Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الحراك الشعبي الجزائري بين التفاؤل والتشكيك

الحراك الشعبي في الجزائر بإيداع الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال -الذي أدار حملة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ثلاثة انتخابات رئاسية- الحبس المؤقت أول أمس الخميس في سجن الحراش بالجزائر العاصمة يكتمل تقريبا مسلسل الإيقاع بمعظم أركان نظام بوتفليقة.

وسلال هو ثاني رئيس وزراء سابق يودع السجن المؤقت على ذمة قضايا فساد بعد أحمد أويحيى الذي دخل نفس السجن الأربعاء الماضي عقب مثوله أمام المحكمة.

وقبل أكثر من شهر، أودع السجن السعيد بوتفليقة شقيق بوتفليقة، وكان يوصف بأنه الحاكم الفعلي طوال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى مديري الاستخبارات السابقين محمد مدين وبشير طرطاق.

وكان السجن أيضا نفس مصير أحد الوزراء المقربين من بوتفليقة، ورؤساء أحزاب داعمة له في انتظار الفصل قريبا في ملفات ستة وزراء آخرين على ذمة التحقيق لدى المحكمة العليا، بينهم رئيس حزب الأغلبية السابق جمال ولد عباس، والوزير السابق عمر غول، فضلا عن عدد من كبار رجال الأعمال الموالين للنظام.

تفاؤل حذر
وحسب لوائح الاتهام القضائية، فإن هؤلاء جميعا مهددون بعقوبات قاسية تصل وفق القانون الوطني إلى الإعدام والسجن المؤبد، ومع ذلك فإن الشارع الجزائري يبدي تفاؤلا حذرا إزاء ما يجري.

وبقدر ما بعثت تلك الاعتقالات الطمأنينة في نفوس المتظاهرين، فإن بعضهم يتوجسون من مصير الحراك، ويرون أن الزج برجال بوتفليقة بالجملة في السجون لا يعني نجاح الثورة في بلوغ هدفها الأسمى نحو التغيير الشامل.

بل يشكك جزء من هؤلاء في دوافع ما يجري، مستحضرين السيناريو المصري قبل وبعد انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013، حيث تمت في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي تبرئة جميع أركان نظام حسني مبارك.

ويعتبر رئيس حركة البناء الوطني (حزب إسلامي) عبد القادر بن قرينة تلك الملاحقات جزءا أساسيا من مطالب الحراك الشعبي، ويرى أن "أهم دوافعها هو حجم الفساد، وتكتل قوى النظام المالية السياسية، وكذلك ارتباطها بالأجندات الخارجية، خاصة محاولة الانقلاب على القيادة العسكرية، والدفع إلى مواجهة المسيرات بالعنف".

وقال بن قرينة للجزيرة نت إن ذلك جعل الجيش يدعم الشعب في الإطاحة بقوى متجذرة كان من الصعب وضعها في السجون لولا حماية الجيش مسار الانتفاضة، ومرافقة القضاء في الإجراءات القانونية التي كانت تعطلها "الزمرة الفاسدة"، على حد وصفه.

ربراب وساويرس
من جهته، يفرق الناشط السياسي جمال ضو بين الثورتين المصرية والجزائرية، موضحا أن الأولى شهدت عمليات تعفين قامت بها المخابرات، بينما في الثانية لم يمارس الجيش أي عنف أو يصطنع صدامات مع المتظاهرين فلم تسل قطرة دم واحدة.

وقال ضو للجزيرة نت إنه بعد الثورة اعتقلت السلطات المصرية الرموز السياسية للنظام دون المساس برجل أعمال واحد، فبقيت شبكة المال الفاسد طليقة، وعلى رأسها نجيب ساويرس، في حين كان بعض هؤلاء يؤسسون الأحزاب السياسية.

وفي الجزائر -يوضح الناشط السياسي- ركز الجيش على جميع الأذرع المالية لنظام بوتفليقة والدولة العميقة، مشبها رجل الأعمال الجزائري المعتقل يسعد ربراب مؤخرا بساويرس، ليخلص من خلال ذلك إلى الفرق الواضح بين طريقة تعامل قيادة الجيش في البلدين.

واعتبر أن المحاكمات في الجزائر تعكس صراعا بين أجنحة السلطة وليست مجرد ذر رماد في العيون لإرضاء الحراك، مما يرجح مكوث المعتقلين في السجن لسنوات، لأن نفوذهم وقوتهم المالية والأمنية تشكل خطرا على مشروع قيادة الجيش.

وختم ضو كلامه بالقول "نستطيع أن نقول إن مصالح أغلب مكونات الحراك تلاقت مع مصالح الجيش في التخلص من الدولة العميقة، وهو ما يجعل تكرار السيناريو المصري مستبعدا تماما".

وهو نفس التوقع الذي يؤيده الوزير السابق بن قرينة، معتبرا أن "البديل اليوم في الجزائر ليس اصطفافا أيديولوجيا مثل الإخوان في مصر، وبالتالي فلا توجد حالة دافعة للاستعداء ضدها، بل ستكون الحالة السياسية تنافسية ضمن رؤية شعبية متعددة الأطياف".

صمام الأمان
من جهته، يرى الناشط السياسي حسين بوبيدي أن "الحرب على الفساد وأركان النظام ليست بديلا عن الدفع السريع بآليات المعالجة السياسية إلى الواجهة".

وهو يعلل ذلك بأن حماية كل مكتسبات الحراك تكون باسترجاع الشعب سلطته المصادرة عبر تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور لتجاوز الواجهة الموروثة عن العهد البائد، وفق تعبيره.

وقال بوبيدي -وهو أستاذ تاريخ في جامعة قسنطينة- للجزيرة نت إن تأمين الثورة يمر عبر التوافق بين أبنائها انطلاقا من المبادرات التي قدمتها الأحزاب الوطنية والشخصيات العلمية والسياسية للوصول إلى الانتخابات التي هي مصدر الشرعية الوحيد.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : السبت 15 يونيو 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com