الرئيس في إقبالهم عليها، خصوصاً أنّ بعضهم يعيش ظروفاً أسرية متقلبة بسبب النزوح أو الخوف من أصوات الرصاص والقذائف وغيرها من المؤثرات.

ويشدد السعيطي على أهمية النشاطات الترفيهية لملء الفراغ لدى التلاميذ، بالإضافة لضرورة مواكبة الأسر لأبنائها في الفترات ما بين خروجهم من المدارس حتى وصولهم إلى البيوت، وبالعكس. ويلاحظ السعيطي من خلال حديثه مع مرضاه عدم تأدية مكاتب الإرشاد المدرسي دورها في الإصغاء للتلاميذ: "أغلب التلاميذ لا يرغبون في الاعتراف بتورطهم في تناول الحبوب المخدرة لأسرهم، ويمكن لمكاتب الإرشاد أن تملأ هذا الفراغ بالاقتراب مع مشاكل التلاميذ بدلاً من تركهم يواجهون مصيراً مجهولاً".

منذ عام 2013، واصلت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الحكومية، نشر أنباء حول ضبطها كميات ضخمة من حبوب "ترامادول" أثناء تهريبها عبر منافذ البلاد، لكنّ اللافت فيها تسربها إلى أيدي التلاميذ في المدارس من الجنسين، بحسب فوزي الزوي، الضابط بمكتب فرع الإدارة العامة للمخدرات في أجدابيا، شرقي البلاد. واضطرت إدارة مكافحة المخدرات بسبب انتشار حبوب الهلوسة هذه بين التلاميذ إلى استحداث جهة مسؤولة عن ملاحقة مروجيها في المدارس تحت مسمى "مكتب تحريات وجمع المعلومات بالمؤسسات التعليمية". وقد أعلن المكتب في سبتمبر/ أيلول 2019 عن ضبط عصابة تروج المخدرات بين التلاميذ وفي حوزتها كمية من حبوب "ترامادول" وصلت إلى أكثر من 34 ألف حبة، ثم عصابة أخرى بحوزتها كمية تقدر بنحو 96 ألف حبة "باركينول" ويشتهر الأخير بين التلاميذ باسم "آرتان".
من جهته، أعلن مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، العقيد أبو بكر عطية، أنّه حتى مطلع العام الجاري، لم يتجاوز ما تم ضبطه من الأقراص المخدرة 5 في المائة من مجمل ما يجري تهريبه إلى البلاد، أي إنّ النسبة المتبقية هائلة، وتستدعي وقفة حكومية جادة لمراقبة الحدود والمنافذ. وخلال السنوات الماضية اعتبرت تجارة حبوب الهلوسة من أهم مصادر تمويل المجموعات المسلحة، خصوصاً المرتبطة بعصابات التهريب عبر الحدود البرية أو المسيطرة على المنافذ البحرية.

ويشير الزوي، إلى معاناة عشرات التلاميذ من مضاعفات الإدمان من دون أن يتلقوا العلاج بسبب تكتم أسرهم، موضحاً أنّ "بعض الأسر تعتقد أن منع الطفل من تعاطي الأقراص كافٍ، من دون تلقيه علاجاً لدى المختصين"، مؤكداً أنّ مضابط الشرطة احتوت على عدد من بلاغات إدارات المدارس بشأن ضبط حبوب هلوسة في حقائب التلاميذ. كذلك، يرجح الزوي أنّ من أسباب انتشار تعاطي حبوب الهلوسة بين التلاميذ عدم تمكن أسرهم من ملاحظتها كونها لا تترك آثاراً كتدخين الحشيش مثلاً، لافتاً إلى أنّ الجهات الضبطية ما زالت تودع متعاطي حبوب الهلوسة في سجون الأحداث بدلاً من تطوير تعاملها مع هذه الحالة بتوفير العلاجات الخاصة بهم للتخلص من الإدمان.
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأربعاء 09 ديسمبر 2020
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com